كواليس اعتقال مالك "جهينة" ونجله

كواليس اعتقال مالك "جهينة" ونجله

15 فبراير 2021
أرادت أجهزة النظام جمع أموال لتنفيذ مشاريع (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر مصرية خاصة، كواليس مراحل المساومات الجارية بين رجل الأعمال صفوان ثابت، رئيس مجلس إدارة مجموعة "جهينة" للمنتجات الغذائية ومالك أكبر حصة من الألبان في السوق المصري، وجهات سياسية عليا.
وقالت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، إن المفاوضات بين ممثلي أجهزة الدولة، القائمين بالتفاوض مع ثابت وصلت إلى طريق مسدود في أعقاب إلقاء السلطات الأمنية المصرية القبض على سيف الدين، نجل رجل الأعمال صفوان ثابت، أخيراً، بعدما رفض الأخير العرض المقدّم إليه من "أحد الأجهزة السيادية"، في إشارة إلى أجهزة استخباراتية.

رفض ثابت عرضاً بالتخلي عن ملكية 40 في المائة من مجموعته لأحد أجهزة الدولة

وأضافت المصادر، أنه في بادئ الأمر كانت المفاوضات تسير بين الطرفين حول دفع صفوان ثابت مبلغاً محدداً، قدّره مسؤولون في أحد الأجهزة السيادية بـ150 مليون جنيه مصري (نحو 9 ملايين و600 ألف دولار)، لصالح إحدى الجهات، بشكل غير رسمي، وهو العرض الذي رفضه صفوان ثابت قبل أن يتم إلقاء القبض عليه، لتبدأ مرحلة جديدة من المساومات سعى خلالها ثابت لتخفيض المبلغ، إلى نحو 50 مليون جنيه، قبل أن يتسبّب طول فترة التفاوض في غضب مسؤولين رفيعي المستوى، بحسب المصادر.

وأضافت المصادر أن الأمور تحوّلت بعد ذلك قبل أن يقرر مسؤول رفيع في الدولة إلغاء العرض، والتقدّم بتصور جديد يقضي بانتقال ملكية 40 في المائة من المجموعة إلى أحد أجهزة الدولة عبر التنازل عنه بصيغة البيع لإحدى الشركات المدنية المملوكة لهذا الجهاز، وهو الأمر الذي رفضه صفوان ثابت جملة وتفصيلاً، قبل أن يعود الوسطاء مجدداً، بتخفيض النسبة لتصل إلى 20 في المائة، وهو ما رفضه ثابت أيضاً متمسكاً بآخر ما توصل إليه قبل ذلك بدفع 50 مليون جنيه فقط. وتابعت المصادر أنه أمام تمسك صفوان ثابت بموقفه ورفضه التنازل عن 20 في المائة من المجموعة، المقدّر قيمتها السوقية بنحو 3 مليارات جنيه (نحو 192 مليون دولار)، صدرت تعليمات من قيادة أحد الأجهزة السيادية بإلقاء القبض على سيف الدين، نجل رجل الأعمال.

وبحسب مصدر مقرب من دوائر صناعة القرار، فإن أجهزة الدولة المعنية بتنفيذ أفكار الرئيس عبد الفتاح السيسي، كانت قد شرعت في تنفيذ مجموعة كبيرة من مشاريع الطرق والكباري (الجسور) في محاولة لتحسين صورة النظام السياسي، ورفع شعبية الرئيس في الشارع عبر مجموعة من المشاريع المرئية التي يراها المواطنون يومياً، ويرون معدلات الإنجاز بها، على أن يتم تمويل تلك المشاريع من عوائد قيم التصالح في مخالفات البناء التي كانت مقدرة بأرقام كبيرة في بادئ الحملة التي نفذتها الأجهزة. لكن تم التراجع عن ذلك، في أعقاب حالة الغضب والغليان التي سادت الشارع المصري، وكادت أن تتسبّب في ثورة شعبية، نتيجة ارتفاع نسب التقديرات من جانب واضعي القانون، وقبل أن تتدخل الأجهزة السيادية التي دعت السيسي إلى التدخل، والتراجع خطوة إلى الوراء، ومنح تسهيلات كبيرة، وتخفيض قيم التصالح، وعدم التشدد في الأمر، وهو ما تسبّب أيضاً، على حد تعبير المصادر، في تراجع حجم المتحصلات المالية من القرار بنسبة كبيرة أثرت بالسلب على تمويل المشاريع الإنشائية التي كان قد تم البدء فيها بالفعل.

قررت نيابة أمن الدولة مطلع فبراير الحالي، حبس سيف الدين ثابت 15 يوماً على ذمة التحقيق

وأوضحت المصادر، أنه بعد ذلك اقترح بعض مستشاري الرئيس عليه مسألة الضغط على رجال الأعمال من خلال ما عليهم من مخالفات إدارية وقانونية، يمكن ابتزازهم عبرها لتعويض النقص في ميزانية المشاريع الجاري تنفيذها، وهو ما حدث بالفعل، ولجأ المسؤولون القائمون بعمليات التفاوض مع رجال الأعمال للضغط تارة، والمنح تارة أخرى، واستجاب عدد كبير من رجال الأعمال بدفع مبالغ مالية كبيرة، وبعضهم تنازل عن حصص من الشركات والاستثمارات التي يمتلكها تجنباً للتنكيل بهم وأسرهم من جانب السلطات.

وكانت نيابة أمن الدولة في مصر قد قررت، مطلع فبراير/شباط الحالي، حبس سيف الدين ثابت، نجل رجل الأعمال صفوان ثابت، 15 يوماً على ذمة التحقيق، بتهمة "المشاركة في تمويل الإرهاب ودعم كيانات إرهابية". وقالت مصادر قانونية وقتها، إن سيف الدين، وهو نائب رئيس شركة "جهينة" للصناعات الغذائية، والتي يترأس والده مجلس إدارتها، تم القبض عليه داخل مسكنه في أحد المجمّعات السكنية في منطقة أكتوبر. وأشارت المصادر نفسها إلى أن جهات التحقيق أسندت له تهم "ارتكاب جرائم الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون، والدعوة للتظاهر بدون تصريح، والتحريض على العنف، وتمويل الجماعة الإرهابية"، ومجموعة أخرى من الاتهامات.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، ألقت السلطات الأمنية المصرية القبض على رئيس مجلس إدارة الشركة صفوان ثابت، بتهمة تمويل الإرهاب والانتماء لجماعة إرهابية، برفقة وزير القوى العاملة السابق خالد الأزهري، ورجل الأعمال سيد السويركي، مالك سلسلة متاجر التوحيد والنور.

المساهمون