قلق في الجزائر إزاء تفاقم الأزمة الاجتماعية والمضايقات السياسية

قلق في الجزائر إزاء تفاقم الأزمة الاجتماعية والمضايقات السياسية

23 أكتوبر 2021
أحزاب جزائرية تحذر من "توجه السلطة لتجريم العمل السياسي" (Getty)
+ الخط -

يتزايد القلق السياسي في الجزائر إزاء ما تعتبره القوى السياسية الفاعلة إغلاقا ممنهجا للساحة السياسية وزيادة مستويات التضييق على الحريات والنشاط المدني بالتزامن مع تردي الأوضاع الاجتماعية وانهيار القدرة الشرائية في البلاد، وعجز الحكومة عن ضبط أسعار المواد التموينية. 

وتترافق التحذيرات المتعلقة بالوضع الاجتماعي، مع قلق بشأن الوضع السياسي بعد أربعة أشهر من إجراء الانتخابات النيابية، وعشية إجراء الانتخابات المحلية المقررة في 27 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

قمع بوليسي ولهيب أسعار

وعبر التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (تقدمي معارض)، في بيان نشره السبت، عن قلق شديد إزاء "التدهور الخطير وغير المسبوق للقدرة الشرائية والظروف المعيشية التي تتخبط فيها الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة، إذ لم يفلت أي منتوج أو خدمة من لهيب الأسعار، ومن سياسة غير اجتماعية تقودها الحكومة الهدف منها إلغاء دعم المواد الأساسية بأبشع السبل وأكثرها ضراوة". 

وأشار إلى أن الحكومة تحاول التغطية على هذه الإخفاقات "بخطاب شعبوي لا يرمي سوى إلى التغطية على توجّه مندرج ضمن برنامج السلطة التنفيذية واستنزاف الاحتياطات المالية للبلاد"، موضحاً أن هذه الظروف ترفقها "قسوة مثل هذه الإجراءات المدعومة بآلة القمع البوليسي والقضائي تقتل الحياة العمومية والسياسية والنقابية والجمعوية وهي السبب في ارتفاع رهيب لحجم البطالة وعودة مخيفة لظاهرة الهجرة غير الشرعية، وهي مشاكل تهدد التماسك الاجتماعي وتعمق من الفجوة الفاصلة بين المواطنين والمؤسسات".

نفس القلق عبرت عنه حركة مجتمع السلم، أكبر الأحزاب الإسلامية، إذ قال رئيس الحركة عبد الرزاق مقري أمس الجمعة، في مؤتمر صحافي، إن الوضع الاجتماعي بات متدهورا بشكل كبير، وقال: "السلطة تقدم خطابات مطمئنة مخالفة للواقع، مضيفاً: "كيف نتحدث عن اقتصاد ناجح والمؤسسات تنهار والقدرة الشرائية ترتفع والشباب يغرق في البحار هربا من واقعه". 

ووصف مقري الوضع السياسي في البلاد بالمقلق، وذهب بعيدا حين وصف النظام السياسي القائم بأنه "نظام أمني حيث باتت الأجهزة الأمنية تتدخل في كل المجالات، بما فيها الهيمنة على تسيير الانتخابات وتوزيع الاتهامات على المناضلين". 

وأضاف: "المواطن البسيط بات يبحث عن البقوليات التي كانت تمثل غذاءه اليومي، والحكومة تريد العودة بنا إلى الاقتصاد الموجه، كل الأرقام تسقط أمام الواقع، وهناك انهيار للمؤسسات، أين هي المؤسسات الناجحة، الاقتصاد هو الإنتاج، فأين هي المنتجات الجزائرية، هناك هدم للاقتصاد المحلي بالاقتصاد النقدي وضخ التمويل وطباعة النقود دون أي إنتاج".

انهيار القدرة الشرائية

من جانبه، حذر حزب العمال اليساري، خلال الاجتماع الأخير لمكتبه السياسي، من تنامي القلق والخوف "من الغد المجهول لدى الفئات العمالية والشعبية بسبب السقوط الجهنمي للوضع الاجتماعي والاقتصادي وتسريع الآلة الكاسحة بواسطة مخطط عمل الحكومة الذي يعمق نفس السياسات القاتلة وانعكاساتها التخريبية من تفاقم الركود والمضاربة". 

وأوضح أن "انهيار القدرة الشرائية تسبب في تقهقر مروع للاستهلاك، مما أثر حتماً على الإنتاج في آجال قريبة فيدخله في مرحلة ركود ينتج عنها تسريح حاشد للعمال ثم شلال الإفلاسات، بينما السلطات عاجزة أو غير مبالية بالمعاناة الشديدة التي يتسبب فيها الارتفاع الجنوني والمتواصل لأسعار كل المواد المنتجة محليا والمستوردة، وإقرار الحكومة بنسبة بطالة لدى الشباب ما بين 16 و24 سنة في حدود 26.96 بالمائة".

واعتبر التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، في بيان له اليوم، أن السلطة تصر على ما وصفه بـ"نهج استبدادي أعلنت عنه سلطة الأمر الواقع، ونتجت عنه المضايقات التعسفية والمطاردات القضائية الغير المقبولة ضد مناضلي التجمع والنشطاء السياسيين، وتقييد الحريات وتهديد الأنشطة السياسية وحل الجمعيات كجمعية راج المعارضة والتهديدات بحل عدد من الأحزاب السياسية المعارضة والاعتقالات اليومية للمناضلين".

وقال المتحدث باسم حركة مجتمع السلم نصر الدين حمدادوش، في تصريح صحافي، إن "ممارسات السلطة تصب في النهاية في حالة الانتقام من الشعب الجزائري ومن الأحزاب السياسية، على خلفية الحراك الشعبي، ورغبته في التغيير الشامل والجذري، وهي حتما ستؤدي إلى المزيد من الاحتقان والتسبب في توترات مستقبلية". 

وأشار إلى أن "ما آلت إليه العملية السياسية في البلاد سيدفع الكثيرين للتفكير الجدي والاستراتيجي في تنويع أساليب الإصلاح المجتمعي والتغيير السياسي السلمي بوسائل وأساليب إبداعية جديدة، تتجاوز الأطر الحزبية والمجتمعية التقليدية".

وحذرت جبهة القوى الاشتراكية، أقدم أحزاب المعارضة السياسية في الجزائر، في بيانها الأخير، مما وصفته بـ"سياسات السلطة المتوجهة لإغلاق الساحة السياسية وتجريم العمل السياسي". 

 واعتبرت أن سياسات التضييق والاعتقالات وحل الجمعيات، توجهات معاكسة تماما لطبيعة الظرف الراهن، بدلاً من أن تكون مواعيد الاستحقاقات الانتخابية "موعدا مع المنطق والحكمة ومنصة لإطلاق إشارات إيجابية لحسن النية وبعث إجراءات التهدئة تمهيدا لحوار وطني جامع لإيجاد حل للأزمة الوطنية"، محذرة من أن ما يحصل في الوقت الراهن "من شأنه تعزيز التوجهات المتطرفة والمغامرة وإهداؤها مصداقية لم تكن تتوقعها". 

كما عبر حزب العمال اليساري الأسبوع الماضي عن نفس المخاوف، وأعلن عن عزمه فتح نقاش سياسي مع المواطنين والمواطنات، "لإفراز الأدوات السياسية الضرورية لتقديم المساعدة السياسية للفئات العمالية والشبابية والشعبية في كفاحها من أجل البقاء والتصدي للسياسات التقهقرية".