قمة أرمينية ــ أذرية برعاية روسية: بوتين يرسّخ دوره كوسيط

قمة أرمينية ــ أذرية برعاية روسية: بوتين يرسّخ دوره كوسيط

11 يناير 2021
هجوم متوقع من المعارضة الأرمينية على باشنيان (فهرام بغداسريان/Getty)
+ الخط -

بعد شهرين على انتهاء العمليات العسكرية في إقليم ناغورنو كاراباخ بين أرمينيا وأذربيجان بوساطة روسية، أعلن الكرملين عن عقد قمة ثلاثية اليوم الإثنين في موسكو تجمع الرئيس فلاديمير بوتين، ونظيره الأذري إلهام علييف مع رئيس الحكومة الأرمينية نيكول باشنيان.

وأوضح الكرملين في بيان أمس الأحد، أنّ القمة تعقد بمبادرة من بوتين الذي دعا الطرفين إلى مباحثات ثلاثية "من المخطط أن تنظر في سير تنفيذ إعلان قادة أذربيجان وروسيا وأرمينيا حول ناغورنو كاراباخ في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، وبحث الخطوات المقبلة لحل المشكلات القائمة في الإقليم". وأشار الكرملين إلى أن المباحثات "ستولي أهمية كبيرة لقضايا تقديم المساعدة لسكان المناطق المتضررة نتيجة الأعمال العسكرية، إضافة إلى رفع القيود الاقتصادية، وتطوير الاتصالات الاقتصادية وحركة المرور". وذكر أنّ بوتين "سيعقد اجتماعات ثنائية منفصلة مع كل من باشنيان وعلييف".

لا مخططات للتوقيع على أي وثائق لتسوية الأزمة في كاراباخ

واستباقاً لهجوم متوقع من المعارضة الأرمينية، التي حملت باشنيان مسؤولية الهزيمة العسكرية وخسارة نحو ثلث أراضي إقليم كاراباخ، إضافة إلى انسحاب الجيش الأرميني من معظم الأراضي الأذربيجانية المحيطة بالإقليم والتي كانت خاضعة لسيطرة أرمينيا منذ عام 1994، نفت ماني غيفورغيان المتحدثة باسم باشنيان أي نية لتوقيع اتفاقات بشأن وضع إقليم كاراباخ في القمة الثلاثية. وأوضحت عبر صفحتها على موقع فيسبوك أنه "بالنسبة للجانب الأرميني، فإنّ قضايا عودة الأسرى وعمليات البحث والإنقاذ المتعلقة بجنودنا المتواجدين خلف الخطوط الحالية مع أذربيجان، والبحث عن جثث القتلى ومصير المفقودين، لها أهمية حاسمة". وأشارت إلى أنّ اللقاء "سيتطرق إلى قضايا اقتصادية وفتح الطرق الدولية ومن ضمنها من أرمينيا إلى روسيا وإيران"، مشددة على أنه "لا توجد مخططات للتوقيع على أي وثائق لتسوية الأزمة في كاراباخ أو الخوض في أي قضية تتعلق بالأراضي". وذكرت أنه "في حال تم التوصل إلى توافق حول جدول الأعمال؛ أي القضايا الاقتصادية وتبادل الأسرى والمفقودين، فيمكن أن نوقّع إعلاناً مشتركاً في نهاية الاجتماع".

ومعلوم أنّ بوتين عقد اجتماعاً افتراضياً مع علييف وباشنيان في 9 نوفمبر من العام الماضي، ووقع فيه الزعماء الثلاثة على اتفاق لوقف إطلاق النار اعتباراً من 10 نوفمبر. وتضمن الاتفاق تسعة بنود، أهمها وقف إطلاق النار واحتفاظ كل طرف بالمواقع التي سيطر عليها، أي تثبيت تقدم أذربيجان في كاراباخ، إضافة إلى انسحاب أرمينيا من سبع مناطق مجاورة للإقليم، ونشر قوة حفظ سلام روسية من 1960 فرداً، وإشراف روسيا على طريق يصل بين الإقليم وأرمينيا يمر عبر منطقة لاشين. ولم يتطرق الاتفاق إلى تحديد مصير الإقليم المتنازع عليه، لكن التصريحات الروسية اللاحقة أكدت أنه يعدّ أراضي أذرية بمقتضى القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن. وتكمن العقدة القانونية في تحديد وضع كاراباخ حسب خبراء روس، بصعوبة الجمع بين مبدأين مهمين في القانون الدولي أحدهما يؤكد على وحدة وسلامة أراضي الدول الأعضاء، والثاني حق الشعوب في تحديد مصيرها.

موسكو لا تراهن على تسوية سريعة لوضع كاراباخ القانوني

وفي حين تعرّض باشنيان إلى انتقادات واسعة من قبل المعارضة التي نظمت تظاهرات بعد توقيع اتفاق نوفمبر، وحملته المسؤولية عن الهزيمة، وسعت لإسقاطه، عملت روسيا على كيل المديح لـ"شجاعة رئيس الوزراء الأرميني واختيار قرار وقف إطلاق النار". ويبدو أنّ الجانب الأرميني يركز على تحسين الأوضاع الاقتصادية لتجنب انهيار أكبر، خصوصاً أنّ تبعات الحرب وأزمة فيروس كورونا وجهت ضربة قاسية لاقتصاد أرمينيا الضعيف أصلاً. وفي تصريحات منذ أيام، توقع وزير المال الأرميني السابق، دافيد ساركيسيان، تراجع الناتج المحلي بنحو 10 في المائة، مؤكداً أنّ أي اتفاق أو بحث عن حلول وسط بشأن وضع كاراباخ "سيؤدي لإثارة الشارع من جديد وربما الإطاحة بباشنيان". في المقابل، خرجت أذربيجان منتصرة، وتمكنت من إنهاء حال الجمود المتواصل في الإقليم منذ 1994.

ومع تشديده على أن كاراباخ أراض أذرية، كشف علييف في 10 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد عرض عسكري في باكو بمناسبة "النصر" على أرمينيا، شارك فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن "إنشاء منصة واحدة لتطوير المنطقة في ظروف السلام، تنطلق من التعاون بين روسيا وأذربيجان وتركيا وإيران، وفي حال خلصت أرمينيا إلى استنتاجات صحيحة من الحرب المنتهية يمكن أن نتعاون معها".
وبعد توفيرها الدعم لأذربيجان، تبرز تركيا كلاعب قوي في القوقاز لتشكل مع روسيا ثنائياً جديداً أثبت نجاعته مقابل فشل مجموعة مينسك بقيادة روسيا وفرنسا وأميركا، في حلّ الأزمة في كاراباخ لأكثر من ربع قرن. ورغم نجاحها في منع انتشار الحرب في القوقاز، وتفردها بجهود الوساطة، على حساب مجموعة "مينسك" ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، فإنّ موسكو لا تراهن على تسوية سريعة لوضع كاراباخ القانوني، نظراً لحساسية الموضوع بالنسبة للشعب الأرميني.