قلق دنماركي على الكومنولث من تكثيف الصين انتشارها في القطب الشمالي

11 يونيو 2025   |  آخر تحديث: 14:57 (توقيت القدس)
سفينة صينية تحت رقابة البحرية الدنماركية في بحر كاتيغات، 20 نوفمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يبرز التقرير الطموح الصيني المتزايد في القطب الشمالي، حيث تسعى الصين لتعزيز وجودها العسكري والاقتصادي، مما يشكل تحدياً للناتو ويهدد وحدة كومنولث الدنمارك.
- تسعى الصين لاستخدام "طريق الشمال" بمحاذاة روسيا لتعزيز قوتها، وتبحث عن بدائل للتكتلات العالمية، مما يعكس رغبتها في توسيع نفوذها.
- يعبر التقرير عن القلق من تأثير التنافس الصيني-الأميركي على وحدة كومنولث الدنمارك، خاصة مع استغلال الصين للفرص الاستثمارية في غرينلاند.

رصد تقرير صدر أمس الثلاثاء عن أكاديمية الدفاع الدنماركية بعنوان: "الصين كقوة عسكرية عظمى عالمية - منظورات استراتيجية للدفاع الدنماركي"، تزايد طموح وتكثيف الصين وجودها في المنطقة القطبية الشمالية. وبالنسبة لمعدّي التقرير، استناداً لتقارير الاستخبارات العسكرية الدنماركية، فإن هذا الطموح الذي يعد تحديا لحلف شمال الأطلسي (الناتو) يمثل "خطورة" على كومنولث مملكتهم (يضم الدنمارك وغرينلاند وجزر الفارو).

وعلى هامش التقرير، صرحت أستاذة أكاديمية الدفاع المتخصصة في الشؤون الصينية والمشاركة في إعداده، كاميلا تينا نوروب سورنسن، بأن تمدد الصين في القطب الشمالي "أصبح بالنسبة للدنمارك بمثابة تهديد يؤثر على كيفية تصميم المملكة الدنماركية ودفاعاتها". كما يُنظر إلى تعبير الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رغبته في السيطرة على غرينلاند كعامل ضغط إضافي، خصوصا أن تلك الرغبة لم تختف، وتُربط بضرورات دفاعية مع تزايد السفن الصينية في المنطقة القطبية الشمالية، معترفين بأن "قلق ترامب نابع من واقع وشيك".

طموح صيني في القطب الشمالي

ويرصد التقرير توسعا في عمليات العبور البحرية الصينية في الدائرة القطبية الشمالية، وإرسال سفن تفتيش. وكان جهاز الاستخبارات العسكرية حذر في ديسمبر/كانون الأول الماضي من أن بكين "تريد بناء قدرة على العمل عسكريًا في القطب الشمالي على المدى الطويل، أي على مدى عشر سنوات". وبحسب التقرير، فإنه رغم استبعاد الصين من "مجلس القطب الشمالي" (تأسس في عام 1996 ويضم كندا وأميركا وروسيا وأيسلندا والنرويج والدنمارك والسويد وفنلندا، بالإضافة إلى ست منظمات تمثل الشعوب الأصلية)، إلا أن تحالفها مع روسيا نقلها إلى مستوى إجراء تدريبات قطبية. ونوه في السياق إلى أن آخر اتفاق حول زيادة التدريبات العسكرية عقد بين الرئيسين الروسي والصيني فلاديمير بوتين وشي جين بينغ كان في مايو/أيار الماضي.

زيادة الطموحات الصينية القطبية الشمالية يربطها التقرير بـ"الورقة الاستراتيجية" الصينية حول القطب الشمالي من عام 2018، والتي ترى باختصار أن هذا المجلس القطبي غير كاف. وربطا بذلك، يقرأ معدو التقرير أن بكين تزيد وجودها واستخدامها "طريق الشمال" بمحاذاة روسيا "على أمل أن تصبح جزءا من الدائرة القطبية الشمالية".

وبما أن المجلس القطبي الشمالي لا يمنح نفوذا سوى للدول التي تمتلك أراضي في دائرته، فإن التقرير يرصد أيضا أن الصين أصبحت أكثر اندفاعا نحو إيجاد بدائل لتكتلات عالمية لا تروق لها، ويقول "لقد عززت الصين نفوذها في المنظمات الدولية وأوجدت بدائلها الخاصة، مثل مجموعة البريكس ومشروع الطريق (الشمالي) الذي تحاول استغلاله في القطب الشمالي". وبالنسبة لمعدي التقرير، فإن تشابك العلاقة الروسية- الصينية يدفع الأولى إلى جهود إشراك الثانية كقوة عظمى، لجعل مجموعة البريكس جزءا من ساحة معركة دبلوماسية في مجلس القطب الشمالي، وبمبادرات إدخال دول غير قطبية إلى المجلس بحيث "سيكون من الصعب كبح جماحها".

ووفقا لأكاديمية الدفاع الدنماركية، فإن أهمية المنطقة القطبية الشمالية للصين هو أنها "صارت الآن جزءا من استراتيجية صينية عالمية لتعزيز قوتها، بحيث أصبحت أولوية قصوى لدى الحزب الشيوعي الصيني والرئيس شي جين بينغ في توسيع الميزانيات العسكرية"، وذلك في إطار "جيش عالمي على غرار الولايات المتحدة، إذ من الواضح أن الجيش الصيني ينمو بسرعة".

وكان "الشيوعي الصيني" قد أكد أن البلاد ستمتلك جيشا من الطراز العالمي بحلول 2049. ويستشهد التقرير الدنماركي أيضا بتدريبات يجريها الجيش الصيني في مناطق حدودية مع روسيا في درجات حرارة سالب 26، في مقاطعة هيلونغجيانغ، تحاكي الدائرة القطبية الشمالية.

قلق على وحدة كومنولث المملكة

القلق الدنماركي، بحسب التقرير، يتزامن مع توتر العلاقة بالحليف الأميركي، ويستند إلى أن وحدة موقف كومنولث الدنمارك مهددة. ويأتي ذلك على خلفية مواصلة بكين استراتيجية استمالة ساسة الحكم الذاتي لغرينلاند، بمشاريع استثمارية ضخمة على مستوى البنية التحتية، عدا عن نظرهم بقلق إلى أن الصين كقوة عظمى تحلم بطريق الحرير الشمالي وبنصيب في الموارد الكامنة تحت الجليد.

ويقول تقرير أكاديمية الدفاع في كوبنهاغن، إن الظروف القاسية في المنطقة القطبية الشمالية "تمنح بكين فرصة لاختبار وتطوير قدراتها المدنية والعسكرية"، ويشير إلى أنها "ستستخدم في المستقبل سفن خفر السواحل ومحطات الأبحاث لتعزيز وجودها وإثبات أنه لا يمكن إبعاد الصين". كذلك فإن الدنماركيين قلقون من الاحتكاك بالسفن الصينية قرب غرينلاند، وهو ما كان على وشك الحدوث في بحر البلطيق قبل أسابيع، وسط مطالبات أميركية بضرورة تركيز الحلف الأطلسي أكثر على الصين، وبالتأكيد أن أي توتر حول تايوان ستكون له ارتداداته في هذه المنطقة، وذلك في سياق ما يسمونه "لعبة صفرية بين واشنطن وبكين".

المقلق أيضا، دائما بحسب التقرير، أن الصين تلعب على متناقضات توتر العلاقة بين كوبنهاغن وواشنطن بشأن غرينلاند، حيث أكد وزير خارجيتها وانغ يي لوزير الخارجية الدنماركي لارس لوك راسموسن في بكين في مايو/أيار الماضي عن "الدعم الكامل للدنمارك في مسألة غرينلاند". وذلك غير بعيد عن نشوء اتجاهات في غرينلاند لا تستبعد فتح الأبواب لبكين، حيث صرحت وزيرة الشؤون الخارجية والتجارة عن الحكم الذاتي فيها فيفيان موتزفيلدت، بأنها ترغب في التعاون مع الصين. ومثلها أكدت في تصريحات صحافية وزيرة المواد الخام في الجزيرة نايا ناثانيلسن بأنها لن ترفض زيارة الصين إذا تردد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في تطوير عمليات التعدين في غرينلاند.

باختصار، يحذّر تقرير أكاديمية الدفاع في كوبنهاغن من تأثير التنافس الصيني-الأميركي في المنطقة القطبية الشمالية على وحدة كومنولث مملكتهم الدنمارك. ويشدد معدو التقرير على أن بلدهم الصغير سيكون معرضا لضغوط مع استمرار توتر العلاقة بالحليف الأميركي، واستغلال بكين لكل فرصة ممكنة من أجل التغلغل إلى غرينلاند، إضافة إلى زيادة أعباء عسكرية دفاعية دنماركية في المنطقة القطبية الشمالية، بحسب ما خلص التقرير.