استمع إلى الملخص
- قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، بمن فيهم ماجد فرج، لم يغادروا جنين، مدعين أن حملتهم تستهدف الخارجين عن القانون، بينما يرى نشطاء المخيم أنها تهدف لتقديم أوراق اعتماد للسلطات الإسرائيلية.
- أطلقت السلطة الفلسطينية حملة "حماية وطن" لاستعادة السيطرة على المخيم، لكن نشطاء المخيم ينفون الادعاءات، مؤكدين استمرار المقاومة وعدم قدرة السلطة على مواجهتها.
لم تفلح جهود الوساطة في تهدئة الأوضاع المتوترة في مخيم جنين شمال الضفة الغربية، حيث تصاعدت المواجهات بين قوات السلطة الفلسطينية و"كتيبة جنين"، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، ولا سيما في أعقاب اغتيال أحد قادة الكتيبة الأسير المحرر الشاب يزيد جعايصة المطلوب لسلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ سنوات، وكان قد أمضى 4 سنوات في سجونها.
وقال أحد نشطاء مخيم جنين والمقرّب من الكتيبة إياد العزمي لـ"العربي الجديد"، إن عددًا من وجهاء المخيم وذوي الشهداء كانوا يسعون بشكل حثيث منذ ساعات مساء أمس، "لرأب الصدع، للحيلولة دون اقتحام الأجهزة الأمنية للمخيم"، إلا أن الجهود فشلت بعد الخامسة فجر اليوم، إثر اقتحام قوات السلطة منطقة الجابريات التي يسكن فيها الشهيد جعايصة، عبر مركبات مدنية "على طريقة القوات الخاصّة الإسرائيلية" وفق تعبيره، ما أدى إلى مقتل جعايصة بعد إصابته بثلاث رصاصات في الصدر والكتف والرقبة. وفي الحادثة نفسها أصيب طفلان من عائلة مرعي، أحدهما حالته خطيرة بفعل رصاص قوات السلطة العشوائي.
وِأشار العزمي إلى أن بعض الوسطاء، أبلغوهم أن أجهزة السلطة الأمنية تبحث عن صورة شكلية على أقل تقدير توحي من خلالها بأنها سيطرت على المخيم، لكن الكتيبة ردّت بأن سلوك عناصر السلطة غير مضمون و"أن الدخول إلى المخيم لن يكون إلا على جثث أفراد الكتيبة طالما أن الثمن هو إنهاء حالة المقاومة".
ولفت العزمي إلى أن قادة المؤسسة الأمنية لم يغادروا محافظة جنين منذ بداية الأحداث قبل نحو 10 أيام، على رأسهم رئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج، ومعه مدير عام جهاز الأمن الوقائي عبد القادر التعمري، ومدير عام جهاز الشرطة علّام السقا، وقائد قوّات الأمن الوطني نضال أبو الدخان، ووزير الداخلية زياد هبّ الريح، ومحافظ محافظة جنين كمال أبو الرب الذي ادعى في رسالة للكتيبة أن الأجهزة الأمنية أطلقت حملة لاستهداف "الخارجين عن القانون" من تجّار المخدرات، وأصحاب المركبات غير القانونية.
واعتبر العزمي أن ادعاءات السلطة بملاحقة الخارجين عن القانون، تحاكي المرحلة التي أعقبت استشهاد قائد كتيبة طولكرم، محمد جابر "أبو شجاع"، "الذي اتهمته السلطة بكل التهم غير الأخلاقية"، وكذلك ما جرى مع الناشط نزار بنات الذي قتلته قوة أمنية لمجرّد معارضته لمواقف السلطة.
لكن المغاير وفق العزمي، أن الكتيبة ترى أن سلوك السلطة الفلسطينية "يندرج ضمن إطار تقديم أوراق اعتمادها للاحتلال، من أجل التمهيد لدخول قطاع غزة والسيطرة عليه، عبر إيصال رسالة بقدرتها على إنهاء حالة المقاومة في المخيم"، على حد تعبيره.
وكانت أجهزة السلطة قد أطلقت حملة تحمل اسم "حماية وطن"، بدأت بموجبها محاولة لاقتحام مخيم جنين فجر اليوم واشتبكت مع مقاومين في المدينة ومحيط المخيم. وقال الناطق باسم أمن السلطة أنور رجب إن الحملة تأتي "في إطار جهود حفظ الأمن والسلم الأهلي وبسط سيادة القانون، وقطع دابر الفتنة والفوضى، في مخيم جنين".
وأضاف البيان: "هدف هذه الجهود استعادة مخيم جنين، من سطوة الخارجين على القانون، الذين نغصوا على المواطن حياته اليومية، وسلبوه حقه في تلقي الخدمات العامة بحرية وأمان".
وردّ الناشط المقرّب من الكتيبة، محمود أبو طلال قائلًا: "إن مشاهد التلاحم في المخيم والحاضنة الشعبية لدى الكتيبة تنفي ادعاءات الأجهزة الأمنية، وإن أي خدمات يعاني سكّان المخيم نقصها هو جراء استهداف رصاص الأجهزة الأمنية لمقدرات الحياة الخدماتية للسكّان".
وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد": "طوال كل الاقتحامات خلال الأربع سنوات الماضية، لم يستطع الاحتلال أن ينهي حالة المقاومة في المخيم، علمًا أنها تعرّضت للاستنزاف في مرحلة معينة عندما استخدم سلاح الطيران ضد الكتيبة، والآن السلطة لا تملك سلاحًا أفضل من سلاح الكتيبة، ولذا لا جدوى لهم من الصدام والمواجهة، ونأمل أن يتم الأمر لأنه ليس في صالحهم كونهم يواجهون أفراد الكتيبة المدربين على مواجهة قوات الاحتلال".
وتأتي الأحداث الجارية على خلفية توتر بدأ منذ الثالث من الشهر الجاري، بعد حملة اعتقالات نفّذتها الأجهزة الأمنية بحقّ نشطاء وذوي شهداء وأسرى محررين من المخيم، بينهم نشطاء في حركة الجهاد الإسلامي تمّت مصادرة أموالٍ بحوزتهم موجّهة إلى أسر الشهداء. وبعدها بأيام قتل الشاب ربحي الشلبي برصاص الأجهزة الأمنية التي حاولت إلقاء التهمة على المقاومين، لكنها عادت وأقرت بمسؤوليتها عن الحادثة.