قوى ليبية تطالب السراج بـ"تأجيل" استقالته أو العدول عنها

قوى ليبية تطالب السراج بـ"تأجيل" استقالته أو العدول عنها

30 أكتوبر 2020
السراج حدّد نهاية أكتوبر للاستقالة (Getty)
+ الخط -

ينتظر المشهد الليبي قرار رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، الذي يبدو أنه سيكون حاسماً بشأن مستقبل جلسات الملتقى الوطني الشامل للحوار السياسي قبل انطلاقه بأيام، ففيما طالبته أطراف ليبية بـ"التأجيل"، طالبته أخرى رافضة لنهج البعثة الأممية في المسار السياسي بـ"العدول" عن استقالته. 
وعلى الرغم من انتهاء المهلة التي أعلن عنها السراج، منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، بشأن رغبته في تسليم السلطة في مدة أقصاها نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، إلا أنه لم يعلن عن أي موقف حتى الآن، باستثناء دعوة السراج نفسه لجنة الحوار المناط بها تشكيل السلطة التنفيذية الجديدة إلى "الاضطلاع بمسؤوليتها التاريخية بعيداً عن المصالح الشخصية أو الجهوية والإسراع بتشكيل هذه السلطة"، شاكراً الأطراف التي دعته إلى التراجع عن الاستقالة.

وجهة نظرة ألمانيا

طالب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، اليوم الجمعة، رئيس المجلس فايز السراج بالبقاء في موقعه وأداء مهامه طيلة فترة المحادثات بين الأطراف الليبية، مؤكداً أن هذا "يعد من وجهة نظر ألمانيا أمراً مهماً لضمان الاستمرارية في قيادة الحكومة الليبية خلال هذه الفترة".
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي جمع السراج مع ماس وتطرق إلى عديد من الملفات، منها محادثات اللجنة العسكرية "5+5"، وملتقى الحوار السياسي الليبي، وسبل مكافحة جائحة كورونا، حسب بيان نشر على صفحة المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي على موقع "فيسبوك".


بدوره، أوضح السراج أن "خروج جميع الوجوه الحالية من المشهد سيساعد في إيجاد مخرج" للأزمة الليبية، مضيفاً أنه تلقى طلبات ودعوات عديدة من قبل المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب المنعقد في طرابلس وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ومؤسسات المجتمع مدني، وقيادات دول صديقة تدعوه للاستمرار في أداء مهامه، وذلك إلى حين اختيار مجلس رئاسي جديد، تجنباً لأي فراغ سياسي.
وفي هذا السياق، تقدم السراج بـ"الشكر للجميع على هذه الثقة"، وقال إن كل ما يطمح إليه "هو أن تجتاز ليبيا هذه المحنة وتصل إلى بر الأمان"، داعياً لجنة الحوار المناط بها تشكيل السلطة التنفيذية الجديدة إلى "الاضطلاع بمسؤوليتها التاريخية بعيداً عن المصالح الشخصية أو الجهوية والإسراع بتشكيل هذه السلطة، وأن تضع مصلحة الوطن فوق أي اعتبار آخر".
وكان المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب المجتمع في طرابلس قد طالبا السراج، أمس الخميس، بتأجيل الإعلان عن استقالته، لكن أسباب الدعوة يبدو أنها مختلفة.

 

المجلس الأعلى للدولة 
ففيما حثّ المجلس الأعلى للدولة، أمس الخميس، السراج على الاستمرار في أداء مهامه "حتى اختيار مجلس رئاسي جديد وذلك تجنباً لأي فراغ ساسي من أجل استقرار البلاد"، مشيراً إلى استناد مطالبته إلى بنود اتفاق الصخيرات الذي يقضي بأن استقالة رئيس مجلس الوزراء أو وفاته أو خلو منصبه لأي سبب من الأسباب "يؤدي إلى استقالة الحكومة بكاملها"، اكتفى مجلس النواب المجتمع بطرابلس بالقول إن دعوته للسراج أتت لـ"دواعي المصلحة العليا للوطن". 
ودعا نواب طرابلس السراج إلى تقديم إحاطته للمجلس لـ"التشاور معه بشأن المستجدات المتعلقة بالوضع السياسي وطرح المعوقات التي تواجه الحكومة في إدارة الأزمات".

 
غرفة سرت الجفرة
لكن أطرافاً أخرى دعت السراج لـ"العدول" عن استقالته للتمديد للمجلس الرئاسي، ففي خطاب وجهته القوات المساندة بغرفة سرت الجفرة، أكدت دعم المجلس الرئاسي في أداء مهامه "إلى حين الاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات". 
وأشار الخطاب إلى أنه صادر عن القوات المساندة وقوى سياسية واجتماعية وقوات موجودة على الأرض تؤكد ضرورة استمرار المجلس الرئاسي في أداء مهامه إلى حين الاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات، كما تطالبه بـ"إجراء تعديل وزاري فاعل بعيداً عن المحاصصة والمساومة لتقديم الخدمات اللازمة للمواطنين مهما كانت توجهاتهم السياسية ومناطقهم المختلفة"، وفق نص البيان. 

وجدد البيان رفض القوات المساندة للنتائج المترتبة على أي لقاءات وحوارات "ما لم تتبين آلية اختيار أعضائها وكيفية اتخاذ القرار بينهم"، في إشارة إلى قائمة المشاركين في الحوار السياسي المعلنة من جانب البعثة الأممية. 
 كذلك أكد البيان أن "أي تغيير لا يبنى على قاعدة دستورية ومحاكمة عادلة لمن أجرم في حق الليبيين لن يمر ولن يقبلوا به"، في إشارة إلى المطالبة بمحاسبة حفتر ومليشياته على الانتهاكات التي تخللت حروبه في ليبيا. 

 

الهيئة الطرابلسية
والمطالب ذاتها للسراج أتت من جانب الهيئة الطرابلسية، التي طالبته بـ"العدول" عن استقالته في الوقت الراهن "حتى تتضح رؤية نهاية مسار الحوار السياسي". 
وذكر بيان الهيئة، وهي تضم عدداً كبيراً من أعيان مدينة طرابلس التي يتحدر منها السراج، أنها "تأمل في توسيع دائرة المشاركة في الحوار حتى يكون الصوت الأقوى فيها داعياً ومطالباً بالاستفتاء على الدستور وإجراء انتخابات تشريعية ومن ثم رئاسية". 
وطالبت الهيئة السراج بتكليف رئيس للحكومة لـ"يتفرغ المجلس الرئاسي للدفع في اتجاه الاستفتاء على الدستور وإجراء انتخابات تشريعية"، في إشارة إلى رفض مسار البعثة الأممية الذي يتجه إلى إنتاج سلطة مؤقتة جديدة قبل خروج البلاد إلى مرحلة الانتخابات والتوافق على دستور دائم. 
واتهمت الهيئة البعثة الأممية بأنها تسعى لـ"تغيير المجلس الرئاسي بشخصيات أخرى موجودة في المشهد السياسي كان البعض منها سبباً في العدوان العسكري على عاصمة الدولة وقتل وتشريد الليبيين داخلها وتدمير مقدراتها"، بحسب البيان. 

وكانت رئيسة البعثة الأممية بالإنابة ستيفاني ويليامز قد أشادت بموقف السراج الذي وصفته بـ"الشجاع" حيال عزمه على الاستقالة وإفساح المجال لغيره، غير أنها طالبته بتأجيل إعلان الاستقالة حتى انتهاء الملتقى الوطني الشامل، المزمع عقده الشهر المقبل في تونس، من إنتاج سلطة سياسية جديدة، وفق تصريحات لها أخيراً.
خلخلة في المواقف
ويصف الأكاديمي الليبي ياسين العريبي المواقف المختلفة بأنها "تعكس خلخلة في مواقف الأطراف في غرب ليبيا والتي كانت إلى وقت قريب في صف السراج"، لكنه يرى أن الموقف الحاسم بيد السراج الذي يبدو أنه يعيش خلال الساعات الأخيرة حرجاً كبيراً تجاه حلفائه في الداخل ويواجه ضغوطاً من حلفائه في الخارج، لا سيما تركيا التي يوجد فيها حالياً في الوقت الذي يفترض فيه أنه يعد خطاب استقالته. 
ويرجح العريبي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن هذه الدعوات إذا تزايدت وتكاثفت، وإن لم يجمعها خطاب واحد، يمكنها أن تقوض مسار الحوار السياسي في تونس وتضع عراقيل أمامه. 
ويؤكد العريبي أن الثقة بمخرجات الملتقى في غدامس بدأت تتلاشى، خصوصاً أن من يسعى لـ"التمديد" للسراج طرف مسلح ويمتلك وجوداً قوياً في مناطق الحرب، وسط البلاد. 

تأجيل الاستقالة
من جهته، يرجح الناشط السياسي الليبي عقيلة الأطرش أن يوفر خطابا المجلس الأعلى للدولة ونواب طرابلس مستنداً شرعياً لإعلان السراج عن تأجيل استقالته، خصوصاً أن الأمم المتحدة طالبته بذلك أيضاً. 
وتابع الأطرش توضيحه، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن خطاب مجلس الدولة كان أكثر صراحة وبناء على القانون عندما أشار إلى مواد اتفاق الصخيرات الذي أوجد المجلس الرئاسي، وأن استقالة السراج تعني سقوط كل المجلس الرئاسي والحكومة. 
ويختم الأطرش حديثه بالقول إن "دعوات كهذه من جهات اعتبارية يمكن أن تخرج السراج من حالة الإحراج التي يعيشها حالياً، ومن المرجح جداً أن يصدر بيان له في الساعات المقبلة يعرب فيه عن تأجيل موعد الاستقالة بناء على مطالبة أممية وأجسام اعتبارية".