كردستان العراق: عودة الهدوء إلى السليمانية بعد أيام من الاستنفار إثر ملاحقة معارضين
استمع إلى الملخص
- تزامنت الأحداث مع المصادقة على قوائم الانتخابات، حيث اتهم جنكي بافل الطالباني بالتحكم في القرارات الأمنية، مما أثار انتقادات من كتلة الجيل الجديد في البرلمان.
- دعا الحزب الديمقراطي الكردستاني لضبط النفس، بينما اعتبر حزب "جبهة الشعب" الأحداث انقلاباً على الشرعية، مطالباً بتدخل الحكومة لمنع عسكرة المدينة.
عاد الاستقرار الأمني إلى مدينة السليمانية في إقليم كردستان، شمالي العراق، بعد الاشتباكات المسلحة التي وقعت ليل الخميس - الجمعة من الأسبوع الماضي بين قوات الأمن الكردية وعناصر حماية رئيس حزب "جبهة الشعب" لاهور شيخ جنكي، إثر صدور مذكرة قضائية باعتقاله. وانتهت العملية باقتحام مقره واعتقاله في فندق "لالزار" بحي سرجنار، وسط المدينة، ومقتل أربعة أفراد من قوات الأمن، فيما لا يزال لاهور معتقلاً في أحد سجون المدينة وممنوع من مقابلة أفراد عائلته وحتى فريق المحامين المدافعين عنه.
وعاشت محافظة السليمانية، ثاني أكبر مدن إقليم كردستان العراق التي يسيطر عليها عملياً حزب الاتحاد الكردستاني بزعامة بافل الطالباني، توتراً أمنياً وانتشاراً لوحدات عسكرية خاصة مرتبطة بالحزب إثر عمليات ملاحقة طاولت عدداً من القيادات والناشطين السياسيين المعارضين للطالباني، أبرزهم اعتقال أبرز قيادات التيار المدني الليبرالي المعارض، وهو شاسوار عبد الواحد، زعيم حركة الجيل الجديد، وأخيراً لاهور شيخ جنكي بغطاء وجود مذكرة أمر اعتقال بحقه.
وجاءت الاعتقالات بالتزامن مع بدء المفوضية العليا للانتخابات في بغداد المصادقة على قوائم الأحزاب والقوى السياسية التي ستخوض الانتخابات العامة بالعراق في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. ولاهور شيخ جنكي، الذي كان يشغل سابقاً منصب الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكردستاني، كان قد شكك بوجود أمر قضائي باعتقاله. وقال، وفقاً لتسجيلات صوتية نشرها خلال محاصرته بمقر إقامته والفندق القريب منه، إنه لم يتلقَ أي تبليغ من القضاء، ويعتقد أن أمر الاعتقال صادر عن بافل الطالباني، الذي يجتمع مع كبار قادة الأجهزة الأمنية في السليمانية ويتخذ بدلاً من الحكومة القرارات المهمة، بما فيها الأمنية والقضائية. وأضاف قُبيل اعتقاله: "لا توجد حكومة في السليمانية، فكل شيء يخضع لإرادة رئيس حزب الاتحاد، والحكومة غائبة تماماً".
وتواصل "العربي الجديد" مع ثلاثة مصادر سياسية وأمنية من محافظة السليمانية، أكدت جميعها "عودة الهدوء الأمني إلى المدينة، لكن مع ترقب حذر لما قد تؤول إليه الأمور، لا سيما مع وجود غضب شعبي من أنصار لاهور شيخ جنكي ومما قد يقدمون عليه من احتجاجات أو مؤتمرات رافضة لطريقة اعتقال زعيمهم"، مبينة أن "بافل طالباني لمّح عبر فريقه من السياسيين والباحثين الذين يظهرون على شاشات التلفزيون، أن أي محاولة لزعزعة الأمن في المدينة ستؤدي إلى اعتقالات واسعة".
في السياق، دعا الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في مدينة إربيل، مركز إقليم كردستان العراق، إلى ضبط النفس والالتزام بسيادة القانون عقب حادثة اعتقال شيخ جنكي في مدينة السليمانية. وذكر في بيان، مساء أمس الثلاثاء، أن "الإقليم كيان دستوري، ثمرة نضال وتضحيات طويلة لشعب كردستان"، مؤكداً أن "حل الخلافات يجب أن يتم عبر الحوار والتفاهم"، كما حذر من أن "أي أعمال أو ممارسات تؤثر سلباً على الاستقرار والتعايش وسمعة الإقليم لا تخدم الصالح العام".
من جهتها، أكدت كتلة الجيل الجديد في البرلمان العراقي، والتي تعود إلى شاسوار عبد الواحد، المعتقل منذ نحو عشرة أيام، تضامن الكتل السياسية داخل البرلمان في رفض اعتقاله دون إجراءات قانونية شفافة. وقالت رئيسة الكتلة النائبة سروة عبد الواحد (شقيقة شاسوار)، في مؤتمر صحافي، إن "الكتل السياسية رافضة لانتهاك القوانين في السليمانية، كما ننتظر رأي رئاسة مجلس النواب حول هذا الموضوع، وكذلك ما يحدث من إجراءات تعسفية لإبعاد المعارضين والخصوم عن المشهد السياسي بطريقة الزج في المعتقلات دون الاستناد إلى القانون".
في غضون ذلك، قال عضو حزب "جبهة الشعب" الذي يتزعمه شيخ جنكي عبد الخالق كمال إن "ما قام به بافل طالباني انقلاب على الشرعية واستخدام للقوات العسكرية لتحقيق غايات سياسية"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "عسكرة المدينة لأجل تصفية خصم سياسي هو أمر مرفوض، وأن تحول الخصام أو العداوة السياسية إلى طريقة تصفية أمنية وعسكرية يستدعي تدخل الحكومة في بغداد لمنع استمرار هذا المنهج القاسي في التعامل مع الخصوم".
ولفت إلى أن "لاهور شيخ جنكي لم يتلقَ أي إخبار من المحاكم بأنه مطلوب إلى القانون، كما أن الاعتقال الذي جرى بحقه يمكن اعتباره اعتقالاً سياسياً وليس قضائياً، والغريب أن الجهات التي تعتقل لاهور ترفض أن يقابل أي فرد من أفراد عائلته أو فريق الدفاع من المحامين، لذلك سنطالب بنقل القضية إلى محاكم إربيل أو بغداد، لعدم وجود ثقة بالمحاكم في السليمانية".