قلق سياسي في الجزائر من تصاعد ملاحقة قيادات الأحزاب المعارضة

قلق سياسي في الجزائر من تصاعد ملاحقة السلطات قيادات الأحزاب المعارضة

02 يوليو 2021
تنديد باعتقال فتحي غراس (تويتر)
+ الخط -

يتزايد القلق السياسي في الجزائر من اعتقالات تطاول في الفترة الأخيرة قيادات في أحزاب المعارضة، كان آخرها اعتقال رئيس "الحركة الديمقراطية الاجتماعية" فتحي غراس، في تطور تعتبره أحزاب سياسية "إصرارا من السلطات على التوجه نحو تجريم العمل السياسي في البلاد، والتضييق على قوى المعارضة".

ووضعت السلطات الجزائرية في يوم واحد قياديين في حزبين سياسيين في السجن، فيما أمر قاضي التحقيق لدى محكمة باب الوادي، وسط العاصمة الجزائرية، مساء الخميس، بإيداع رئيس "الحركة الديمقراطية الاجتماعية"، وهو حزب يساري، بالحبس المؤقت بعدما وجه له القضاء خمس تهم تتعلق بالمساس بالوحدة الوطنية، وعرض مناشير من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية، والمساس بالنظام العام، وإهانة هيئة نظامية، وإهانة رئيس الجمهورية.

وجاءت هذه الاتهامات على خلفية مداخلة قدمها غراس قبل يومين في ندوة أقيمت للتضامن مع الصحافي المعتقل رابح كارش، اتهم فيها النظام بـ"الاستعداد لممارسة القتل مقابل الحفاظ على السلطة"، كما وصف الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة بـ"الكاذب"، وبالمسؤولية عن قتل الشباب في أحداث منطقة القبائل عام 2001.

كما اعتقلت السلطات عضو المجلس الوطني لـ"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" (الأرسيدي)، مناد العربي، وقررت إيداعه بالسجن في منطقة غليزان، غربي البلاد، فيما استُدعي العضو القيادي في الحزب عادل بلخيري للتحقيق في مركز أمني قرب العاصمة الجزائرية، فضلا عن وجود القيادي في "الحركة الديمقراطية الاجتماعية" وحيد بن حالة في السجن منذ ثلاثة أشهر، إضافة إلى ملاحقة القضاء أيضا عددًا من كوادر "جبهة القوى الاشتراكية"، وهي أحزاب معارضة رفضت المشاركة في الانتخابات النيابية المبكرة التي جرت خلال الشهر الماضي.

ودان رئيس "حركة مجتمع السلم" عبد الرزاق مقري اعتقال فتحي غراس، واعتبر أن التعبير عن الموقف والرأي "لا يمكن أن يشكل خطرا على البلاد".

وقال مقري، في تغريدة له عبر حسابه على "تويتر"، إن "‏الدفاع عن الحريات قضية مبدئية مهما كان الاختلاف مع الضحية"، مشيرًا إلى أن "حرية الكلمة في إطار الوطن ليست خطرا، إنما الخطر في الاستبداد والتزوير الانتخابي واستحالة التداول والرقابة على الشأن العام (..) نندد باعتقال فتحي غراس رئيس حزب الأمدياس".

من جهته، وصف رئيس حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" محسن بلعباس الطريقة التي اعتقل بها غراس بـ"الاستعراضية"، قائلا، في بيان صحافي: "إن السلطة، ومن خلال الاعتقال الاستعراضي لفتحي غراس، المسؤول الأول في الحركة الديمقراطية والاجتماعية (وهو حزب سياسي معتمد)، تقرّ صراحة بتجريم القوى السياسية المعارضة (..) إن هذا الاعتقال الجديد يدعونا للتحرك (..) هل سنظل راضين بهذا الوضع ونستسلم؟ (..) لا تزال بلادنا منذ أشهر معطلة في جميع مناحي الحياة، والقطاع الوحيد الذي ينشط هو المحاكم التي تعمل بكامل طاقتها منفذة سياسة (سيف دموقليس) التي تنتهجها سلطة الأمر الواقع، لا للقمع، والحرية لجميع سجناء الرأي".

‏أما حزب "جيل جديد"، وهو من التيار التقدمي الذي شارك في الانتخابات النيابية المبكرة التي جرت في 12 يونيو/حزيران الماضي، فقد عبر عن رفضه للملاحقات والتهم السياسية التي تطاول قادة أحزاب سياسية معتمدة.

وقال القيادي في الحزب حبيب براهمية، في تغريدة له: "اطلعت على التهم (الفضفاضة) الموجهة للسيد فتحي غراس، والتي عللت حبسه احتياطيا. إن الأمر غير مقبول تماما، ولا يمكن اعتباره أقل من محاولة تجريم للعمل السياسي وإرادة لترويع المناضلين والمواطنين حاملي الآراء والأفكار المختلفة"، داعيا السلطة إلى "وقف هذا الأسلوب والعودة إلى خيار التوافق".

من جانبه، اعتبر حزب "التيار الوطني الجديد"، الذي أسسته مجموعة من شباب الحراك، أبرزهم إسلام بن عطية، أن "اعتقال فتحي غراس يعني تواصلا فاضحا للمقاربة الأمنية في التعامل مع الأزمة السياسية المزمنة، وهو اعتقال لحرية التعبير".

ويربط بعض المراقبين والمحليين تصاعد حدة الاعتقالات التي تطاول القيادات الحزبية بسعي السلطة للتخلص من شبح الحراك من خلال تحييد الوجوه السياسية البارزة فيه، من خلال اعتقالها مجموعة تعتقد أنها تقوده، فيما أن المحرك الرئيس للاحتجاج السياسي يقوده فشل السلطة في حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية.

المساهمون