استمع إلى الملخص
- تتداول الأوساط السياسية أسماء مرشحين بارزين لقيادة الجيش، مثل طوني قهوجي ورودولف هيكل، ويتطلب التعيين موافقة مجلس الوزراء بأغلبية الثلثين.
- تاريخياً، تولى 14 قائداً قيادة الجيش اللبناني منذ 1945، ويشمل دور القائد إعداد الجيش وقيادة العمليات وتنظيم الوحدات.
برز ملف قيادة الجيش في لبنان عقب انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للبلاد، وما سيتبعه من إتمام لاستحقاقات جُمّدت في ظلّ الشغور الرئاسي الذي استمرّ من 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022 حتى تاريخ 9 يناير/ كانون الثاني الحالي، خصوصاً أنّ هذا المنصب يُعدّ من المناصب الأساسية "المتنازع عليها" سياسياً، ولا سيما أنه يُعتبر ممراً لرئاسة الجمهورية، وكذلك من المناصب "المراقبة" دولياً، خصوصاً لناحية التعاطي مع ملفات محورية راهناً، على رأسها تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701.
وأدى الشغور في سدّة الرئاسة الأولى إلى تمديد ولاية قائد الجيش جوزاف عون مرّتين قبل انتخابه رئيساً في 9 يناير، وتكليف وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم مؤقتاً رئيس الأركان اللواء الركن حسان عودة تأمين قيادة الجيش بالإنابة. ويُعيَّن قائد الجيش، وهو من الطائفة المارونية، من بين الضباط العامين، المجازين بالأركان، الذين لم يسبق لهم أن وُضعوا في الاحتياط، بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء، بناءً على اقتراح وزير الدفاع الوطني. ويحمل قائد الجيش رتبة عماد، ويُسمّى "العماد قائد الجيش"، ويرتبط مباشرة بوزير الدفاع.
وبدأ التداول بأسماء أبرز المرشحين لتولي قيادة الجيش في لبنان والطامحين للوصول إليها، خصوصاً أنها تجعل من متسلّم المنصب مرشحاً طبيعياً لرئاسة الجمهورية، فقد كرّست التجارب "عسكرة الرئاسة"، ولا سيما عند غياب التوافق واستعار الخلافات السياسية، وربطاً بالظروف الخارجية، بدءاً باللواء فؤاد شهاب، فالعماد إميل لحود، مروراً بالعماد ميشال سليمان، فجوزاف عون، عدا عن العماد ميشال عون، الذي لم يكن قائداً للجيش إبان انتخابه رئيساً.
ومن أبرز المرشحين، مدير المخابرات في الجيش طوني قهوجي، وقد عُيّن في منصبه عام 2020، ويُعدّ الأوفر حظاً للمنصب، خصوصاً أنه يتمتع بعلاقات جيدة مع القوى السياسية اللبنانية كما الخارج، وسبق أن طُرح اسمه أكثر من مرة إبان انتهاء ولاية جوزاف عون، وقبل التمديد له.
كذلك، يُطرح اسم قائد قطاع جنوب الليطاني في الجيش اللبناني العميد الركن رودولف هيكل، بوصفه من أكثر المطلعين على الملف الأمني المرتبط بالجنوب، ومن شأنه أن يلعب دوراً محورياً في المرحلة المقبلة، التي تتقدّم عناوينها مسألة اتفاق وقف إطلاق النار، وتنفيذ القرارات الدولية على رأسها القرار 1701.
وتُطرح أيضاً أسماء قائد فوج التدخل الرابع في الجيش العميد إيلي عقل، والقاضي المنفرد في المحكمة العسكرية العميد أمين القاعي، إلى جانب قائد اللواء اللوجستي العميد الركن جوني عقل، وذلك ربطاً بأدوارهم في المؤسسة العسكرية ومع قيادة الجيش، علماً أن أسماء أخرى قد تخرج إلى الضوء في الفترة المقبلة.
في الإطار، يقول المحامي والخبير الدستوري سعيد مالك لـ"العربي الجديد" إنّ "قائد الجيش في لبنان يُعيّن بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الدفاع، وبالتالي من المفترض مع تأليف حكومة جديدة، ونيلها الثقة، ومباشرتها عملها، البحث بملف التعيينات، وفي مستهلها موضوع قائد الجيش، حيث يجب على وزير الدفاع الجديد أن يتقدم بسلّة من الأسماء إلى الحكومة، حتى يصار إلى التعيين الذي يتطلب أكثرية الثلثين". ويردف مالك "هناك طبعاً دور أساسي لرئيس الدولة في اختيار قائد الجيش، ولا سيما أنه يعتبر من عُدّة العمل التابعة له، وهناك مبدئياً أثر معنوي وطلب معنوي من قبل الرئيس لتعيين قائد جيش محدد ضمن إطار الاسم والموقع".
من جهة ثانية، يشير مالك إلى أنه "من الثابت أن موقع قيادة الجيش في لبنان مرتبط بالسياسة، وسيكون هناك خلاف سياسي ربما على تعيين القائد الجديد، واليوم هناك وجهة نظر لرئيس الجمهورية وأيضاً ستكون هناك واحدة لوزير الدفاع، لكن بالنهاية مجلس الوزراء هو من يتخذ القرار بهذا التعيين، ضمن إطار مرسوم"، لافتاً إلى أن "هناك تحديات كبرى أمام قائد الجيش، أهمها تطبيق القرارات الدولية، ولا سيما القرار 1701 بكافة مندرجاته، لتجنيب لبنان أي خضّة أمنية، وإخراجه من عنق الزجاجة".
نبذة عن قيادة الجيش في لبنان
وعرفت المؤسسة العسكرية في لبنان منذ عام 1945، 14 قائداً للجيش، هم اللواء فؤاد شهاب، اللواء توفيق سالم، اللواء عادل شهاب، العماد إميل بستاني، العماد جان نجيم، العماد إسكندر غانم، العماد حنا سعيد، العماد فكتور خوري، العماد إبراهيم طنوس، العماد ميشال عون، العماد إميل لحود، العماد ميشال سليمان، العماد جان قهوجي والعماد جوزاف عون.
وبعد استقلال لبنان في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 1943، أجرت الحكومة اللبنانية العديد من الاتصالات مع الدولة الفرنسية لتسلّم الجيش اللبناني، ونتيجة لإصرار الدولة اللبنانية، وافق الفرنسيون على مبدأ تسليم الجيش إلى السلطات اللبنانية، حيث جرى الاتفاق على إجراءات التسليم، وصدر المرسوم رقم 3540/k تاريخ 11 يوليو/ تموز 1945 الذي عيّن لجنة خاصة بذلك. وبعد أن تمّت المصادقة على الترتيبات المقترحة من قبل لجان التسليم والتسلم، صدر عن هيئة الأركان الإنكليزية - الفرنسية المشتركة في الشرق، القرار رقم 15 تاريخ 25/7/1945 الذي نصّ على انتقال الجيش اللبناني إلى سلطة الدولة اللبنانية في الأول من أغسطس/ آب 1945.
وتمركزت قيادة الجيش بدايةً في مقر وزارة الدفاع الوطني بالقرب من المتحف الوطني - طريق الشام، ولكن مع تطور عديد الجيش وازدياد مهماته، انتقلت قيادة الجيش في عام 1968 إلى المبنى الحالي لوزارة الدفاع الوطني في منطقة اليرزة، في جبل لبنان، ولا تزال. وتتألف قيادة الجيش من قائد الجيش والأركان، وتخضع الأركان لسلطة قائد الجيش المباشرة وتتألف من رئيس الأركان، نواب رئيس الأركان، مديريات وشعب ومصالح وأجهزة مختصة.
ويتولى قائد الجيش إعداد الجيش للمهمات الموكلة إليه، ورفع مستواه القتالي، وقيادة العمليات العسكرية، وذلك يقتضي تنفيذ التطويع الاختياري والإجباري، تنظيم القطع والوحدات وتحديد مهامها وإدارتها، تنفيذ عمليات التأهب والتعبئة عند إعلانها، تحضير الخطط وأوامر القتال، ووضع البرامج اللوجستية لها، واستدراك حاجات الجيش والمحافظة على مستوى التجهيزات والأعتدة عند تسلمها من الإدارة العامة، وقيادة العمليات العسكرية.