قلق أوروبي من قرارات المجر: "يضع القيم الأساسية للاتحاد على المحك"

قلق أوروبي من قرارات المجر: "يضع القيم الأساسية للاتحاد على المحك"

28 يوليو 2021
أصبحت مسألة كيفية جعل أوربان يحترم قيم الاتحاد الأوروبي أكثر إلحاحاً (شين غالوب/Getty)
+ الخط -

احتدم النزاع أخيراً بين الاتحاد الأوروبي والمجر، على خلفية إصدار بودابست قوانين واعتمادها إجراءات مخالفة لمعاهدات التكتل الأوروبي، على ارتباط بالحريات ومحاربة الفساد.

وتزداد الخشية لدى بودابست من حرمانها من أموال مساعدات صندوق الدعم الأوروبي، في ظل تعنّت رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، في مواقفه واستمراره في المشاكسة وتطبيقه لقرارات تخالف المبادئ الأوروبية.

وأعلن أوربان، الأربعاء الماضي، أنه سيتم تنظيم استفتاء حول قانون مكافحة "الترويج للمثلية"، داعياً الناخبين إلى دعمه في هذا المسعى. وقال، في تسجيل فيديو نُشر على صفحته في "فيسبوك"، إنّ المفوضية الأوروبية "هاجمت المجر بوضوح في الأسابيع الأخيرة، في ما يتعلق بالقانون" الذي يحظر "الترويج" للمثلية الجنسية بين القاصرين. 

وبالنسبة إلى بودابست، فإنّ هذا القانون هو وسيلة لحماية الأطفال، إلا أن معارضيه يرون أنه يخلط بين الاعتداء الجنسي على أطفال والمثلية الجنسية، ويضع وصمة على مجتمع الميم.

وأصبحت مسألة كيفية جعل أوربان يحترم القيم الأساسية للاتحاد الأوروبي أكثر إلحاحاً، بعد انتهاكاته المختلفة لما يسمى بآلية "سيادة القانون الأوروبي".

وكان من المفترض أن تتلقى بودابست 7.2 مليارات يورو من الاتحاد الأوروبي لتحفيز اقتصادها، إلا أنه من غير المحتمل أن يتم سداد الدفعة الأولى قريباً، مع اشتراط المفوضية الأوروبية إعطاء موافقتها على مدفوعات صندوق الاتحاد.

ووفق صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" الألمانية، فإنّ المحادثات لن تستأنف بشأن المليارات المخصصة للمجر قبل شهرين على الأقل.

ويعود التأجيل، وفق الصحيفة، إلى الخلاف حول "قانون التعامل مع المثلية الجنسية" الذي دخل حيز التنفيذ في المجر، مطلع يوليو/تموز الحالي، ويلقى اعتراضاً من الاتحاد الأوروبي، لأنه يعرّض الأفراد للتمييز.

إلى ذلك، أشارت صحيفة "دي فيلت" الألمانية، إلى أنّ لدى الاتحاد الأوروبي شكوكاً كبيرة حول وجود رقابة فعالة على الإنفاق في المجر، حيث توجه انتقادات لحكومة أوربان بأنّها أنشأت نظاماً لا تكون فيه بعض مؤسسات الدولة مستقلة، مما يعزز الفساد.

وفي خضم ذلك، برز أخيراً تصريح لافت لوزير خارجية لوكسمبورغ، يان أسيلبورن، أدلى به لمجلة "دير شبيغل"، طالب فيه بإجراء استفتاء على عضوية المجر في الاتحاد الأوروبي.

بدوره، اقترح رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، مغادرة المجر الاتحاد الأوروبي. وعبّر عن ذلك قائلاً "لم يعد لها مكان في الاتحاد الأوروبي"، رغم علمه واعترافه بأنه لا يمكن للدول الأعضاء مغادرة الاتحاد الأوروبي إلا طواعية، ولا إمكانية لطرد بلد عضو وفق معاهدات الاتحاد.

المجر لم تقف متفرجة على ذلك، ودانت ما اعتبرتها "هجمات" بروكسل على القانون، ووصفتها بأنها "ذات دوافع سياسية".

في المقابل، أبرز كل من نائبي رئيس البرلمان الأوروبي، الألمانية كاتارينا بارلي، والنمساوي أوتمار كاراس، في مقال مشترك في صحيفة "دي فيلت" الألمانية، اليوم الأربعاء، أنّ أوربان لم يتوانَ عن شنّ حملات تضليل إعلامي شوّه فيها سمعة الاتحاد الأوروبي، خاصة البرلمان، داعين الدول الأعضاء إلى معارضة ذلك بقوة "من أجل الدفاع عن القيم الأوروبية".

وأضاف النائبان "لا يمكن أن تستمر حملة التضليل من دون رد، ولا يعقل لأي شخص على دراية بأصول الاتحاد الأوروبي ومهمته في الحفاظ على السلام والازدهار أن يظل صامتاً بشأن هذا الجدال، وإذا لم ندافع بحزم عن قيمه الأساسية فإنّ الاتحاد سيفقد قيمه الأساسية، واتحادنا سيفقد هويته ومعناه".

وأضافا "يجب أن نظل يقظين ضد الاعتداءات على حرياتنا الأساسية، وما نحتاجه حالياً هو موقف مشترك من البرلمانات الوطنية والبرلمان الأوروبي، وكذلك من قبل المفوضية كحارس للمعاهدات، وحيث المطلوب العمل تحت مظلة الاتحاد الأوروبي". 

كذلك شدد المقال على أنّ "جميع الدول الأعضاء وقّعت على المعاهدة نفسها عندما انضمت إلى الاتحاد الأوروبي، لكن بعض الحكومات، خاصة المجر، تخرق الالتزامات الأساسية التي تعهدت بها دولها وتنزلق مرة أخرى إلى دولة الحزب الواحد الاستبدادية".

وأوضح المقال أنّ "المسؤولية المشتركة هي إدانة أي حكومة سواء كانت يسارية أو يمينية تتجاوز الخط الفاصل بين الديمقراطية والاستبداد"، قبل أن يعود إلى ما قاله رئيس البرلمان الأوروبي، ديفيد ساسولي، أخيراً، بأن "القيم الأوروبية مرعبة للأنظمة الاستبدادية، لأنّ الحقوق والحريات تتيح المساواة والعدالة والشفافية والسلام".

المساهمون