كيف أخفى النظام السوري اكتشاف حقول غاز لسنوات من أجل نهبها؟

كيف أخفى النظام السوري اكتشاف حقول غاز لسنوات من أجل نهبها؟

17 يناير 2022
عائدات النفط والغاز تذهب لتمويل المليشيات في سورية (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر سورية، اليوم الإثنين، لـ"العربي الجديد"، عن أن النظام السوري تعمّد إخفاء اكتشاف آبار غاز في حقول الغاز منذ ما قبل الثورة عام 2011، لافتة في الوقت نفسه إلى وجود آبار جديدة اكتشفها النظام خلال سنوات الثورة، لكنه أخفى أمرها.

وكان نظام بشار الأسد تحدث، قبل يومين، عبر وزير النفط والثروة المعدنية بسام طعمة، عن انتهاء أعمال الحفر الاستكشافية في بئر زملة المهر 1 بتدمر، باكتشاف جديد للغاز شرقي حمص، ما دفع العديد من المعارضين للتعليق على الخبر ونفي إمكانية أن يحدث هذا الاكتشاف أي تغيير بالواقع الاقتصادي والمعيشي المتدهور، وسط تأكيدات بأن الأمر لا يتعدى الترويج الإعلامي.

ومع سيطرة المليشيات الإيرانية على معظم المناطق في البادية السورية، باتت هذه الآبار ضمن نطاق سيطرتها بشكل كامل، وقام النظام، أخيراً، بالإعلان عن اكتشاف بئر واحد في إطار التسويق الإعلامي للقابعين في مناطق سيطرته.

تمويل الحرب والتسليح

وقالت مسؤول أمني سابق في حقل البادية، فضل عدم نشر اسمه، إن النظام فتح بئراً قبل يومين، ولكن الحقيقة أنه جرى اكتشافه سابقاً، مبينًا أنه أطلق عليه اسم "زملة المهر 1"، وذلك ضمن حقل المهر الواقع على بعد قرابة 40 كيلومتراً شرق مدينة تدمر، وهو خامس حقول الغاز في المنطقة من حيث الإنتاجية.

وأوضح المصدر نفسه أن "هذا الإعلان يأتي لأهداف إعلامية فقط، وغايته شد أنظار موالين للنظام عن أزماته المستمرة المتعلقة بالمحروقات والغاز المنزلي وأزمة الكهرباء، وغيرها من الأزمات المستمرة منذ سنوات، وهي أزمات يتذرع النظام بأن سببها العقوبات الأميركية على منتجات النفط".

وكشف المسؤول السابق الذي كان يتولّى مهمة حماية منشآت شركات الغاز والنفط في حوض البادية، أن هذا البئر الذي أعلن النظام عن اكتشافه هو "مكتشف منذ وقت طويل"، مشيرًا إلى اكتشاف آبار قبل الثورة أيضاً، لكن النظام يبقيها طي الكتمان بهدف "سرقتها".

ويشير المصدر نفسه إلى أن "عائدات هذه الحقول تذهب لمليشيات النظام، وجلها يدخل في عمليات الحرب والتسليح هذه الأيام".

وتتقاطع معلومات المصدر الأمني السابق مع ما أكده عامل سابق في حقول المنطقة، مفضلًا عدم الكشف عن اسمه. وقال العامل لـ"العربي الجديد"، إن الكثير من الآبار في حقول الغاز شرق وجنوب شرق وشمال شرق حمص في البادية "مكتشفة ومغلقة منذ سنين، وهذه السياسة يتبعها النظام منذ سنوات بهدف استغلال هذه الثروات لصالحه سياسياً وعسكرياً".

الصورة
النظام منح استثمار حقول لشركات روسية وإيرانية (فرانس برس)
النظام منح استثمار حقول لشركات روسية وإيرانية (فرانس برس)

وأشار العامل إلى أن "بعض الآبار المكتشفة سابقاً جرى فيها تسرب للغاز، وباتت غير صالحة للاستثمار، لأن النظام بعد فتحها لم يكن قادراً على إغلاقها بشكل محكم لمنع تسرب الغاز خارجاً".

وقال المتحدث ذاته إن النظام منح استثمار هذه الحقول سابقاً لشركات روسية وإيرانية، لأنها العامل الرئيسي في تغطية الدعم العسكري الذي يتلقاه النظام من الدولتين، مشيراً إلى أن "جل السوريين يعرفون أن عائدات النفط والغاز في الأصل لا تدخل في ميزانية الدولة بشكل واضح".

وكانت وزارة النفط والثروة المعدنية قد أعلنت، أول من أمس، عن انتهاء أعمال الحفر الاستكشافي في "بئر زملة - المهر 1" باكتشاف جديد للغاز في الحقل المذكور "بعد نجاح الاختبارات للنطاق الحامل للغاز"، مضيفة أنه "ستتم عمليات تقييم حجم الإنتاج وربط هذه البئر إلى شبكة الغاز خلال الفترة المقبلة، كما سيتم حفر آبار إضافية في الحقل من أجل تقييم الاحتياطي الغازي".

وتشير تقارير إلى أن بادية تدمر تضم سبعة حقول، هي حقل الشاعر، وحقل الهيل، وحقل آراك، وحقل حيان، وحقل المهر، وحقل جحار، وحقل أبو رياح. وتعد محافظة حمص الثانية بعد دير الزور في كميات إنتاج الغاز.

ولقي الخبر الذي نشرته صفحة الوزارة تعليقات متفائلة حول هذا الاكتشاف من المولين للنظام، إلا أن المهندس سعيد. ق، الذي فضل عدم كشف اسمه الكامل، نفى لـ"العربي الجديد" أن يحدث هذا الاكتشاف أي تحسن في الواقع الاقتصادي والخدمي في مناطق سيطرة النظام.

وأوضح المهندس، والذي يقطن في مناطق سيطرة النظام السوري، أن "عائدات هذه الحقول وكل ما يجري استيراده من الخارج يذهب إلى المليشيات والنظام، الذي هو عبارة عن كتلة من المسؤولين الفاسدين والمجرمين وتجار الحروب".

وكان الباحث والمحلل الاقتصادي السوري خالد تركاوي قد أكد، لـ"العربي الجديد"، أن سبب أزمات النظام الاقتصادية هو "تسخيره كل إمكانيات البلاد لصالح الحرب ضد السوريين".

ويذكر أن مناطق النظام السوري تعيش أزمات اقتصادية وخدمية على كافة الأصعدة، وذلك دفع بمئات آلاف السوريين في مناطق سيطرته إلى الهجرة نحو مناطق المعارضة أو خارج البلاد. 

المساهمون