كلما زادت عزلة إسرائيل زوّدتها أميركا بأسلحة أكثر

21 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 04:12 (توقيت القدس)
تحشيد عسكري للاحتلال عند الحدود مع غزة، 17 سبتمبر 2025 (عامير ليفي/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- صفقة أسلحة جديدة لإسرائيل: أعلنت صحيفة وول ستريت جورنال عن صفقة أسلحة أميركية بقيمة ستة مليارات دولار لإسرائيل، تشمل 30 مروحية أباتشي و3250 مركبة هجومية، لتعزيز قدرات الجيش الإسرائيلي وسط تصاعد التوترات في غزة والضفة الغربية، بانتظار موافقة الكونغرس.

- الدعم الأميركي المستمر: تأتي الصفقة في سياق الدعم الأميركي المستمر لإسرائيل رغم الانتقادات الدولية، حيث تسعى إدارة ترامب لتعويض توقف بعض الدول عن تصدير الأسلحة لإسرائيل، مع معارضة متزايدة داخل الكونغرس.

- التعاون العسكري والتكنولوجي: تستمر الولايات المتحدة في كونها أكبر مصدر للأسلحة لإسرائيل، مع تعاون واسع مع شركات أميركية مثل بوينغ ومايكروسوفت، مما يعزز القدرات العسكرية الإسرائيلية.

كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، أول من أمس الخميس، عن صفقة أسلحة أميركية جديدة لإسرائيل بقيمة ستة مليارات دولار، تأتي هذه المرة في خضم تسعير جيش الاحتلال عدوانه على قطاع غزة، في وقت أكد الاحتلال عزمه احتلال مدينة غزة وإحراقها، وفق تعبير وزير أمنه يسرائيل كاتس، في وقت ترتفع فيه حرب الإبادة والتجويع في القطاع، وتُكثّف إسرائيل حربها على الضفة الغربية بنيّات الضمّ.

ولا تخرج الصفقة الجديدة التي وافقت عليها إدارة الرئيس دونالد ترامب، وتنتظر موافقة الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون، عن سياق الدعم الأميركي المفتوح لإسرائيل، وخصوصاً منذ بداية العدوان على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، لكنها تشكّل هذه المرة خاصةً تحدياً للعالم والأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ولحلفاء أميركا الغربيين الذين أصبحوا أكثر جرأة في انتقاد إسرائيل بسبب المعاناة والموت وحرب التجويع المستمرة في غزة، كما تأتي في غمرة الاحتجاج العربي على تمادي إسرائيل في توسيع عدوانها بالمنطقة وصولاً إلى الاعتداء بالقصف على دولة قطر، الطرف الوسيط لوقف الحرب، بأسلحة أميركية. ويأتي الكشف عن الصفقة بمثابة رسالة تحدٍ لبعض من حلفاء واشنطن الذين يواصلون، دولة تلو الأخرى، الاعتراف بفلسطين، فيما تبقى الولايات المتحدة رأس الحربة في دعم الاحتلال وتسليحه. علماً أن هذا الدعم بدأ يجد أصواتاً متكاثرة معترضة عليه في الداخل الأميركي، في وقت تتلمّس فيه دولة الاحتلال بعضاً من عزلتها، مع دعوة رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو أخيراً إلى تحويل إسرائيل إلى "إسبرطة عظمى" والوصول إلى الاكتفاء الذاتي العسكري.

جسر إمداد من الولايات المتحدة إلى إسرائيل

ومنذ بداية العدوان، لم ينقطع جسر الإمداد الأميركي بالأسلحة لإسرائيل، سواء في عهد جو بايدن، أو خلفه، ولو أن إدارة الرئيس الأميركي السابقة عملت أحياناً وفق مقولة "اقضوا حوائجكم بالكتمان"، إذ ظلّت العديد من صفقات الأسلحة سرّية، وأُعلن عن عدد قليل منها. من جهتها، استغلت إدارة ترامب بعد عودته إلى البيت الأبيض صفقات أسلحة وتباهت بها للتصويب على إدارة بايدن الذي كان قد علّق شحنات قنابل ثقيلة لجيش الاحتلال، بهدف تهدئة الرأي العام العالمي المناهض للحرب، ومحاولة وقف تراجع حزبه الديمقراطي في استطلاعات الرأي العام الماضي، قبيل الانتخابات الرئاسية آنذاك.

إدارة ترامب تسعى للحصول على موافقة الكونغرس على صفقة أسلحة لإسرائيل بقيمة ستة مليارات دولار

وتشي الصفقة الجديدة التي كشف عنها أول من أمس أن السياسة الأميركية ثابتة حيال إسرائيل، رغم الإبادة والتململ الدولي، بل إن وتيرة الدعم تزداد أخذاً بالاعتبار التحديات التي تفرضها الحرب على أكثر من جبهة، وتوقف بعض الدول عن تصدير أسلحة لإسرائيل، وهو ما تريد واشنطن تعويضه، لا سيما أن دولة الاحتلال تعدّ مستورداً كبيراً من شركات التسليح والتكنولوجيا الأميركية العملاقة والصغيرة.
وكشفت "وول ستريت جورنال"، أول من أمس، أن إدارة ترامب تسعى للحصول على موافقة الكونغرس على صفقة أسلحة لإسرائيل بقيمة ستة مليارات دولار، وفق مصادر الصحيفة، موضحين أن الصفقة تتضمّن بيع إسرائيل 30 مروحية هجومية من طراز أباتشي آي أتش 64، من شأنها مضاعفة أسطول دولة الاحتلال الحالي من هذه المروحيات، بقيمة 3.8 مليارات دولار. كما تحاول إدارة ترامب الحصول على موافقةٍ لصفقة بقيمة 1.9 مليار دولار، لتزويد جيش الاحتلال بـ3250 مركبة هجومية، وفق وثائق اطلعت عليها الصحيفة.

ولن تسلم الأسلحة لإسرائيل قبل عامين أو ثلاثة، بحسب "وول ستريت"، التي أضافت أن وزارة الخارجية الأميركية تحاول حالياً الحصول على موافقة كبار قادة لجنتي الشؤون الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ، الديمقراطيين والجمهوريين، والذين ينبغي عليهم الموافقة على صفقات التسليح الضخمة قبل أن ترسل أي إدارة إخطاراً رسمياً واسعاً للكونغرس والجمهور. وقد أرسل اقتراح الصفقة لقادة اللجنتين قبل شهر، أي قبل العدوان الإسرائيلي على قطر في 9 سبتمبر/ أيلول الحالي، وفق الصحيفة، ولم تحاول الإدارة وقف طلب الموافقة بعد الضربة.

وكان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو قد زار إسرائيل قبل أسبوع، وقد أكد من القدس المحتلة أن بإمكان دولة الاحتلال الاعتماد على "الدعم الأميركي الثابت" لها. وكان ترامب قد زاد مبيعات الأسلحة لإسرائيل منذ عودته إلى الرئاسة في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي، رغم استمرار العدوان في حصد المزيد من أرواح الفلسطينيين الذين تجاوز عدد شهدائهم في القطاع بسبب الحرب الـ65 ألف شهيد حتى اليوم، علماً أن عهد بايدن، شهد ارتفاعاً ملحوظاً في مبيعات الأسلحة لإسرائيل بعد 7 أكتوبر 2023. لكن بينما علّق بايدن شحنات قنابل ثقيلة (بزنة ألفي رطل) غير موجهة من طراز "أم كيه 84" لإسرائيل، عاد ترامب وأجاز تصديرها، بل إنه استخدم قانون طوارئ للقفز عن موافقة الكونغرس وإرسال عدد من أكبر من هذه القنابل من الشحنة التي علّقها سلفه. وكانت وزارة الخارجية الأميركية في عهد أنتوني بلينكن قد أبلغت الكونغرس، في 3 يناير الماضي، أي في الشهر الأخير من ولاية بايدن، وبشكل "غير رسمي"، بصفقة محتملة لبيع أسلحة إلى إسرائيل بقيمة ثمانية مليارات دولار، تتضمن ذخائر للمقاتلات ومروحيات هجومية وقذائف مدفعية.

أسلحة لكل الجبهات

وبحسب وكالة أسوشييتد برس، أمس، فإن إدارة ترامب وافقت قبل الصفقة الأخيرة التي كشفت عنها "وول ستريت جورنال" على ما قيمته 12 مليار دولار من الأسلحة لإسرائيل، منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض. وآخر الصفقات كانت في يونيو/ حزيران الماضي، حين وافقت على إعادة تزويد جيش الاحتلال بمعدات توجيه القنابل، بصفقة بلغت قيمتها نصف مليار دولار. علماً أن ترامب دعم إسرائيل أيضاً خلال عدوانها على إيران في يونيو/حزيران الماضي، وقال حينها إن "كميات كبيرة من الأسلحة الأميركية الأكثر فتكاً في العالم في طريقها إلى إسرائيل"، مؤكداً أن "الإسرائيليين يعرفون كيف يستخدمونها جيداً".

يتزايد الامتعاض الديمقراطي في الكونغرس من سلوك الاحتلال ونتنياهو

وتأتي الصفقة الجديدة التي كُشف عنها أول من أمس، في وقت يتزايد فيه الامتعاض الديمقراطي في الكونغرس من سلوك الاحتلال ونتنياهو. وللمرة الأولى، قدّمت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ، الأسبوع الماضي، مشروع قانون يحثّ على الاعتراف بدولة فلسطينية، فيما كان أكثر من نصف الديمقراطيين في "الشيوخ" (عددهم في الكونغرس الحالي 47 من أصل 100) قد عارضوا خلال الصيف الماضي صفقات أسلحة للاحتلال. ورغم أن تلك المشاريع مرّت بحصولها على أغلبية الأصوات، إلا أن وصول عدد المصوتين ضدها إلى 27 شكّل سابقة في الكونغرس الأميركي.

وبحسب موقع "أميركان فريندس سرفيس كوميتي" الناشط ضد الحروب، ومقره مدينة فيلادلفيا في ولاية بنسلفانيا الأميركية، فإن إدارة بايدن بعد 7 أكتوبر 2023 مباشرة بدأت بنقل أسلحة لإسرائيل بكميات هائلة، إذ كانت دولة الاحتلال قد تلقّت بين 7 أكتوبر و25 ديسمبر/ كانون الأول من ذلك العام أكثر من عشرة آلاف طن من الأسلحة شحنت في 244 طائرة شحن و20 سفينة شحن، وحملت أكثر من 15 ألف قنبلة و50 ألف قذيفة مدفعية، فقط في شهر ونصف الشهر. ووفق الموقع، فإن هذه الشحنات غلّفت بالسرّية، ولم تمر عبر الكونغرس، وبين أكتوبر 2023 ومارس/ آذار 2024، وافقت واشنطن على 100 صفقة أسلحة لإسرائيل، كشف عن اثنين منها فقط. بعض هذه الصفقات مُرّر من خلال برنامج مبيعات الأسلحة للدول الأجنبية، وبعضها مباشرة بعملية شراء من الميزانية الإسرائيلية. كما أن هناك أسلحة نقلت إلى دولة الاحتلال من مخازن للجيش الأميركي في الأراضي المحتلة.

وعدّد الموقع أسماء شركات الأسلحة الأميركية التي تتعامل مع إسرائيل، وهي "آي أم جنرال" (إنديانا)، وبوينغ، و"داي أند زيمرمان"، و"فلاير ديفنس" (لوس أنجلوس)، و"فورد موتور"، ولوكهيد مارتن، وجنرال إلكتريك، و"غوست روبوتيكس" (فيلادلفيا)، و"نورثروب غرومان كوربوراشيون"، وغيرها، بالإضافة إلى تعاون الاحتلال مع شركات تكنولوجيا عملاقة مثل أمازون ومايكروسوفت. وتعدّ الولايات المتحدة أكبر مصدّر للاحتلال، وتليها ألمانيا ثم إيطاليا، ولكن بفارق كبير.