استمع إلى الملخص
- استقبلت القاهرة وفداً إسرائيلياً لمناقشة مقترح وقف إطلاق النار، مؤكدة على أهمية وقف التصعيد والعودة للمسار التفاوضي لحماية المدنيين واستئناف مفاوضات التهدئة.
- تواصل مصر جهودها بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، لكن التصعيد في رفح يهدد هذه المساعي ويزيد من صعوبة التوصل إلى اتفاق شامل.
تشعر مصر بقلق بالغ من إعلان الجيش الإسرائيلي استكمال تطويق رفح جنوبي قطاع غزة، وفتح "محور موراغ" الفاصل بين مدينتَي رفح وخانيونس، وهو ما وصفته مصادر مصرية بأنه تصعيد "يمثل تطوراً بالغ الخطورة في مسار العمليات العسكرية داخل القطاع". وأكدت المصادر المصرية المطلعة لـ"العربي الجديد"، أن مسؤولين مصريين أجروا خلال الساعات الماضية اتصالات مع مستويات أمنية رفيعة في الحكومة الإسرائيلية، إلى جانب تواصلهم مع مسؤولين في الإدارة الأميركية، لنقل المخاوف المصرية من هذا التطور. تطورٌ اعتبرته القاهرة تهديداً مباشراً لسلامة المدنيين الفلسطينيين في مدينة رفح، التي تضم مئات الآلاف من المهجّرين، وخطوة تقوّض الجهود الجارية للوساطة من أجل التوصل إلى اتفاق تهدئة شامل.
وبحسب المصادر، شددت مصر في اتصالاتها على أن استمرار التصعيد العسكري في رفح، خصوصاً عبر السيطرة الإسرائيلية الكاملة على محاور الحركة جنوبي القطاع، من شأنه أن يعقّد أي تقدم نحو تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار (الذي أُبرم في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي ورفض الاحتلال الدخول في مراحله اللاحقة القاضية بوقف الحرب والانسحاب من القطاع وإعادة الإعمار)، ويزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية الكارثية.
توقيت الإعلان عن تطويق رفح
يأتي التحرك المصري في أعقاب إعلان الجيش الإسرائيلي، في بيان مساء أمس الأول السبت، أن قوات الفرقة 36 استكملت تطويق رفح بعد التقاء وحدات من لواء غولاني واللواء 188، وتشكيل "محور موراغ" الذي يفصل بين رفح وخانيونس.
مصادر مصرية: القاهرة استقبلت وفداً إسرائيلياً معنياً بالمفاوضات إذ استمَعَ إلى المقترح المصري
وأوضحت المصادر المصرية أن القاهرة تنظر بقلق بالغ إلى التغيرات الميدانية في جنوبي القطاع، خصوصاً أنها تأتي بالتزامن مع تعثّر مسار التهدئة، وأضافت أن القاهرة استقبلت، الاثنين الماضي، وفداً إسرائيلياً معنياً بالمفاوضات، إذ استمَعَ إلى المقترح المصري وقدم مجموعة من الاستفسارات بشأنه خلال لقاء مع المسؤولين في جهاز المخابرات المصرية العامة. وتضمّنت الزيارة مناقشات موسعة بشأن الوضع في المنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة، وإجراءات الجيش الإسرائيلي في رفح الفلسطينية، وأكدت المصادر أن مصر ستواصل تحركاتها السياسية والدبلوماسية، عبر القنوات الإقليمية والدولية، من أجل وقف إطلاق النار الفوري والعودة إلى المسار التفاوضي، بما يضمن حماية المدنيين وتهيئة الظروف لاستئناف مفاوضات التهدئة وتنفيذ خطة إعادة الإعمار.
وقدمت مصر، في الأيام القليلة الماضية، مقترحاً جديداً لوقف إطلاق للنار في غزة، تضمّن إطلاق سراح تسعة محتجزين إسرائيليين أحياء، بينهم الجندي الذي يحمل الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر وثلاثة جثامين لأسرى يحملون الجنسية الأميركية، مع إطلاق سراح 300 أسير فلسطيني من بينهم 150 بالمؤبد، و2200 من أسرى غزة، وزيادة عدد أيام الهدنة إلى 70 يوماً يجري خلالها إحياء المفاوضات بشأن الانتقال إلى المرحلة الثانية، وإفساح المجال لإدخال المساعدات والوقود وفتح المعابر، وتقديم معلومات كاملة بشأن مصير المحتجزين المتبقين.
مصدر مصري رفيع: القاهرة تنظر إلى التحرك العسكري الإسرائيلي في رفح باعتباره تجاوزاً خطيراً للخطوط الحمراء
وبشأن إعلان الاحتلال تطويق رفح وإنشاء "محور موراغ"، اعتبر مصدر مصري رفيع المستوى، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن القاهرة تنظر إلى التحرك العسكري الإسرائيلي في رفح باعتباره "تجاوزاً خطيراً للخطوط الحمراء"، مشيراً إلى أن مصر كانت قد أبلغت الجانب الإسرائيلي منذ أسابيع رفضها القاطع لأي عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح. يأتي ذلك نظراً "لكونها الملاذ الأخير لمئات آلاف المهجّرين الفلسطينيين، فضلاً عن قربها من الحدود المصرية"، وشدد المصدر على أن مصر تعتبر فتح ما يسمى بـ"محور موراغ"، الذي أعلن عنه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي "تطوراً مقلقاً يهدد بإعادة رسم خريطة السيطرة داخل القطاع بالقوة، الأمر الذي يمثل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي ويقوّض الجهود المصرية والدولية للتوصل إلى هدنة دائمة".
جهود التهدئة
على الرغم من التصعيد الأخير، لا سيّما إعلان تطويق رفح واستكمال إنشاء "محور موراغ"، أكدت مصادر دبلوماسية أن مصر تواصل جهودها بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، واستئناف المفاوضات غير المباشرة بين الجانبَين، بهدف إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين، وتثبيت الهدنة، وفتح الطريق أمام إعادة إعمار القطاع وفق خطة عربية ودولية، لكن التصعيد الإسرائيلي في رفح قد يعرقل هذه المساعي، بحسب المصادر، و"يزيد من صعوبة التوصل إلى اتفاق شامل، خصوصاً مع تنامي الغضب الشعبي والرسمي في مصر من استمرار العمليات العسكرية في مناطق مكتظة بالمدنيين".