قمة لندن بشأن أوكرانيا: خطة لتسليح أوروبا وبحث ضمانات أمنية شاملة لكييف

02 مارس 2025
زيلينسكي وستارمر وماكرون في لندن، 2 مارس 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- انعقدت قمة في لندن بمشاركة 18 دولة حليفة لأوكرانيا لمناقشة الضمانات الأمنية وتحقيق سلام دائم، وسط مخاوف من تراجع الدعم الأمريكي.
- شدد القادة الأوروبيون على ضرورة زيادة الإنفاق الدفاعي ودعم أوكرانيا اقتصاديًا وعسكريًا، مع اقتراح هدنة تشمل الجو والبحر والبنية التحتية للطاقة.
- دعا القادة إلى تعاون أوروبي أمريكي موحد لدعم أوكرانيا، مع خطط لوقف القتال وتجنب انقسام الغرب في مواجهة التحديات الأمنية.

انعقدت في العاصمة البريطانية لندن، مساء الأحد، قمة لمناقشة الضمانات الأمنية المزمع تقديمها لأوكرانيا وتحقيق سلام دائم في هذا البلد، بالإضافة إلى قضايا أخرى متعلقة بالأمن الأوروبي. وجاءت هذه القمة في مواجهة المخاوف من تخلي واشنطن عن أوكرانيا، التي ازدادت حدتها بعد المشادة الكلامية الجمعة بين دونالد ترامب وفولوديمير زيلينسكي.

وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين في ختام القمة، ضرورة إعادة تسليح القارة "بشكل عاجل". وقالت فون ديرلاين للصحافيين إنها ستقدم "خطة شاملة حول طريقة إعادة تسليح أوروبا" في قمة الدفاع الخاصة بالاتحاد الأوروبي الخميس، مشيرة إلى الحاجة لزيادة الإنفاق الدفاعي "على فترة زمنية طويلة".

وأجرى قادة 18 دولة حليفة لكييف في لندن الأحد بحضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مباحثات "جيدة وصريحة" وناقشوا الحاجة إلى "ضمانات أمنية شاملة" لبلاده في المستقبل، من "البقاء الاقتصادي إلى المرونة العسكرية" وفقاً لفون ديرلاين. وأضافت أنه في موازاة ذلك "من المهم الآن أن نزيد إنفاقنا" الدفاعي في أوروبا وأن "نستعد للأسوأ".

وقالت رداً على سؤال عن الرسالة التي تريد بعثها إلى الولايات المتحدة: "من مصلحتنا المشتركة منع الحروب مستقبلاً". وأضافت: "نحن مستعدون معاً ومعكم للدفاع عن الديمقراطية وعن مبدأ دولة قانون ولا يجوز غزو بلد مجاور أو تغيير الحدود بالقوة".

وأعلن رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، أن القادة الذين شاركوا في قمة لندن، الأحد، مستعدون للقيام بالمزيد من أجل أوكرانيا. وقال كريسترسون، في تصريحات لوكالة الأنباء السويدية "تي تي"، بعد القمة، إن الولايات المتحدة يجب أن تستمر في دعم أوكرانيا. وأضاف: "يمكننا نحن أيضاً المساهمة في هذا الدعم".

ولفت إلى أنه لاحظ وجود تصميم بين قادة الدول المشاركة في الاجتماع، موضحاً أن "القادة الذين حضروا الاجتماع مستعدون للقيام بالمزيد من أجل أوكرانيا". وشدد على أن السويد مستعدة أيضاً للمساعدة في توفير ضمانات أمنية لأوكرانيا تحت شروط معينة. وأكد أنه "على الرغم من وجود أمور غامضة في الاجتماع، إلا أنني لاحظت أن القادة جادون ومصممون على مساعدة أوكرانيا".

كذلك، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن باريس ولندن تقترحان هدنة لمدة شهر في أوكرانيا تشمل "الجو والبحر والبنية التحتية للطاقة"، وذلك في تصريحات لصحيفة لو فيغارو عقب اجتماع لحلفاء كييف في العاصمة البريطانية. إلى ذلك، اقترح ماكرون أن ترفع الدول الأوروبية إنفاقها الدفاعي الى ما بين 3 و3.5% من إجمالي الناتج المحلي، في مواجهة تبدّل سياسات الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب.

من جانبه، اعتبر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الأحد أن على "أوروبا تحمّل العبء الأكبر" لضمان السلام في أوكرانيا، لكنه أشار إلى الحاجة للدعم الأميركي، وذلك بعد استضافته محادثات مع حلفاء لكييف بحضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وقال ستارمر إن "على أوروبا تحمّل العبء الأكبر، لكن من أجل دعم السلام في قارتنا، والنجاح في ذلك، يجب أن يحظى هذا الجهد بدعم قوي من الولايات المتحدة".

كذلك، أعرب المستشار الألماني أولاف شولتز عن اعتقاده بأن إنهاء القصف الروسي على أوكرانيا يشكل نقطة بداية محتملة لمحادثات السلام. وفي أعقاب القمة الخاصة بأوكرانيا في العاصمة البريطانية لندن، قال شولتز اليوم الأحد إنه "سيكون من المفيد جداً إذا تم التوصل إلى وقف القصف. سيكون ذلك بمثابة نقطة انطلاق للمحادثات التي يمكن أن تستمر بعد ذلك".

ولم يقدم شولتز إجابة واضحة بشأن إمكانية إسهام ألمانيا في توفير ضمانات أمنية لاتفاق سلام في أوكرانيا، لكنه شدد على أهمية قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها من خلال امتلاك جيش قوي. كما لمّح إلى أن ألمانيا قد تسهم في ذلك بشكل أساسي من خلال الدعم المالي، وقال: "سيتطلب ذلك جهداً، لم يستعد له الكثيرون كفاية بعد".

في السياق ذاته، دعا رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، إلى الوحدة بين أوروبا والولايات المتحدة بشأن أوكرانيا، معرباً عن أمله في أن تظهر قمة مقبلة للاتحاد الأوروبي لروسيا أنّ الغرب "ليست لديه نية للاستسلام". وقال توسك بعد محادثات في لندن بشأن أوكرانيا: "يجب القيام بكل شيء لضمان أنّ تتحدث أوروبا والولايات المتحدة بصوت واحد"، مضيفاً أنّ القمة الأوروبية المقررة الخميس يجب أن ترسل رسالة واضحة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهي أنّ "الغرب ليست لديه نية للاستلام في مواجهة ابتزازه وعدوانه".

وأضاف: "على أوروبا والولايات المتحدة أن تجدا طريقة لإجراء مناقشة مستمرّة وصادقة للغاية في ما بينهما وتبادل وجهات النظر، حتى نتمكّن من فهم بعضنا البعض بشكل أفضل قدر الإمكان"، قبل أي مفاوضات بشأن أوكرانيا. وأكد أنّ "أوكرانيا تحتاج إلى دعم مستمر وموقف قوي قدر الإمكان قبل المفاوضات مع روسيا".

من جانبه، دعا رئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا إلى زيادة الدعم العسكري لأوكرانيا، مشيرا إلى أن هذه هي الطريقة الوحيدة لمنع روسيا من التوسع بشكل أكبر على بعد بضع مئات الكيلومترات فقط من بلاده.

وقال فيالا عبر منصة إكس إن "أوروبا المسلحة بشكل جيد وحدها القادرة على ضمان السلام المستدام وطويل الأمد"، مضيفا أن هذا لن يكون ممكنا من دون زيادة الإنفاق الدفاعي إلى ما لا يقل عن 3% من الناتج المحلي الإجمالي.

كما أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأحد، أن بلاده تعمل مع فرنسا على "خطة لوقف القتال" بين أوكرانيا وروسيا. وقال ستارمر لهيئة بي بي سي: "ستعمل المملكة المتحدة، إلى جانب فرنسا وربما دولة أو دولتين أخريين، مع أوكرانيا على خطة لوقف القتال، وبعد ذلك، سنناقش هذه الخطة مع الولايات المتحدة".

كذلك قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، الأحد، إنه "من المهم للغاية تجنب خطر انقسام" الغرب لدى وصولها إلى داونينغ ستريت لإجراء محادثات مع نظيرها البريطاني كير ستارمر.

واستُقبِل الرئيس الأوكراني الذي هتف له عشرات الأشخاص الذين تجمعوا خارج 10 داونينغ ستريت، بحفاوة السبت من جانب رئيس الوزراء البريطاني الذي أكد له "تصميم المملكة المتحدة المطلق" على دعم بلاده في مواجهة الغزو الروسي. ووقعت لندن وكييف عقب ذلك اتفاقية قرض بقيمة 2.26 مليار جنيه إسترليني (حوالى 2.74 مليار يورو) لدعم القدرات الدفاعية لأوكرانيا، وهو مبلغ سيُسدَّد من أرباح الأصول الروسية المجمدة.

وقال زيلينسكي على تليغرام: "ستُستخدَم الأموال لإنتاج أسلحة في أوكرانيا"، معرباً عن "امتنانه لشعب المملكة المتحدة وحكومتها". ومن المقرر أن يلتقي زيلينسكي الملك تشارلز الثالث الأحد، وأن يشارك في قمة أمنية من المقرر أن تبدأ اعتباراً من الساعة 14.00 (بالتوقيت المحلي وتوقيت غرينيتش).

ويشارك في هذه القمة خصوصاً كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتز، ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، ورئيسا المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي، أورسولا فون ديرلاين وأنطونيو كوستا.

ويأتي ذلك قبل قمة أوروبية استثنائية حول أوكرانيا من المقرر عقدها في 6 مارس/آذار في بروكسل. ووفقاً لداونينغ ستريت، ستركز المناقشات في لندن على "تعزيز موقف أوكرانيا اليوم، بما في ذلك الدعم العسكري المستمر وزيادة الضغط الاقتصادي على روسيا". وسيناقش المشاركون أيضاً "ضرورة أن تؤدي أوروبا دورها في مجال الدفاع" و"الخطوات التالية للتخطيط لضمانات أمنية قوية" في القارة، في مواجهة خطر انسحاب المظلة العسكرية والنووية الأميركية.

تنظر أوكرانيا وأوروبا بقلق إلى التقارب بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. وبهدف وضع حد للحرب التي يرفض الرئيس الأميركي اعتبار موسكو مسؤولة عنها، أطلقت موسكو وواشنطن مفاوضات من دون دعوة أوكرانيا أو الأوروبيين إليها. ولا يبدو أن هذه المخاوف ستتراجع، خصوصاً بعد المشادة الكلامية العلنية في المكتب البيضاوي بين زيلينسكي وترامب ونائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس الجمعة.

وهدد الرئيس الأميركي نظيره الأوكراني بالتخلي عن أوكرانيا إذا لم يقدم تنازلات لتسوية النزاع مع روسيا. وردّت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك السبت قائلة: "لقد بدأت حقبة جديدة من العار (...) يجب أن ندافع فيها أكثر من أي وقت مضى عن النظام الدولي القائم على القواعد وقوة القانون، في مواجهة قانون الأقوى".

ودعت وزيرة الخارجية الألمانية السبت إلى تخفيف أحكام الميزانية المحلية والأوروبية من أجل توفير موارد إضافية لمساعدة أوكرانيا وتعزيز الدفاع الأوروبي. وكانت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس قد قالت قبل يوم: "بات واضحاً أن العالم الحر يحتاج إلى زعيم جديد. يتعين علينا نحن الأوروبيين أن نواجه هذا التحدي".

وفي مقابلة نُشرت السبت، أمل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من جهته أن تحرز دول الاتحاد الأوروبي تقدماً سريعاً نحو "تمويل مشترك ضخم ومكثف" مقداره "مئات المليارات من اليوروهات" لبناء دفاع مشترك.

(فرانس برس، رويترز، الأناضول، قنا)

المساهمون