قلق في الجزائر من تصاعد حملة الاعتقالات السياسية ضد ناشطين وإعلاميين

قلق في الجزائر من تصاعد حملة الاعتقالات السياسية ضد ناشطين وإعلاميين

29 يونيو 2021
بلغ عدد الناشطين الموقوفين 300 شخص (Getty)
+ الخط -

يتزايد القلق في الجزائر من تصاعد حملة الاعتقالات في الآونة الأخيرة في حق فاعلين سياسيين وإعلاميين وناشطين في الحراك الشعبي، إذ وصل عدد معتقلي الرأي، بحسب هيئة الدفاع عن المعتقلين المشكلة من محامين، إلى حدود 300 موقوف، إضافة إلى عدد آخر من الناشطين الملاحقين قضائياً في حالة سراح.

وأدانت أحزاب سياسية وشخصيات حقوقية حملة الاعتقالات التي وُصفت بـ"غير المسبوقة"، إذ عبّر حزب "العمال" اليساري عن قلقه الشديد واستنكاره "إزاء شلال الاعتقالات اليومية لنشطاء ومناضلين سياسيين وإعلاميين بسبب آرائهم أو ممارسة حقوقهم السياسية، وأحياناً بسبب المشاركة سابقاً في المسيرات الأسبوعية".

ووصف بيان للحزب، نُشر الثلاثاء، هذا الوضع بـ"الانحراف الخطير، إذ أصبحت أبسط الحقوق الديمقراطية مهضومة، ويتم تجريم نشاطات سياسية أو آراء من قبل القضاء الذي يوجه تهماً جد خطيرة لا علاقة لها بالأفعال المجرّمة، على غرار ما حدث مع نور الدين آيت حمودة وبومدين حمو، والأستاذة فتيحة بريكي، وعشرات المعتقلين والمتابعين قضائياً الذين لم يقترفوا جرائم؛ لا قتل ولا فساد ولا إرهاب، ولا عمالة للخارج".

واعتبر الحزب أن حملة الاعتقالات "تتزامن مع حالة إغلاق تام للساحة السياسية والإعلامية في إطار خروقات متزايدة لحقوق سياسية يكرسها الدستور، ما يزيد في الاحتقان السياسي ويفتح الباب أمام المغامرين ويعرّض بلدنا للتدخلات الخارجية، مثلما تشهد على ذلك التقارير المتتالية الصادرة عن هيئات ومنظمات دولية"، وطالب السلطة بـ"تجنيب بلادنا أي انحراف بسبب الاعتقالات والقرارات التعسفية، ووقف هذا المجرى الخطير".

وفي السياق نفسه، أدان "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" حملة الاعتقالات، ووصفها رئيس الحزب محسن بلعباس، في بيان، بأنها "حملة ممنهجة"، مضيفاً: "في خلال بضعة أشهر، لبس القمع السياسي كل الأشكال، أصبح منهجياً ولم يعد يستثني أي فئة اجتماعية، إضافة إلى تسخير العدالة لحل أحزاب سياسية وجمعيات، وتلفيق تهم والسجن والتعذيب والعنف البوليسي، والاعتقالات تعسفية، وتكثيف المراقبة من قبل الأجهزة الأمنية... أصبحت تحتل صدارة الأخبار في البلد".

واعتبر رئيس التجمع أن "الأمر يتعلق بقمع منظم باسم الدولة، وسياسة الترهيب هذه تزيد بشكل خطير من مخاطر تفكك البلد. كثير من المعتقلين هم فاعلون سياسيون عرفتهم في ميدان النضال، ومناضلون من أجل قضايا ديمقراطية وسلمية، كذلك النضال الذي يخوضه الجامعيون الذين يعانون حالياً من مضايقات، فتيحة بريكي ومهني عبد السلام وسارة لعدول، ولا ننسى كل المواطنين العاديين المعتقلين ظلماً، الذين يتوجب علينا مساندتهم، لأن نضالهم جميعاً يرمي إلى إدخال البلاد في دولة القانون الديمقراطية".

واعتبر الناشط الحقوقي البارز في الجزائر، المحامي مقران آيت العربي، أن قيام السلطة باعتقالات بسبب الرأي وتوجيه اتهامات دون أن يقوم أي من المعتقلين بالوقائع المنسوبة إليهم، من قبيل السعي لقلب نظام الحكم بوسائل غير دستورية، هي "اعتقالات لم يسبق لها مثيل في الجزائر، حتى في عهد الحزب الواحد".

وأضاف مقران آيت العربي أن "الهدف منها (الاعتقالات) لا يتعدى صرف الأنظار عن الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعيشها البلاد"، مضيفاً أن "الذين قرروا حبس هؤلاء المناضلين بسبب الرأي والمعتقد لا يريدون إلا صرف الأنظار عما ينتظره الجزائريون والجزائريات من ديمقراطية وحرية الرأي وحقوق الإنسان كغيرهم من شعوب العالم"، مشدداً على أن "المطلوب من السلطة أن تأمر بالإفراج عن هؤلاء المعتقلين وجميع السجناء السياسيين دون انتظار، لينصبّ الاهتمام على المشاكل الحقيقية التي تواجه البلاد". 

وبلغ عدد الناشطين الموقوفين 300 شخص، وهذه هي المرة الأولى منذ اندلاع الحراك الشعبي الذي يصل فيه عدد الناشطين الموقوفين إلى هذا الرقم، أغلبهم من نشطاء الحراك الشعبي، بينهم أساتذة جامعيون، وزاد حجم الاعتقالات منذ قرار السلطات تصنيف حركتي "رشاد" (مقربة من جبهة الإنقاذ وتمركز قياداتها في الخارج)، و"الماك" (انفصالية تطالب باستقلال منطقة القبائل) كحركتين إرهابيتين في 18 مايو/ أيار الماضي، وقبل أسبوع أعلنت السلطات اعتقال تسعة من المنتمين إلى "رشاد"، وأعلنت أمس اعتقال خمسة ناشطين في حركة "الماك".

المساهمون