كواليس اللقاءات على هامش إفطار "الأسرة المصرية"

كواليس اللقاءات على هامش إفطار "الأسرة المصرية"

28 ابريل 2022
شكر صباحي السيسي على دعوته لحضور الإفطار (العربي الجديد)
+ الخط -

كشفت مصادر صحافية وسياسية حضرت حفل إفطار "الأسرة المصرية"، أول من أمس الثلاثاء، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأعلن خلاله عن بعض القرارات السياسية والاقتصادية، عن كواليس اللقاءات التي عقدت على هامش الحفل، وسبقت كلمة السيسي.

وقالت المصادر، في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، إنه "عقدت جلسة مصغرة قبيل وصول السيسي إلى مقر الحفل، بفندق الماسة التابع للقوات المسلحة بحي مدينة نصر".

طرح كامل خلال الجلسة المصغرة فكرة الحوار السياسي التي أعلن عنها السيسي قبل أيام

وأوضحت أن الجلسة "ضمت رئيس المخابرات العامة اللواء عباس كامل، والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية الرئيس السابق لحزب الكرامة حمدين صباحي، والقيادي العمالي السابق، وزير القوى العاملة السابق كمال أبو عيطة، الذي ترشح على قوائم جماعة الإخوان، في انتخابات برلمان 2012، والسياسي الاشتراكي فريد زهران، والمحامي طارق العوضي، ونقيب الصحافيين ضياء رشوان، وعضو مجلس النقابة محمد سعد عبد الحفيظ، وعضو حركة تمرد محمد عبد العزيز، والمخرج خالد يوسف، والصحافي المعتقل السابق خالد داوود".

طرح فكرة الحوار السياسي

وأضافت المصادر أن "الجلسة المصغرة التي حضرها رئيس المخابرات العامة، مع السياسيين والصحافيين والشخصيات العامة، جرى خلالها طرح فكرة الحوار السياسي التي أعلن عنها السيسي قبل أيام، من قبل كامل، الذي تحدث باستفاضة عن ضرورة تكاتف الجميع في مواجهة الأزمة التي يمر بها العالم، وتمر بها مصر بسبب الحرب الأوكرانية، وجائحة كورونا".

وتابعت المصادر أن "حديث رئيس المخابرات العامة قوبل بترحيب من قبل جميع الحاضرين. وأكد صباحي، وزهران، وأبو عيطة، أنهم ليسوا في خصومة مع النظام على الإطلاق، وأنهم حريصون على مصالح الوطن والجماهير، وأن معارضتهم ليست من أجل استبدال النظام، ولكن من أجل الإصلاح".

وفي هذا السياق، وبحسب ما قالته المصادر فقد "أكد المتحدثون أن الحديث عن إطلاق حوار سياسي أمر جيد ومُقدر، لكنه يتطلب في البداية بعض الأمور المهمة، على رأسها الإفراج عن معتقلين سياسيين، وهو ما رد عليه رئيس المخابرات قائلاً: اعملوا اللي يريح الناس. فتم الاتفاق على إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي، على أن تضم في عضويتها المحامي طارق العوضي".

أرضية مشتركة بعد إطلاق المعتقلين

وقالت المصادر إن "كلا من صباحي، وزهران، وأبو عيطة، أكدوا أنه بعد إطلاق المعتقلين، سوف تكون هناك أرضية مشتركة بينهم وبين السلطة، يمكن البناء عليها، والانطلاق في الحوار السياسي الذي دعا إليه السيسي".

وأضافت المصادر أن "الحديث بين رئيس المخابرات العامة والشخصيات التي حضرت الجلسة، تطرق بعد ذلك إلى ملف الحوار السياسي ذاته. حيث تحدث الحضور عن بعض الملفات التي من الممكن أن يتناولها الحوار، ومنها ضرورة إرساء مبدأ التعايش وإجراء المصالحة مع الجميع".

وفي هذا السياق، أكدت المصادر أنه "لم يحدث التطرق نهائياً إلى وضع جماعة الإخوان المسلمين، ومعتقليها داخل السجون، في إطار الحديث عن المصالحة السياسية والمجتمعية. كما لم يتم الإشارة نهائياً إلى أي شيء يخص الجماعة".


أعلن صباحي، وزهران، وأبو عيطة، أن معارضتهم ليست من أجل استبدال النظام، ولكن من أجل الإصلاح

وقالت المصادر إن "من ضمن الملفات التي اقترحت لطرحها خلال الحوار السياسي المزمع: إجراء بعض التعديلات التشريعية، التي قد تطاول بعض القوانين سيئة السمعة، ومنها قانون مكافحة الإرهاب، إضافة إلى ملف العلاقات الخارجية، وضرورة فتح المجال العام".

وشارك في إفطار "الأسرة المصرية"، بالإضافة إلى الشخصيات الآنفة الذكر، عدد من رجال الدولة والشخصيات العامة، بينها رئيس حزب الكرامة محمد سامي، والمحامي عصام شيحة وعدد من الوزراء وكبار رجال الدولة، وشخصيات عامة ومواطنون ورؤساء الأحزاب السياسية وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ.

النظام يواجه أزمة سياسية عنيفة

وفسر مراقبون حرص السيسي، على استضافة شخصيات من المحسوبة على المعارضة، وإعلان عودة عمل لجنة العفو الرئاسي، بالإضافة إلى إطلاق الدعوة لحوار سياسي، بأنه "تعبير عن أزمة سياسية عنيفة يواجهها النظام المصري، نتيجة للأزمة الاقتصادية الطاحنة المترتبة على الحرب الروسية الأوكرانية وجائحة كورونا، بالإضافة إلى العوامل الداخلية، التي تأتي على رأسها فوائد الدين المتراكمة".

وقال عضو "تمرد" السابق محمد عبد العزيز إنه "يثمن بكل تقدير قرارات السيسي، التي أعلنها في حفل إفطار الأسرة المصرية، وضمت عقد حوار سياسي بين كل مكونات الطيف السياسي المصري، لبحث أولويات العمل السياسي خلال المرحلة المقبلة، وخطوات الإصلاح السياسي المنتظر وآليات تفعيل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان".

وأضاف أنه "كأولى الخطوات في هذا الطريق، تم تفعيل لجنة العفو الرئاسي، وتوسيع نطاق عملها لتشمل الغارمين والغارمات إلى جانب الشباب، وكذلك إعادة تشكيلها لتضم محمد عبد العزيز، وطارق الخولي، وكريم السقا، وطارق العوضي، وكمال أبو عيطة". 

وأوضح أن "اللجنة ستبدأ في تلقي أسماء الشباب المحبوسين من مختلف الأحزاب والقوى السياسية والمجلس القومي لحقوق الإنسان ولجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، على أن تقدم قائمة جديدة للعفو خلال فترة قريبة".

نقيب الصحافيين يرحب بقرارات السيسي

من جهته، قال نقيب الصحافيين ضياء رشوان، في بيان بعد الحفل، إن "دعوة الرئيس للحوار نقلة نوعية في مسيرة الوطن"، مضيفاً أن "تأكيده بأن الوطن يتسع للجميع يفتح آفاقاً واسعة".

وأبدى "ترحيبه الشديد بمجمل القرارات التي أعلنها السيسي في حفل إفطار الأسرة المصرية، فيما يخص الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والسياسية، والتي من شأنها دفع مسيرة الوطن الغالي خطوات واسعة نحو مستقبل أفضل لكل فئات شعبه الكريم".

وقال نقيب الصحافيين إن "دعوة السيسي لحوار سياسي وطني واسع، يضم مختلف أطياف المجتمع، السياسية والنقابية والمدنية وغيرها، على قاعدة الشرعية الدستورية والقانونية، نقلة نوعية في المسار السياسي للدولة المصرية، بعد ثورتي 25 يناير/كانون الثاني 2011 و30 يونيو/حزيران 2013، ويفتح الآفاق أمام التعايش والتوافق بين كل هذه الأطياف - اتفاقاً أو اختلافاً - من أجل مصلحة مصر وشعبها".

وأعرب رشوان عن "ثقته وأمله في أن تتبع هذه الخطوة المهمة البناءة، خطوات أخرى سريعة لاستكمالها، بالإفراج عن المحبوسين غير الملوثة أيديهم بالدم، أو المنخرطين في جرائم الإرهاب، وخصوصاً زملاءنا أعضاء نقابة الصحافيين، الذين لا يملكون لخدمة وطنهم ومهنتهم سوى أقلامهم وكاميراتهم وريشهم، ويلتزمون بكل الواجبات والحقوق التي أوردها الدستور وقوانين البلاد".

وكان السيسي قال، في كلمته خلال حفل "إفطار الأسرة المصرية" الذي يتم تنظيمه سنوياً، إنه "سعيد بالإفراج عن دفعات من أبناء مصر خلال الأيام الماضية"، مضيفاً أن "الوطن يتسع للجميع، وأن الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية".

وأعلن أنه "تم تكليف إدارة المؤتمر الوطني للشباب، بالتنسيق مع كافة التيارات السياسية الحزبية والشبابية، لإدارة حوار سياسي حول أولويات العمل الوطني خلال المرحلة الراهنة". وأوضح أنه "وجه برفع نتائج الحوار الوطني إليه شخصيًا"، وأنه "يتعهد بحضور المراحل النهائية منه".

وأعلن "إعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي التي تم تشكيلها كأحد مخرجات المؤتمر الوطني للشباب، على أن توسع قاعدة عملها، بالتعاون مع الأجهزة المختصة ومنظمات المجتمع المدني المعنية".

ترحيب السيسي بصباحي

وبعد أن ختم كلمته، حرص الرئيس السيسي على الترحيب بالمرشح السابق لرئاسة الجمهورية حمدين صباحي، ثم توجه من منصة الحفل إلى الطاولة التي يجلس عليها صباحي، مصافحاً إياه بحرارة، وهو ما شجع الأخير على التحدث إليه لبرهة من الوقت.

وقال مصدر حضر اللقاء إن صباحي "وجه الشكر بدوره إلى السيسي على توجيه الدعوة له لحضور الإفطار، واستغل الفرصة للمطالبة بالإفراج عن معتقلي قضية الأمل، وتحديداً الصحافي حسام مؤنس، والذي أكد صباحي للسيسي أنه في منزلة ابنه".

تم قبيل الإفطار الإعلان عن حبس الصحافية هالة فهمي بقرار من نيابة أمن الدولة العليا
 

وقبيل إفطار "الأسرة المصرية" الذي دعا إليه السيسي، وتحدث خلاله عن المعتقلين والحوار السياسي، تم الإعلان عن حبس الصحافية والمذيعة هالة فهمي بقرار من نيابة أمن الدولة العليا.

وفيما بدا أنه نوع من الارتباط الشرطي، فإن قرار السيسي العفو عن مجموعة من الناشطين والصحافيين المحتجزين تعسفياً مؤخراً، كان بمثابة إشارة للأجهزة الأمنية لاعتقال مجموعة مماثلة من الصحافيين في نفس التوقيت، بل ووضعهم في نفس الزنازين، كما حدث مع رئيس تحرير صحيفة "الأهرام" السابق عبد الناصر سلامة، الذي وضع إثر اعتقاله، العام الماضي، في نفس الزنزانة الانفرادية التي كان محتجزاً بها الصحافي معتز ودنان، فور إخلاء سبيله.

وتم اعتقال فهمي فيما أخلت السلطات سبيل المهندس والباحث العمراني في "المفوضية المصرية للحقوق والحريات" إبراهيم عز الدين، الثلاثاء الماضي، بعد مرور نحو 3 سنوات على اعتقاله تعسفياً، وحبسه احتياطياً على ذمة القضية رقم 488 لسنة 2019، والقضية رقم 1318 لسنة 2020، بزعم اتهامه بـ"نشر أخبار كاذبة"، و"مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها مع العلم بأغراضها".

وقال المحامي الحقوقي، خالد علي، في تدوينة نشرها على صفحته بموقع "فيسبوك"، أول من أمس الثلاثاء: "تم القبض على المذيعة هالة فهمي. وكانت أول جلسة تحقيق معها أمام نيابة أمن الدولة يوم الأحد الماضي. ولم يحضر معها أحد من المحامين، لأننا لم نكن نعلم بخبر القبض عليها، أو التحقيق معها".