كواليس لقاءات القاهرة الليبية

كواليس لقاءات القاهرة الليبية

24 سبتمبر 2020
بدء الحديث عن توحيد للقوى المسلحة في ليبيا (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

تشهد العاصمة المصرية القاهرة، نشاطاً لافتاً على صعيد الأزمة الليبية، وذلك على ضوء تسارُع الجهود الدولية للتوصل إلى حلّ سياسي لهذه الأزمة، يُبعد شبح الحلول العسكرية. وفي هذا الإطار، تصب زيارة كلّ من رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، وقائد مليشيات الشرق الليبي اللواء المتقاعد خليفة حفتر، إلى القاهرة، حيث التقيا أمس بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وعقدت مع الاستخبارات المصرية لقاءات مكوكية. وكشفت مصادر لـ"العربي الجديد" كواليس هذه اللقاءات، التي تتمحور حول التصور الأممي للحل السياسي الليبي، مع توزيع القاهرة للأسماء المقبولة منها لشغل المناصب السياسية والعسكرية، واستباقاً لأي انخراط تركي في شكل المرحلة المقبلة.
ووصل حفتر مساء الثلاثاء إلى القاهرة، مع وفد عسكري، ثم تبعه صالح. وبحسب مصادر تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن القاهرة وجهت الدعوة لصالح أولاً للتباحث بالمبادرات السياسية، قبل أن تُدعو حفتر، بعد ما كشفه وزير الدفاع في حكومة الوفاق، صلاح النمروش، بشأن "بدء برامج لتطوير بناء الجيش الليبي". وقالت المصادر إن اللقاء يهدف إلى "تصفية كافة الخلافات بين صالح وحفتر، وسرعة التجاوب مع الجهود الدولية الرامية لتشكيل سلطة موحدة على كامل التراب الليبي، قبل تدخُّل تركيا في تشكيل الجيش هناك" على حد قولها. واستقبل السيسي أمس حليفيه الليبيين، بحضور مدير الاستخبارات المصرية عباس كامل، الذي أشرف أيضاً على اجتماعات منفصلة مع صالح وحفتر، فيما تواصلت لقاءات قيادات الاستخبارات المصرية مع الرجلين على مدار ساعات يوم أمس. وقالت الرئاسة المصرية إن السيسي "اطلع خلال اللقاء على التطورات في ليبيا، وجهود الأطراف كافة لتنفيذ وقف النار الميداني، والجهود الليبية لدفع عملية السلام برعاية الأمم المتحدة".

من المقرر أن يتم خلال الزيارة التوافق بشأن إخلاء مدينة سرت من القوات العسكرية، وإعلانها مقراً للسلطة الانتقالية

وحول كواليس اللقاءات، كشفت مصادر مصرية خاصة لـ"العربي الجديد"، أن الهدف منها "بحث جهود دعم الحوارات الدولية الرامية للتوصل لحلّ سياسي"، مؤكدة أنه من المقرر أن يتم خلال الزيارة "التوافق بشأن إخلاء مدينة سرت من القوات العسكرية، وإعلانها مقراً للسلطة الانتقالية لحين إجراء الانتخابات". وأوضحت المصادر أن الاتفاق الذي تمّ اقتراحه من المبعوثة الأممية بالإنابة إلى ليبيا، ستيفاني ويليامز، ووافقت عليه مصر، "يقضي بتشكيل مجلس رئاسي جديد، بقيادة عقيلة صالح، مؤلف من نائبين، من غرب ليبيا ومن الجنوب، كما يتضمن تشكيل حكومة وحدة، يترأسها وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا"، لإحداث التوازن بين الأجسام السياسية والقبلية الكبرى.

على صعيد الترتيبات الأمنية والعسكرية، لفتت المصادر إلى أنه "من المقرر وفقاً للتصور، تشكيل لجنة عسكرية لتولي الترتيبات الأمنية الخاصة بسرت كمقرٍ للحكم، والإشراف على انسحاب مليشيات الشرق وعناصر شركة فاغنر الروسية، وإحلال عناصر أمنية مشتركة من الجانبين". كما كشفت أنه من المقرر أن يتولى قيادة اللجنة عبد الرزاق الناظوري، ممثلاً للشرق، وسالم جحا، أحد أبناء مصراتة، من الغرب. وقالت المصادر إن القاهرة ستستقبل خلال الأيام المقبلة، وفوداً ليبية، من قبائل الغرب، ومن الجنوب، تمهيداً للإعلان عن مؤتمر كبير يتم خلاله الإعلان عن حلّ الأزمة.

تشهد الفترة الحالية ضغوطاً من أطراف دولية عدة،  لتمرير شروط تضمن مصالحها قبل الاتفاق النهائي

وكشفت المصادر وجود خلافات بشأن الشخصية التي ستمثل غرب ليبيا في المجلس الرئاسي، متحدثة عن نوايا أطراف في غرب ليبيا، لإسناد المنصب لرئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، بدعمٍ من تركيا، ما اعترضت عليه مصر والإمارات بحكم علاقة المشري بجماعة "الإخوان" في ليبيا، مشيرة إلى أن القاهرة ترجح اختيار نائب رئيس المجلس الرئاسي الحالي أحمد معيتيق. وأوضحت المصادر أن معيتيق يسعى لتسويق نفسه لدى الأطراف الإقليمية المتحكمة في المشهد الليبي، حيث زار أخيراً روسيا، منهياً اتفاق إعادة تشغيل النفط مع حفتر، قبل التوجه إلى تركيا، حيث التقى وزير الدفاع خلوصي أكار، لإقناع أنقرة بإمكانية خلافته لفائز السراج، رئيس حكومة الوفاق، الذي أعلن نيته الاستقالة قبل نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وبحسب المصادر، فقد وجهت القاهرة دعوة لمعيتيق لإجراء مباحثات، مضيفة أنه من المقرر عقد لقاء بين صالح ومعيتيق في القاهرة بمشاركة السيسي.
وأكدت المصادر أن الفترة الحالية تشهد ضغوطاً من أطراف دولية عدة، في مقدمها تركيا، لتمرير شروط تضمن مصالحها قبل الاتفاق النهائي، موضحة أن أنقرة حصلت على ضمانات بعدم المساس بالاتفاقيات الموقّعة مع حكومة الوفاق وسريانها، وعدم الإضرار باستثماراتها غرب ليبيا. وأكدت أن موافقة تركيا على التصور الأممي، جاء في إطار تنسيق إقليمي أوسع شمل مناطق نزاع أخرى، في إشارة إلى سورية، لافتة إلى أن واشنطن قادت إقناع تركيا، بالإضافة إلى اتفاق بين روسيا وتركيا، مضيفة أن الأخيرة حصلت على مكاسب بمناطق أخرى.

المساهمون