استمع إلى الملخص
- الرئيس السوري أحمد الشرع أكد وجود مفاوضات غير مباشرة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، مشيراً إلى ضرورة توقف إسرائيل عن تدخلاتها في الشأن السوري.
- الباحث السياسي محمد المصطفى أشار إلى أن الحديث عن اتفاقية سلام غير واقعي حالياً، حيث يتطلب تفاهمات أمنية تلبي مطالب الطرفين، مع وجود تعقيدات إقليمية.
تصاعد الحديث أخيراً عن احتمال انضمام سورية إلى اتفاقيات التطبيع
الشرع تحدث عن مفاوضات غير مباشرة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية
بموجب الاتفاقية تنسحب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها أخيراً
نقلت قناة "آي 24" الإسرائيلية، مساء الجمعة، عن مصدر سوري أن إسرائيل وسورية ستوقعان "اتفاقية سلام" قبل نهاية عام 2025، زاعماً أن مرتفعات الجولان ستتحول بموجب الاتفاقية إلى "حديقة سلام". وأضاف المصدر، الذي لم تكشف القناة عن هويته، أن من شأن هذه الاتفاقية تطبيع العلاقات بين البلدين بشكل كامل، موضحاً أنه "بموجب الاتفاقية المذكورة، ستنسحب إسرائيل تدريجياً من جميع الأراضي السورية التي احتلتها بعد غزو المنطقة العازلة في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، بما في ذلك قمة جبل الشيخ".
وكثف الاحتلال الإسرائيلي من اعتداءاته وتوغلاته في الجنوب السوري خلال الفترة الأخيرة، تزامناً مع تصريحات وتسريبات عدة بشأن اتصالات سورية إسرائيلية برعاية أميركية بهدف التوصل إلى تفاهمات وربما اتفاقيات جديدة تتخطى اتفاق فصل القوات الموقع بين الطرفين عام 1974، الذي باتت إسرائيل تراه غير كافٍ.
ولم يصدر بعد أي تعليق من دمشق على ما نشرته القناة العبرية. غير أن الرئيس السوري أحمد الشرع
، جدد الأربعاء الماضي، الحديث عن وجود مفاوضات غير مباشرة جارية عبر وسطاء دوليين لوقف الاعتداءات والتوغلات الإسرائيلية في أراضي بلاده. وهذه المرة الثانية التي يعلن فيها الشرع حصول مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل؛ إذ سبق أن أشار إلى ذلك خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارته للعاصمة باريس في مايو/ أيار الماضي. وأكد حينها أن على إسرائيل "التوقف عن تصرفاتها العشوائية وتدخلها في الشأن السوري".وتعليقاً على الحديث عن احتمال التوصل إلى اتفاقية تطبيع بين سورية وإسرائيل قبل نهاية العام الحالي، أوضح الباحث السياسي محمد المصطفى لـ"العربي الجديد"، أن التسريبات تصدر عن الجانب الإسرائيلي، وليس السوري، وحتى إن كانت غير إسرائيلية، فإنها تدور في فلك الرواية الإسرائيلية. ولفت إلى أن الحديث عن اتفاقية سلام بين سورية وإسرائيل في هذا التوقيت، وبهذا الشكل، غير حقيقي ولا واقعي، لكونه يذهب إلى النهايات، بينما المطلوب الآن تفاهمات أمنية تلبي مطالب الطرفين.
وأضاف المصطفى أنه بعد سقوط نظام الأسد، استغلت إسرائيل الوضع، ودمّرت الإمكانات العسكرية للجيش السوري في المنطقة الجنوبية، ومنعت وصول الجيش والأسلحة إلى المنطقة التي أصبحت في حالة هشاشة. ولفت إلى أن القيادة السورية تخشى استغلال إسرائيل للوضع لضم أجزاء من الجنوب السوري، لذلك تطرح عبر وسطاء طمأنات بعدم القيام بأي أعمال أمنية مقلقة أو مضرة للطرف الآخر في الجنوب السوري، مقابل وقف التمدد الإسرائيلي والعودة إلى اتفاقية فض الاشتباك عام 1974.
وأردف المصطفى بأنه على الأغلب، فإن القيادة السورية لن تنفرد باتفاقية سلام بعيداً عن المحور العربي، وخصوصاً بقيادة السعودية، مرجحاً أن يكون هناك تفاهمات بينية بين سورية والدول العربية بهذا الخصوص. وقال: "ستكون الاتفاقيات الأمنية مقدمة أولية لإيجاد أرضية لتفاهمات لاحقة ذات طبيعة استراتيجية، منها الحديث عن اتفاقية السلام". وأضاف: "قبل الوصول إلى تفاهمات أمنية تلبي مخاوف الطرفين، لا يمكن الحديث عن السلام، لأن الحديث عن اتفاقية السلام يحتاج إلى زمن أكبر مما هو مطروح، خصوصاً في ما يتعلق بالجولان، وجبل الشيخ، وأطراف معارضة، ومحاور إقليمية قد تسعى لإفشال مثل هذه الاتفاقية. وبالتالي، الأمر معقد أكثر مما هو مطروح في الإعلام، ويحتاج إلى لقاءات بين الأطراف المشاركة في هذا الشأن".
وبيّن المصطفى أن توقيع اتفاق سلام بين سورية وإسرائيل قد يبدو حالياً ممكناً على الورق، لكن الواقع مليء بالتعقيدات، مشيراً أيضاً إلى أن الرئيس الأميركي ترامب يسعى للحصول على جائزة نوبل للسلام، وبالتالي تدفع القيادة الأميركية نحو سلام بين الطرفين، ليس فقط في سورية، بل من الجانب العربي أيضاً، مع اعتبار سورية دولة مواجهة مع الكيان.
وفي السابع من مايو/أيار الفائت، نقلت وكالة رويترز عن ثلاثة مصادر مطلعة، أن الإمارات فتحت قناة اتصال خلفية لمحادثات بين سورية وإسرائيل. وأفاد مصدر مطلع ومسؤول أمني سوري ومسؤول مخابرات إقليمي لـ"رويترز"، بأن الاتصالات غير المباشرة، التي لم تُعلن سابقاً، تركز على مسائل أمنية ومخابراتية وبناء الثقة بين دولتين لا تربطهما علاقات رسمية.
وفي السياق عينه، أعلن المبعوث الخاص للرئيس الأميركي ستيف ويتكوف، الأربعاء، أن واشنطن ستصدر في وقت قريب "إعلاناً مهماً" بشأن انضمام دول في المنطقة إلى اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل أو ما تسمى أميركياً وإسرائيلياً "اتفاقيات أبراهام". وقال ويتكوف لـ"سي إن بي سي": "نتوقع تطبيع العديد من الدول (علاقاتها مع إسرائيل)". وخاضت الإدارات الأميركية، السابقة والحالية، عدة مباحثات مع السعودية بهدف ضمها إلى محور التطبيع مع إسرائيل، لكن حرب الإبادة على غزة عطلت جهود واشنطن التي لم تتخلَّ عن هذا الملف، وتسعى لضم دول أخرى إلى قطار التطبيع.
ومنذ عام 1967، تحتل إسرائيل معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واستغلت الوضع الجديد في البلاد بعد إسقاط نظام بشار الأسد، واحتلت المنطقة السورية العازلة، وأعلنت انهيار اتفاقية فض الاشتباك بين الجانبين لعام 1974. كذلك احتلت "جبل الشيخ" الاستراتيجي الذي لا يبعد عن العاصمة دمشق سوى نحو 35 كيلومتراً، ويقع بين سورية ولبنان ويطل على إسرائيل، كذلك يمكن رؤيته من الأردن، وله أربع قمم أعلاها يبلغ طولها 2814 متراً.