كيف ساهم المدنيون الأوكرانيون في كسب معركة كييف؟

09 مايو 2022
+ الخط -

في الوقت الذي قاتلت فيه القوات الأوكرانية لصد القوات الروسية في منطقة كييف؛ قاتل القرويون الأوكرانيون على طول الطريق السريع رقم 7، بطريقتهم الخاصة، حيث حددوا الأهداف للمدفعية الأوكرانية على طول شريان الحياة الحيوي، الذي اتخذته روسيا مساراً لهجومها على العاصمة، وفق تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وفق التقرير، فقد تبادل القرويون المواقع مستخدمين تطبيق "غوغل مابس" مع السلطات المحلية، الأمر الذي جعل الطريق السريع الممتد بين الحدود الروسية وكييف موقعاً لهزيمة لوجستية كبيرة لموسكو. حيث ساعدت المعلومات الاستخباراتية التي قدمها المدنيون في استهداف العديد من الوحدات الروسية.

وبحسب مسؤولين أوكرانيين ومحللين دفاعيين تنقل عنهم "وول ستريت جورنال"، فإن الضربات ضد التشكيلات الروسية القادمة حالت دون وصول التعزيزات والإمدادات المهمة إلى كييف من الشرق، الأمر الذي أدى إلى نقص في عدد القوات الروسية وإمداداتها.

وبحلول نهاية شهر مارس/آذار، قررت روسيا أن محاولتها للاستيلاء على كييف قد فشلت، وجاءت الحملة الروسية الأكثر تركيزاً على كييف من الشمال، حيث حاولت أرتال متتالية من المدرعات الاستيلاء على العاصمة. لكن الروس اعتمدوا بشكل كبير على طريق إمداد أطول بكثير، مستخدمين الطريق السريع رقم 7، وهو طريق بطول 230 ميلاً (370 كلم)، يمتد من مدينة سومي الأوكرانية إلى مقربة من كييف. وهناك عمّقت المقاومة الأوكرانية الأزمات التي واجهتها القوات الروسية.

واحدة من أكبر المعارك التي دارت حول هذا الطريق، كانت حول ضاحية بروفاري، قرب كييف، حيث تعرّض فوجان من فرقة الحرس 90 للدبابات، لكمين من القوات الأوكرانية المضادة للدبابات وسلاح المدفعية.

وبحسب تيتيانا تشورنوفول، البرلمانية الأوكرانية السابقة، والتي قاتلت القوات الروسية مستخدمة أسلحة مضادة للدبابات في معركة بروفاري؛ فإن المعلومات الاستخباراتية التي قدمها القرويون على الطريق السريع كانت ذات تأثير حاسم لوحدات المدفعية.

لقد عمل القرويون الذين وقعوا تحت الاحتلال الروسي على طول هذا الطريق، منذ أواخر فبراير/شباط، بجد لإخبار السلطات الأوكرانية عن مواقع القوات الروسية وأسلحة المدفعية والدبابات التابعة لها، مستعينين بقوات الشرطة الأوكرانية في بداية الأمر.

وتنقل "وول ستريت جورنال" عن أندري نيبيتوف، قائد شرطة منطقة كييف، قوله: "كان هناك العديد من فرق الجنود الروس الذين كانوا يسافرون بين سومي وبروفاري، وقد حاولت هذه الفرق الاختباء في الغابات، ولذلك كانت المعلومات مهمة".

لاحقاً، ولتبسيط العملية أمام المقاومين المدنيين؛ أطلقت "وزارة التحوّل الرقمي" الأوكرانية، والتي تأسست لأول مرة عام 2019، "بوتات" (روبوتات) محادثة على تطبيق "تيليغرام"، كانت تسمح للأوكرانيين بمشاركة مواقع القوات الروسية عبر الإنترنت، في قاعدة بيانات واحدة تتبع لأجهزة الأمن. كما تمت إعادة تصميم تطبيق "كييف ديجيتال"، والذي كان مخصصاً لمساعدة السكان في دفع تذاكر وقوف السيارات وإخطارهم بانقطاع المياه المؤقت؛ ليمكّن المستخدمين من تحديد تحركات القوات الروسية، وتقديم مواقعها إلى الفرق العسكرية الأوكرانية.

وتنقل الصحيفة عن أوليغ جدانوف، وهو خبير عسكري أوكراني مستقل، قوله: "تم تقديم جميع المعلومات إلى هيئة الأركان العامة ليتمّ التحقق منها،.. وفي حال التثبّت من البيانات كان يتمّ إطلاق النار". ويضيف: "كانت المعلومات مهمة بشكل خاص خلال الأسابيع الأولى من الاجتياح، عندما كانت أرتال المدرعات الروسية تتوافد تباعاً مستخدمة الطريق".

وبحسب جدانوف، فإنه خلال الأسابيع التالية، ساعدت هذه البيانات على إيقاف إمدادات الوقود والمياه والغذاء المقدمة للقوات الروسية، الأمر الذي تسبب في تدهور أداء هذه القوات حول كييف.

وقدمت منصّات إلكترونية تعليمات للمدنيين، حول توفير "الموقع والحركة وحجم المعدات العسكرية وعدد الأفراد". في حين شرحت منصات أخرى للمدنيين كيفية "إسقاط الدبابيس" على خرائط غوغل، لإرسال المواقع إلى الأجهزة الأمنية، وذكَّروا المستخدمين بضرورة حذف رسائلهم لمنع القوات الروسية من القبض عليهم.

في نهاية المطاف، قررت القوات الروسية الانسحاب من منطقة كييف، بعدما باتت على قناعة تامة بأنها محاصرة من قبل "الأعداء".