كيف تستفيد الصين من تراجع الولايات المتحدة؟

27 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 04:03 (توقيت القدس)
مناورات للجيش الصيني في شانغشون، 21 سبتمبر 2025 (جانغ شيانغ يي/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت الأشهر الماضية حراكاً دبلوماسياً مكثفاً بين حلفاء الولايات المتحدة في آسيا وأوروبا لتعزيز العلاقات بعيداً عن المظلة الأمنية الأميركية، نتيجة لسياسات ترامب الحمائية.
- وسائل الإعلام الصينية تشير إلى أن الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة يسعون لتقليل الاعتماد على واشنطن وتعزيز استقلاليتهم الاستراتيجية، مما يفتح المجال أمام الصين لتعزيز نفوذها.
- تعبر الصين عن قلقها من التفاعلات المتزايدة بين القوى الغربية ودول الجوار الآسيوية، في ظل تراجع النفوذ الأميركي، مما يدفع الدول الآسيوية لتعزيز شراكاتها الدفاعية مع الغرب.

شهدت الأشهر الماضية حراكاً دبلوماسياً غير مسبوق بين حلفاء الولايات المتحدة في منطقتي آسيا وأوروبا، وكذلك الأمر في الحديقة الخلفية لواشنطن، ما أثار تساؤلات حول دوافع هذه القوى للتحرك خارج المظلة الأمنية الأميركية، ومدى فرص الصين في استغلال الفراغ الذي تخلفه سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب

الحمائية. وفي وقت سابق من الشهر الحالي، أعلنت أستراليا عن عقد اجتماع هام لوزيري الخارجية والدفاع مع نظيريهما اليابانيين في طوكيو ضمن ما يعرف بقمة 2+2 بين البلدين. جاء ذلك في إطار سعي البلدين إلى تعزيز العلاقات الثنائية بهدف تحقيق الاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. أيضاً قبل أيام قليلة، التقى رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، في أول زيارة يقوم بها زعيم كندي إلى مدينة مكسيكو منذ ثماني سنوات، الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم، ودعا الجانبان إلى حقبة جديدة من التعاون الثنائي بين الجارتين المباشرتين للولايات المتحدة. وبالمثل، سعت بولندا أخيراً إلى تعزيز علاقاتها الدفاعية مع كوريا الجنوبية، بينما يسعى كل من الاتحاد الأوروبي وكندا إلى توثيق علاقاتهما الدفاعية والتجارية مع الفيليبين في أقصى جنوب شرقي القارة الآسيوية.


لين تشين: هناك إدراك متأخر بأن الولايات المتحدة ليست شريكاً يمكن الاعتماد عليه والوثوق به

عالم حلفاء أميركا الخاص

في تعليقها على ذلك، قالت وسائل إعلام صينية، أمس الجمعة، إن حلفاء الولايات المتحدة يشكلون عالمهم الخاص مع تراجع أميركا ترامب، وذلك من خلال تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة وتعزيز العلاقات في ما بينهم، وكذلك تعزيز استقلاليتهم الاستراتيجية، وبناء موقف أكثر موضوعية تجاه الصين في ظل نظام دولي متعدد الأقطاب ومتغير باستمرار. وبالتالي تصبح القوى المتوسطة المتشابهة في التفكير أكثر قدرة على تحديد شروطها الخاصة. وأشارت في هذا الصدد إلى عدة نقاط، منها: ابتعاد إدارة ترامب عن شركائها الرئيسيين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وعبر الأطلسي على حد سواء في قضايا جيوسياسية رئيسية. أيضاً تهميش الولايات المتحدة أوروبا فعلياً خلال مفاوضاتها النووية مع إيران. أما بالنسبة لروسيا، فلم يرفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب تبني الموقف الأوروبي بشأن الصراع الأوكراني فحسب، بل خفف عزلة روسيا بلقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الأراضي الأميركية.

ورأى أستاذ الدراسات السياسية في معهد قوانغ دونغ، لين تشين، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الحراك الدبلوماسي الذي تشهده الساحة الدولية ينطلق من مخاوف مشروعة وإدراك متأخر بأن الولايات المتحدة ليست شريكاً يمكن الاعتماد عليه والوثوق به، "وقد رأينا كيف فرض ترامب رسوماً جمركية على الحلفاء والخصوم من دون أي تمييز أو استثناءات". وأضاف أن تجربة اليابان وكوريا الجنوبية تمثل أكبر درس للقوى الغربية، لافتاً إلى أن إدارة ترامب مارست ضغوطاً كبيرة على حليفيها الرئيسيين في المنطقة، للانخراط في أي حرب محتملة مع الصين إذا فكرت الأخيرة باستعادة تايوان بالقوة. وهذا أزعج طوكيو وسيول، ما دفعهما باتجاه البحث عن خيارات بديلة عبر تحالفات إقليمية ودولية لبناء قدرات دفاعية ذاتية. وبشأن فرص بكين واستثمارها في هذا الجانب، قال لين إن التقارب بين الغرب والشرق يمثل تحولاً مهماً في مقاربة هذه القوى للنظام الدولي، وهذا ينسجم بطبيعة الحال مع رؤية الصين ودعوتها لعالم متعدد الأقطاب. وأضاف أن صعود الصين سواء على المستوى الاقتصادي أو العسكري، يمثل رافعة لهذه القوى من أجل بناء قدرات وخلق تحالفات أكثر فاعلية في مواجهة التقلبات السياسية التي يشهدها العالم اليوم.


تشاو يين: الصين يجب ألا تكون سعيدة بمثل هذه التفاعلات بين قوى غربية ودول الجوار

وجوب انتباه الصين

في المقابل، أعرب الباحث في العلاقات الدولية المقيم في هونغ كونغ تشاو يين عن اعتقاده بأن الصين يجب ألا تكون سعيدة بمثل هذه التفاعلات بين قوى غربية ودول الجوار، خصوصاً التي لديها معها نزاعات وصراعات مثل الهند والفيليبين. وقال لـ"العربي الجديد"، إن العديد من الاتفاقيات الدفاعية التي كانت مانيلا طرفاً فيها، تستهدف في المقام الأول مواجهة التهديدات العسكرية الصينية، وربما يمثل دخول قوى غربية على الخط، خشية من استغلال الصين للتراجع الأميركي في المنطقة من أجل تهديد جيرانها وتحقيق أهدافها، خصوصاً ما يتعلق بمسألة تايوان، والنزاع في بحر الصين الجنوبي. وتابع: كذلك الأمر بالنسبة للهند التي تسعى إلى تعزيز شراكاتها الدفاعية مع دول أوروبية فاعلة، لذلك يبدو أن هناك مصلحة مشتركة بين الغرب والدول الآسيوية المحيطة بالصين، لتوثيق العلاقات في ظل حالة الترهل التي تسببت بها سياسات ترامب الخارجية، بهدف ردع بكين، من دون أن يمثل ذلك انفصالاً عن الولايات المتحدة.

وكانت تقارير أميركية قد أفادت في وقت سابق بأن وزارة الحرب الأميركية (بنتاغون) تضغط على اليابان وأستراليا لتوضيح الدور الذي ستلعبانه في حال نشوب صراع بين الولايات المتحدة والصين بشأن جزيرة تايوان، الأمر الذي أثار استياء الحليفَين الأميركيَّين. وقالت صحيفة فايننشال تايمز إن وكيل وزارة الحرب الأميركية لشؤون السياسات إلبريدج كولبي كان يدفع بهذه المسألة خلال محادثات جرت في الآونة الأخيرة مع مسؤولي الدفاع في كلا البلدَين. وذكر كولبي على منصة إكس أن وزارة الحرب تركز على تنفيذ سياسة "أميركا أولاً" التي يتبعها ترامب لاستعادة الردع بما يتضمن "حثّ الحلفاء على زيادة إنفاقهم الدفاعي وغير ذلك من الجهود المتعلقة بدفاعنا الجماعي".

تقارير دولية
التحديثات الحية
المساهمون