استمع إلى الملخص
- بدأ تصوير الجثث في مشرحة مستشفى تشرين العسكري، واستمرت عملية تهريب الصور ثلاث سنوات باستخدام هويات مزورة، حتى انشقاقه وخروجه إلى قطر عبر الأردن.
- أثار تسريب 55 ألف صورة لـ11 ألف سجين ردود فعل عالمية، مما أدى إلى إقرار الكونغرس الأميركي قانون "قيصر" لمعاقبة النظام السوري عام 2019.
كشف منفذ أكبر عملية تسريب لصور ضحايا جرائم نظام بشار الأسد المخلوع الذين كانوا معتقلين في سجون سورية، والذي عُرف إعلامياً بلقب "قيصر"، عن هويته الحقيقية بعد سنوات من الغموض والسرّية. وكشف "قيصر"، الذي سرّب أكثر من 50 ألف صورة لمعتقلين قُتلوا تحت التعذيب، عن هويته الحقيقية، وقال إنه المساعد أول فريد ندى المذهان، ضمن برنامج "للقصة بقية" على قناة الجزيرة، مساء الخميس.
وشغل المذهان منصب رئيس قسم الأدلة القضائية في الشرطة العسكرية بدمشق، وهو يتحدر من مدينة درعا في جنوب سورية، مهد الثورة السورية في العام 2011. وأكد المذهان خلال اللقاء أنّ عمليات التعذيب والقتل لم تكن تجاوزات فردية يرتكبها بعض العناصر، بل كانت تتم بأوامر مباشرة من أعلى هرم النظام، مشيراً إلى أن الصور كانت وسيلة لإثبات تنفيذ أوامر القتل وتقديمها باعتبارها دليل ولاء للنظام.
وقال المذهان إن قادة الأجهزة الأمنية كانوا يعبرون عن ولائهم المطلق لنظام الأسد المخلوع عبر تلك الصور التي سرّبها. وكشف أن أول تصوير للجثث كان في مشرحة مستشفى تشرين العسكري بدمشق لضحايا من المتظاهرين في درعا في مارس/ آذار 2011، مؤكداً أن الموقوف يُوضع عليه رقم بعد قتله، كما أوضح أن مواقع جمع وتصوير الجثث كانت في مشرحة مستشفى تشرين العسكري وحرستا، بالإضافة إلى مرأب السيارات في مستشفى المزة العسكري، حيث كانت تُجمع الجثث لتصويرها مع ازدياد عدد القتلى.
وكانت أعداد الجثث في أماكن التصوير مع بداية الثورة في سورية تصل إلى نحو 15 جثة يومياً، ثم ارتفع العدد إلى 50، وفق المذهان. أما عن سبب الوفاة، فكان يُكتب بأنه "توقف القلب والتنفس"، وأشار إلى عمليات ابتزاز ممنهجة مورست ضد آلاف المعتقلين دون الحصول على أي معلومات عنهم.
وأخفى المذهان وسائط نقل الصور في ثيابه، وفي ربطة الخبز، وعلى جسده خوفاً من التفتيش على الحواجز الأمنية، حيث كان يتعرض للتفتيش في مناطق سيطرة النظام وكذلك في مناطق سيطرة مقاتلي الجيش الحر المعارض آنذاك. وكان يمتلك هوية عسكرية رسمية وأخرى مدنية مزورة للتنقل بين مقرّ عمله في العاصمة دمشق ومكان إقامته في مدينة التل بريفها، حيث كان يعمل على تهريب الصور من مقرّ عمله إلى مسكنه بشكل يومي، واستمرت العملية قرابة ثلاث سنوات.
وبعد انشقاقه، خرج المذهان إلى قطر عبر الأردن، وتولى مكتب محاماة تجهيز ملفه من أجل محاسبة النظام السوري المخلوع، وأوضح أنه آثر تأجيل الانشقاق ليتمكّن من جمع أكبر عدد ممكن من الأدلة والصور عن المعتقلين الذين قُتلوا تحت التعذيب. وأعرب المذهان عن أمله في فتح محاكم وطنية لملاحقة ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب، تكون تحت إشراف الحكومة السورية الجديدة. كما طالب الولايات المتحدة الأميركية بإلغاء "قانون قيصر"، الذي ارتبط باسمه، ورفع العقوبات عن الشعب السوري.
وانشق "قيصر" عن نظام الأسد عام 2014، وسرّب 55 ألف صورة لـ11 ألف سجين قتلوا تحت التعذيب، في الفترة بين مايو/ أيار 2011 وأغسطس/ آب 2013، وقد اختار اسم "قيصر" لإخفاء هويته الحقيقية، خشية انكشافه لدى نظام الأسد، وعُرضت تلك الصور في مجلس الشيوخ الأميركي، وأثارت ردود فعل عالمية غاضبة.
وفي 11 ديسمبر/ كانون الأول 2019، أقرّ الكونغرس الأميركي بمجلسيه الشيوخ والنواب، قانون "قيصر" لمعاقبة النظام السوري ورئيسه على جرائم حرب ارتكبها بحق المدنيين، والذي دخل حيز التنفيذ عام 2020. ويتضمن القانون سلسلة عقوبات اقتصادية ضد النظام السوري وحلفائه والشركات والأفراد المرتبطين به، ويستهدف معاقبة الأسد وحرمانه من مصادر التمويل، ليعود إلى مفاوضات تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب.