قمة أوروبية بمشاركة زيلينسكي في مواجهة سحب واشنطن دعمها العسكري
استمع إلى الملخص
- المستشار الألماني حذر من فرض "سلام مفروض" على أوكرانيا، بينما أكد وزير الدفاع الفرنسي على استمرار تقديم المعلومات الاستخباراتية لأوكرانيا، محذراً من تأثير وقف المساعدات الأمريكية.
- القمة تهدف لتعزيز الدفاع الأوروبي، مع خطة لإعادة تسليح أوروبا بقيمة 800 مليار يورو، وسط قلق من تجميد المساعدات الأمريكية لأوكرانيا، وسعي زيلينسكي لضمانات أمنية غربية.
قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين إلى جانب الرئيس فولوديمير زيلينسكي، إن أوروبا وأوكرانيا تواجهان "لحظة حاسمة". وأضافت خلال افتتاح قمة استثنائية لقادة دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل يشارك فيها زيلينسكي "تواجه أوروبا خطراً واضحاً وقائماً، ومن ثم يتعين عليها أن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها، كما علينا أن نمنح أوكرانيا الوسائل اللازمة لحماية نفسها والعمل من أجل سلام عادل ودائم".
رئيس وزراء بلجيكا يؤكد مواصلة دعم أوكرانيا
من جهته، قال رئيس الوزراء البلجيكي، بارت دي ويفر، الخميس، إن بلاده ستواصل دعم أوكرانيا، وإن القرارات المتعلقة بمستقبلها وأمن أوروبا لا يمكن اتخاذها في غياب كل من كييف وبروكسل. جاء ذلك في منشور له على منصة إكس، عقب استقباله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في بروكسل، التي قدم إليها الأخير لحضور قمة استثنائية للاتحاد الأوروبي. وعقب الاجتماع، قال رئيس الوزراء البلجيكي: "أكدت اليوم لزيلينسكي أننا سنواصل دعم أوكرانيا".
وأشار إلى أنه أبلغ زيلينسكي أيضاً أنهم لن يقبلوا اتخاذ القرارات بشأن مستقبل أوكرانيا والأمن الأوروبي دون وجود كييف وبروكسل على الطاولة.
المستشار الألماني يرفض "سلاماً مفروضاً" على أوكرانيا
أما المستشار الألماني أولاف شولتز فحذر من "سلام مفروض" على أوكرانيا. وقال شولتز خلال القمة الاستثنائية لقادة دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل "من المهم جداً أن نضمن ألا تضطر أوكرانيا لقبول سلام مفروض، بل أن يكون سلاماً عادلاً ومنصفاً يضمن سيادة واستقلال" البلاد.
من جانبه، قال وزير الدفاع الفرنسي، سيباستيان لوكورنو، اليوم، إن معلومات المخابرات التي تقدمها بلاده لأوكرانيا لم تتأثر بتعليق الولايات المتحدة تقديم تلك المعلومات لكييف، لكنه حذر من أن وقف واشنطن مساعداتها العسكرية سيضر بعمليات أوكرانيا لصد الغزو الروسي.
وقال لوكورنو لإذاعة فرانس إنتر إن وقف الولايات المتحدة المساعدات العسكرية وتقديم المعلومات المخابراتية لأوكرانيا سيكون له "تأثير كبير على العمليات". وأشار لوكورنو إلى أن فرنسا لديها مصادرها الخاصة لمعلومات المخابرات التي تقدمها لكييف ولا تعتمد على واشنطن.
وأضاف لدى سؤاله عما إذا كان بمقدور أوروبا أن تعوض ما سينقص بسبب وقف المعلومات الأميركية: "أعتقد أن الأمر أكثر تعقيداً بالنسبة لأصدقائنا البريطانيين الذين يعملون في منظومة مخابرات مع الولايات المتحدة" في إشارة إلى مجموعة (فايف آيز) أو "العيون الخمس" التي تضم دولاً متحدثة بالإنجليزية وتشمل أيضاً كندا وأستراليا ونيوزيلندا.
وقال: "لدينا مصادر سيادية للمخابرات، وقدراتنا الخاصة، ولدينا موارد نستفيد منها في مساعدة الأوكرانيين".
وفي السياق، قال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن بلاده، التي تمتلك ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي بعد الولايات المتحدة، قد تساهم في مهمة حفظ سلام محتملة في أوكرانيا. وأوضح المصدر لصحافيين في أنقرة "سيجري النظر في مسألة المساهمة في المهمة إذا اعتبرت ضرورية لإرساء الاستقرار والسلام الإقليميين، وسيجري تقييمها بشكل مشترك مع جميع الأطراف المعنية".
في غضون ذلك، نقلت "فرانس برس" عن روسيا قولها إن وقف إطلاق النار بشكل مؤقت في أوكرانيا غير مقبول.
وتهدف القمة الأوروبية اليوم إلى تعزيز الدفاع الأوروبي وطمأنة كييف، على ضوء التحول التام في سياسة الولايات المتحدة وتحالفاتها التقليدية في عهد الرئيس دونالد ترامب.
وإزاء التهديد الروسي وخطر سحب واشنطن التزامها تجاه القارة، تشهد أوروبا تبدلا في المواقف. ففي تحول لم يكن من الممكن تصوره لعقود، قررت ألمانيا استثمار مبالغ طائلة في قدراتها العسكرية، ودعت من أجل ذلك إلى إصلاح قواعد الميزانية الأوروبية المتشددة، ما أثار ذهول العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين بعدما كانت تتمسك حتى الآن بنهج مالي صارم بشأن العجز.
وفي سياق التقلبات الجذرية التي طرأت على الوضع الجيوسياسي جراء مواقف ترامب، كشفت المفوضية الأوروبية عن خطة لـ"إعادة تسليح أوروبا" تقضي برصد حوالى 800 مليار يورو. وفي هذا السبيل، يجري بحث السماح للدول الأعضاء بزيادة إنفاقها العسكري بدون إدراجه ضمن العجز في ميزانياتها.
وكتبت فون ديرلاين في رسالة وجهتها إلى قادة دول الاتحاد أن "أوروبا تواجه خطراً واضحاً وآنياً بحجم لم يعرفه أي منا في حياته". وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الأربعاء في كلمة إلى الفرنسيين أنه يعتزم "فتح النقاش الإستراتيجي" حول وضع أوروبا تحت حماية المظلة النووية الفرنسية.
وكانت واشنطن قد أعلنت الاثنين تجميد مساعدتها العسكرية لأوكرانيا وسط تقارب لافت مع الكرملين منذ المكالمة الهاتفية المطولة التي أجراها ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في 12 فبراير/شباط. وأوضح مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه) جون راتكليف الأربعاء، أن هذا القرار الذي يقوض بحسب الخبراء قدرة كييف على الدفاع عن نفسها بوجه الغزو الروسي، يشمل كذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية، رغم أن هذا التعاون عنصر أساسي يعول عليه الجنود الأوكرانيون في ساحة المعركة.
ومن الجانب الأوروبي، تعهد التكتل تقديم حوالى 30 مليار يورو لأوكرانيا خلال العام 2025، ولا ترى دول عدة ضرورة لزيادة هذا المبلغ في الوقت الحاضر. وبعدما قامت كييف بالعديد من مبادرات التهدئة حيال الولايات المتحدة إثر المشادة الكلامية الصادمة بين زيلينسكي وترامب الأسبوع الماضي في المكتب البيضوي حين هدد الرئيس الأميركي بـ"التخلي" عن أوكرانيا، أعلنت الأربعاء العمل على مفاوضات جديدة مع الأميركيين.
ويطالب زيلينسكي حلفاءه الغربيين بضمانات أمنية متينة في إطار مفاوضات محتملة، للتثبت من عدم تعرض بلاده لهجوم روسي جديد في المستقبل. وكتب الأربعاء على شبكات التواصل الاجتماعي "نريد جميعاً مستقبلاً آمناً لشعبنا. لا إطلاق نار مؤقتاً، بل وقف الحرب بصورة نهائية". وكان زيلينسكي عرض الثلاثاء هدنة مع روسيا في الجو والبحر لبدء مفاوضات حول "سلام دائم" بـ"قيادة" ترامب، كما أبدى استعداده لتوقيع اتفاق إطاري مع الولايات المتحدة حول استغلال الموارد المعدنية الأوكرانية، وهو ما يطالب به الرئيس الأميركي.
وأكد ماكرون أن موسكو "حولت النزاع الأوكراني إلى نزاع عالمي" مشدداً على أن "الوقوف متفرجين سيكون من الجنون". لكن ليس هناك إجماع على سبل التحرك. وفي هذا السياق، حذر رئيس الوزراء المجري القومي فيكتور أوربان المؤيد لترامب، من أي استنتاجات خطية بشأن أوكرانيا في نهاية القمة، في موقف يهدد بكشف الانقسامات بين الأوروبيين في العلن. وقال دبلوماسي أوروبي ملخصا الوضع "الهدف بشأن أوكرانيا هو التوصل إلى اتفاق بين الأعضاء الـ27 جميعهم أو ما يقارب ذلك" مؤكدا "سنتقدم في مطلق الأحوال. المهم أن تحصل أوكرانيا على دعم".
(فرانس برس، رويترز)