لاشيت رئيساً لـ"المسيحي الديمقراطي" الألماني: تحدّي حفظ إرث ميركل

لاشيت رئيساً لـ"المسيحي الديمقراطي" الألماني: تحدّي حفظ إرث ميركل

16 يناير 2021
لاشيت (يسار) يتلقى التهنئة من ميرز (Getty)
+ الخط -

انتُخب المعتدل أرمين لاشيت، المؤيد لاستمرار السياسة الوسطية لـأنجيلا ميركل في ألمانيا، السبت، رئيساً لحزب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي".

وحصل لاشيت على أغلبية تمثلت في 521 صوتاً من أصل 1001 مندوب تمت دعوتهم إلى التصويت، متقدماً بذلك على فريدريش ميرز (466 صوتاً) المنافس التاريخي للمستشارة والمؤيد لتوجيه الحزب إلى اليمين، حسب نتائج الاقتراع الداخلي. وأصبح لاشيت في موقع يسمح له بقيادة المعسكر المحافظ للانتخابات العامة في سبتمبر/أيلول المقبل.

وانتخب في الجولة الأولى 992 مندوباً، ونال المرشح ميرز 385 ولاشيت 380 صوتاً، فيما حل المرشح روتغن ثالثاً مع 224 من الأصوات. وفي الجولة الثانية، وبعدما لم يتمكن أي من المرشحين من الحصول على أغلبية الأصوات من الجولة الأولى، تنافس كل من ميرز ولاشيت، وتمكن الأخير من انتزاع أكثرية أصوات المندوبين.

وبذلك، يكون رئيس وزراء ولاية شمال الراين فستفاليا، أرمين لاشيت (59 عاماً)  الزعيم التاسع للحزب العريق، أمام تحديات كبيرة، ليس أقلها عدم حدوث شرخ حزبي مع تقدم "المسيحي الديمقراطي" بنسبة 36% في استطلاعات الرأي على باقي الأحزاب في ألمانيا ، هذا عدا عن التحضير للانتخابات في عدد من الولايات الألمانية، في الطريق إلى الانتخابات البرلمانية العامة المقررة خريف عام 2021، والتوافق حول الشخصية الحزبية التي ستخوض المنافسة لمنصب مستشار عن "الاتحاد المسيحي الديمقراطي".

وبينما غابت أي مرشحة في الانتخابات، يخلف لاشيت الزعيمة المستقيلة آنغريت كرامب كارنبور، وقد برزت أمنيات في أن تسير القيادة الجديدة على نهج ميركل وتحافظ على إرثها السياسي، والتي حققت الاستقرار على مدى أربع ولايات متتالية في ألمانيا في السياسة والأمن والاقتصاد.

وكانت مجلة "فوكوس أون لاين" قد ذكرت أنّ لاشيت مهتم بالاستمرار في السير على خطى وسياسات المستشارة، فيما أشارت إلى أنّ منافسيه؛ الرئيس الأسبق لكتلة الحزب فريدريش ميرز ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان نوربرت روتغن، رغبا في التحديث على طريقتهما وأخذ الحزب في اتجاهات مختلفة.

وكان موقع "إكسبرس أونلاين" قد أشار إلى أن لاشيت حظي بتأييد النساء داخل صفوف المندوبين، وهن من كرّسن فوز كارنبور عام 2018، ويشكلن حوالى ثلث الأصوات.

أما ميرز فقد روّج لما كان في السابق مزيجاً كلاسيكياً من اقتصاد السوق والمواقف المحافظة، بينما أبدى روتغن اهتمامه بتحديث الحزب مع الحفاظ على القيم التي تأسس عليها. وينتمي ميرز وروتغن إلى مجموعة السياسيين الذين انقطعت حياتهم المهنية بشكل مفاجئ عن ميركل على مدى عقدين من الزمن، ويقال إن ميركل كسرت طموحاتهما السياسية.

ولم تتردد التعليقات في وصف ميرز بأنه كان ثالث ثقل سياسي داخل "المسيحي الديمقراطي" بعد المستشار الأسبق هيلموت كول، ورئيس البرلمان الحالي فولفغانغ شويبله. وكان وصول ميرتس أو روتغن في زمن ميركل يعني فرض قطيعة مع حقبتها قبل نهاية ولايتها الرابعة والأخيرة الخريف المقبل.

وبعد التصويت الرقمي للزعيم الجديد للحزب وأعضاء هيئة الرئاسة واللجنة التنفيذية الفيدرالية، سيصار إلى إرسال الأصوات بالبريد، لأن التصويت عبر الإنترنت وحده غير صالح قانونياً بموجب قانون الأحزاب السياسية المعمول به في البلاد، لتكون بعدها نتيجة الانتخابات ملزمة وقانونية، وفق ما ذكر الحزب على موقعه على الإنترنت.

وكان المرشحون الثلاثة قد وافقوا على قبول نتيجة الانتخابات عبر الإنترنت، والإعلان اللاحق للنتيجة يوم 22 يناير/كانون الثاني الحالي، أي بعد أسبوع من حصول الانتخابات رقمياً.

وتمكنت حكومات ميركل الأربع من تحقيق التطوير والابتكار والنمو لألمانيا، وكذلك بالنسبة لأوروبا، وهذا ما مكّن حزبها من الاستمرار في الريادة متقدماً على باقي الأحزاب، ما عدا فترة الضمور النسبي التي عاشها خلال فترة الانتخابات البرلمانية العامة عام 2017، بعد وصول موجات اللاجئين عام 2015 وبروز الحزب اليميني الشعبوي "البديل من أجل ألمانيا".

وأمام هذا الواقع، برزت الدعوات من القادة السياسيين إلى الحفاظ على التوجه الأساسي للحزب تحت قيادة ميركل.

وأبرز تلك الدعوات كانت لرئيس وزراء ولاية بافاريا ماركوس سودر، المرشح المحتمل لمنصب المستشار، الذي قال أخيراً، في حديث مع مجموعة "فونكه" الإعلامية، إنّ "أي شخص يعتقد أنه بإمكانه الفوز في الانتخابات الفدرالية من خلال الانفصال عن أنجيلا ميركل هو مخطئ تماماً، ميركل واحدة من كبار المستشارين الألمان، وتقف في نفس المرتبة مع كونراد أديناور وهيلموت كول، وهناك توافق تام وعلى مستوى عال حول شخصها وسياستها في ألمانيا، ويجب الحفاظ على إرثها، وفي الوقت نفسه مواءمته مع الأفكار الجديدة".

وعن أهمية اعتماد الحزب لخيارات ميركل، كانت التعليقات الأخيرة للمستشارة أوضح، ومنها ما يتعلق باستمرار التعاون وبناء أوروبا معاً، مع وجود الكثير من التحديات، بينها التغير الديمغرافي وتبدل المناخ وأزمة كورونا التي شلت دول الاتحاد الأوروبي.

وتشدد ميركل على أن قوة ألمانيا تكمن في شعبها، وأن لديها ثقة في كل فرد من أبناء مجتمعها الذي اكتسب القوة والمرونة، وأن حزبها "المسيحي الديمقراطي" سيعمل دائماً على ضمان إمكانية التغلب على الصراعات.

وأبرزت شبكة "ايه آر دي" الإخبارية أنّ ميركل اتخذت ولسنوات مسارها وطريقها الخاص في إدارة الأزمات بأسلوبها البراغماتي وتواضعها الذي تميزت به كمستشارة، وهذا ما استمر نسبياً مع خليفتها كرامب كارنبور، التي قررت الاستقالة بعد عام من تسلمها المنصب على خلفية انتخابات رئيس وزراء ولاية تورينغن.

تجدر الاشارة إلى أن "المسيحي الديمقراطي" تأسس بعد الحرب العالمية الثانية، وهو يجمع بين المواقف المحافظة والليبرالية والمسيحية الاجتماعية. ويضم الحزب حوالي 400 ألف عضو حتى ديسمبر/كانون الأول 2019 ، ما يجعله ثاني أكبر حزب بعد "الاشتراكي الديمقراطي". ويترأس مسؤولوه حالياً 6 حكومات ولايات من 16 ولاية.

المساهمون