كواليس محادثات مباشرة بين واشنطن وحركة حماس لإطلاق سراح محتجزين أميركيين

10 ابريل 2025   |  آخر تحديث: 23:12 (توقيت القدس)
الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي في جباليا بقطاع غزة، 21 فبراير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- جرت محادثات سرية في قطر بين الإدارة الأميركية وحركة حماس للإفراج عن محتجزين أميركيين في غزة، لكن الجهود فشلت بسبب الاعتراض الإسرائيلي وتغير مواقف إدارة ترامب.
- تضمنت المحادثات مطالب حماس بالإفراج عن 500 أسير فلسطيني مقابل المحتجز عيدان ألكسندر، لكن بولر عرض الإفراج عن 100 فقط، مما أدى إلى ضغوط إسرائيلية وتسريب المحادثات.
- أبدت حماس استعدادها لإبرام اتفاق، لكن الوقت كان قد فات حيث استأنف الاحتلال الإسرائيلي هجماته على غزة، مما عقد إمكانية الإفراج عن المحتجزين.

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز"، اليوم الخميس، كواليس محادثات جرت في العاصمة القطرية بين الإدارة الأميركية وحركة حماس من أجل الإفراج عن محتجزين أميركيين في قطاع غزة، مشيرة إلى أن مسؤولين أميركيين التقوا ممثلي حركة حماس ثلاث مرات، لكن الاعتراض الإسرائيلي والتحول في مواقف الإدارة الأميركية أديا إلى عدم نجاح تلك الجهود. وقالت الصحيفة الأميركية إن آدم بولر، الذي أفادت تقارير سابقة بأنه اضطر لسحب ترشحه لمنصب مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشؤون الرهائن، رغب في أن توافق حماس على الإفراج على آخر محتجز أميركي على قيد الحياة في غزة حتى يتسنى لترامب الإعلان عن ذلك خلال خطاب له في الكونغرس.

وأضافت نقلاً عن أربعة مصادر مطلعة أن الطرفين كانا بصدد التفاوض حينما وصل الرئيس الأميركي إلى مبنى الكونغرس، لكنهما فشلا في المهلة المحددة، ما دفع ترامب إلى التطرق عرضياً في خطابه إلى قضية المحتجزين في غزة. وأشارت إلى أنه رغم ذلك، تواصلت المحادثات في اليوم الموالي، ما يجسد، وفق "نيويورك تايمز"، مدى رغبة كلا الطرفين في إبرام اتفاق. وأوضحت الصحيفة أن المحادثات التي بدأت في مارس/ آذار الماضي وانتهت خلاله تشكل نقطة تحول على صعيد السياسة الأميركية التي كانت ترفض أي تواصل مع جماعة مسلحة تصنفها واشنطن ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية.

من جهة أخرى، أشارت "نيويورك تايمز" إلى أن محادثات مارس لم تكن نتيجتها إيجابية بفعل المعارضة الإسرائيلية الشرسة، وتردد حركة حماس، وتحول مواقف إدارة ترامب، ما أدى إلى عدم التوصل غلى اتفاق للإفراج عن الجندي الإسرائيلي الحامل الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر. وقالت الصحيفة، نقلاً عن مصدرين مطلعين، إنه في ظل تعثر محادثات وقف إطلاق النار مع الاحتلال الإسرائيلي، ساد الانطباع لدى المسؤولين الأميركيين بأنه لن يمر وقت طويل قبل عودة الاحتلال لشن حربه على قطاع غزة، ما يقوض إمكانية الإفراج عن ألكسندر وجثث أربعة إسرائيليين آخرين يحملون الجنسية الأميركية.

وأضافت الصحيفة، نقلا عن المصدرين، أن بولر كان يعتقد أن حماس قد ترغب في القيام بخطوة لإرضاء ترامب وأن اتفاقاً جانبياً من شأنه منح دفعة للمضي قدماً في محادثات جادة بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة. ودخلت المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني، وتضمنت وقفاً للحرب وإطلاق سراح بعض المحتجزين في غزة والإفراج عن بعض الأسرى الفلسطينيين، إلا أن إسرائيل رفضت الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية للاتفاق الذي يتضمن ثلاث مراحل، وأعلنت في 19 مارس أن قواتها استأنفت عملياتها البرية في قطاع غزة.

لقاء بعد الإفطار مع حماس

وفي تفاصيل أكثر بشأن المحادثات بين حركة حماس والإدارة الأميركية، أوضحت "نيويورك تايمز" أن يومها الأول كان بعد إفطار رمضاني، إذ استقبل ثلاثة قادة من حماس بولر في غرفة على جدارها لوحة للمسجد الأقصى في القدس وصورة لرئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية الذي اغتاله الاحتلال الإسرائيلي في طهران في يوليو/ تموز الماضي. وأضافت أنه بعد منتصف الليل، تطرق المسؤولون إلى اللحظة التاريخية التي يمثلها الاجتماع وناقشوا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وعملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وفق أربعة مصادر مطلعة على المحادثات.

وذكرت "نيويورك تايمز" أن قادة حماس، طاهر النونو وباسم نعيم وأسامة حمدان، بذلوا جهوداً حثيثة من أجل التعاطي مع "حساسيات" نظرائهم الأميركيين. وأضافت أن النونو شدد على أن حركة حماس كانت تحاول ضمان حرية الفلسطينيين، وهي إحدى القيم التي قال إن الأميركيين يضعونها في مرتبة خاصة.

وضمن التفاصيل، قالت الصحيفة الأميركية إنه بعد مرور يومين على اللقاء الأول، عاد بولر لإجراء محادثات مع كبير المفاوضين في حركة حماس خليل الحية، وفق أربعة مصادر. وأشارت إلى أن الحية قال إن حماس في مثل حالة المحتجز ألكسندر ستطلب الإفراج عن 500 أسير فلسطيني من سجون الاحتلال الإسرائيلي مقابل تسليمه، لكن في بادرة حسن نية ومن أجل ربح الوقت، ستطلب حماس الإفراج عن 250 أسيراً فلسطينياً، بينهم 100 من أصحاب المؤبد.

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أنه في آخر ذلك اليوم، عرض بولر الإفراج عن 100 أسير من ذوي المؤبد، ووعد بالإفراج عن 150 من الأسرى الفلسطينيين في وقت لاحق مقابل إطلاق سراح عيدان ألكسندر. على الطرف الآخر، قالت الصحيفة إن الاحتلال الإسرائيلي مارس ضغوطه على بولر بخصوص المحادثات. وأوضحت أنه تلقى اتصالاً هاتفياً غاضباً من رون دريمر، مستشار رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عبّر خلاله عن استيائه بخصوص عدم إخبار بولر إسرائيل مسبقاً بشأن المحادثات. وأضافت "نيويورك تايمز" أنه بعد مرور يومين على الاتصال، نشر موقع "أكسيوس" الإخباري تقريراً حول لقاء بولر وحماس. ولفتت إلى أن المسؤولين الأميركيين قالوا إنهم يعتقدون أن التسريب يقف وراءه المسؤولون الإسرائيليون من أجل نسف المحادثات.

وفي آخر لحظات الاجتماع الأخير، كما تورد "نيويورك تايمز"، أخبر بولر الحية بأن العرض الذي لديه هو نهائي وقد لا يظل على الطاولة إذا رفضته حماس، ومنح مهلة حتى إقلاع الطائرة التي تقله بعد بضع ساعات. رداً على ذلك، قال الحية إنه حتى ولو كان يرغب هو نفسه في الاتفاق، فإن حركة حماس لن تقبل بإطلاق سراح ألكسندر مقابل الإفراج فقط عن 100 أسير فلسطيني من دون أي ضمانات بأنهم سيكونون من أصحاب المؤبد.

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أنه بعد مرور أسبوع، نشرت حركة حماس بياناً أبدت فيه استعدادها لإبرام اتفاق للإفراج عن ألكسندر وجثث المحتجزين الإسرائيليين الحاملين الجنسية الأميركية، مضيفة عن مصدرين مطلعين أن ذلك العرض كان شبيهاً بمقترح بولر. لكنها قالت إن ذلك جاء متأخراً حيث لم يعد بولر يتفاوض مباشرة مع حركة حماس. وقالت إنه حينما زار مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف الدوحة، منتصف مارس الماضي، طالب حماس بالموافقة على إطلاق سراح عدد كبير من المحتجزين الأحياء من دون أي ضمانات لإنهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع. أياماً بعد ذلك، عاد الاحتلال الإسرائيلي إلى شن عدوانه على غزة، ما رفع عدد الشهداء إلى 1522 والمصابين إلى 3 آلاف و834، ومجمل عدد ضحايا العدوان منذ بدء حرب الإبادة إلى 50 ألفاً و886 شهيداً، ونحو 116 ألف إصابة، وفق آخر الإحصائيات.