استمع إلى الملخص
- الجرائم الإسرائيلية تمتد من قصف مقر منظمة التحرير في تونس إلى العدوان على غزة والدوحة، مدفوعة بعقيدة صهيونية تبرر القتل بالدين، مستغلة العجز العربي وتكرار بيانات الشجب الجوفاء.
- العرب بحاجة إلى إجراءات جدية وسياسات حازمة لوقف الانهيار وفرض الاحترام، حيث أن التطبيع والصمت لا يوقفان العدوان، بل يتطلب الأمر ردعاً حقيقياً لمواجهة مشروع الاحتلال.
العدوان الإسرائيلي الأخير على الدوحة لم يكن مفاجئاً، بل فصلا جديدا في سجل كيان مارق لا يعترف بقانون ولا يحترم سيادة، ويواصل عربدته عبر العواصم والحدود، من غزة إلى بيروت، ومن الجوف اليمنية إلى تونس. بين مجازر الإبادة الجماعية في غزة، والاغتيالات العابرة للحدود، وتفجير موانئ، وقصف عواصم، يفرض الاحتلال منطقه القائم على إرهاب دولة منظم، مدعوم بلا حدود من واشنطن، سياسياً وعسكرياً. هذا السلوك ليس ناتجاً من ظروف آنية، بل امتداد لعقلية الصهيوني زئيف جابوتنسكي الإرهابية (مؤسس وزعيم الحركة التصحيحية الصهيونية)، ترى في مزيد البطش وسيلة لإخضاع العرب، وتحقيق ما تسميه "إسرائيل الكبرى". لم تعد فلسطين وحدها الهدف، وهي تدافع عن كل الأمة، بل هوية الأمة وكرامة شعوبها.
من قصف مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس 1985، إلى تفجير "سفينة العودة" (سفينة "سول فرين" لنقل المبعدين الفلسطينيين ومرافقيهم من قبرص إلى ميناء حيفا) واغتيال قادتها مروان كيالي ومحمد بحيص وباسم سلطان في ليماسول عام 1988، وصولاً إلى العدوان على غزة والدوحة وتونس أخيراً، تتجلى عقيدة صهيونية متطرفة تبرر القتل والاحتلال بالدين وتنتهك القوانين الدولية. ما يغري الاحتلال ليس تساهل الغرب، بل هو العجز العربي وتكرار بيانات الشجب الجوفاء التي لم تردع الجرائم ولم تصنع موقفاً، فبلا ردع تتسع دائرة العدوان، ولن تسلم عاصمة. الرسالة الصهيونية واضحة: التطبيع لا يحمي، الصمت لا يعفي، والمهادنة لا توقف القتل. لقد تجاوز الاحتلال كل الخطوط، وآن أوان تبني لغة جديدة... لغة المقاومة والمقاطعة والردع، لا لغة المجاملة والانتظار. ما لم تُتخذ إجراءات واضحة وعملية، فإن العرب سيجدون أنفسهم مكشوفي الظهر، في مواجهة كيان لا يكتفي بفلسطين، ولا يعترف بأحد. وحتى أوروبا، التي لطالما تجنّبت إغضاب "البقرة المقدسة"، بدأت تُراجع صمتها، بعدما وصلت جرائم الاحتلال إلى مستوى لا يمكن تبريره ولا التغطية عليه.
الرسميون العرب، الذين يخشون شعوبهم أكثر من مشاريع عدوان الاحتلال، يدفعون ثمن ترددهم. بعد عامين من الحرب على غزة، أضاعوا فرصة الردع، وتمادى الكيان وتوسع عدوانه من فلسطين إلى قطر وسورية ولبنان واليمن وتونس... والقائمة مفتوحة. الخطر الأكبر ليس العدو فقط، بل وهم الأمان من مشروع يستهدف الجميع عبر تطهير عرقي وتهجير قسري وانتهاك سيادة، وحشر الأنظمة ضد شعوبها بقمع الإرادة والرأي. يحتاج العرب ليقولوا: انتهى زمن بيانات الشجب والاستنكار، وحان وقت الفعل. إجراءات جدية، سياسات حازمة، رسائل واضحة... فقط هي القادرة على وقف الانهيار القادم، وفرض الاحترام، ومنع العربدة الصهيونية من أن تتحول إلى واقع دائم.