قطر تحتفل باليوم الوطني: تعزيز دولة القانون ودور الوساطة

18 ديسمبر 2024
مواطنون في سوق واقف، الدوحة، 3 ديسمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- إلغاء احتفالية المسير الوطني: ألغت قطر احتفالية المسير الوطني للعام الثاني تضامناً مع فلسطين، واكتفت ببرنامج "درب الساعي" الذي يضم فعاليات ثقافية وتراثية متنوعة.

- دور قطر في الوساطة الدولية: تلعب قطر دوراً محورياً في الوساطة لحل النزاعات، بما في ذلك الحرب الإسرائيلية على غزة، ووساطات إنسانية بين روسيا وأوكرانيا، مما جعلها حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة.

- التعديلات الدستورية في قطر: شهدت قطر استفتاءً على تعديلات دستورية لتعزيز المساواة، وحصلت على موافقة شعبية بنسبة 90.6%، مما يعكس تطوراً في النظام السياسي القطري لعام 2024.

للعام الثاني على التوالي، تلغي قطر احتفالية المسير الوطني بمناسبة اليوم الوطني القطري (18 ديسمبر/كانون الأول) الذي يقام سنوياً على كورنيش الدوحة، تضامناً مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرّض لعدوان إسرائيلي وحرب ابادة جماعية مستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهي الحرب التي خلّفت أكثر من 150 ألف شهيد وجريح فلسطيني، وتسببت بدمار أكثر من 80% من قطاع غزة.
واكتفت اللجنة المنظمة للاحتفال ببرنامج "درب الساعي" الذي بدأت فعالياته ويستمر حتى 21 ديسمبر/كانون الأول الحالي، والذي يشتمل على عدد من الأنشطة والفعاليات الثقافية والتراثية، من أبرزها: البيت القطري، والمسرح الرئيسي، وديوان الفن، وفعالية البدع، والمقطر، والعزبة، والشقب، ومضمار درب الساعي، والمسير، ومسرح الدمى، ومتحف الصحراء، ومتحف النوتة القطرية، وقطر تقرأ، ومنطقة الألعاب التفاعلية، والسوق، والميز، إضافة إلى فعالية "سنا قطر"، التي تقام للمرة الأولى، وهي عبارة عن معرض فني رقمي يركز على تجارب الفيديو باستخدام تقنيات العرض المتقدمة والمحتوى الرقمي المبهر. واليوم الوطني القطري، هو الذكرى السنوية لتولي الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني، مؤسس دولة قطر، الحكم في العام 1878. ويتذكر فيه الأبناء والأحفاد بطولات وتاريخ الآباء والأجداد، وأدوارهم في بناء دولة قطر الحديثة.

ألغت قطر احتفالية المسير الوطني للعام الثاني على التوالي بسبب العدوان على غزة

أكدت دولة قطر أكثر من مرة خلال العام الحالي على ترسيخ مبدأ الوساطة في إطار تبنيها سياسة مستقلة محايدة ومرنة قائمة على الحوار والدبلوماسية الوقائية والوساطة والمساعي الحميدة وتسوية المنازعات بالطرق السلمية، كما تنص المادة السابعة من دستور دولة قطر الدائم الصادر في عام 2003 على "أن تكون السياسة الخارجية القطرية قائمة على مبدأ تعزيز الأمن والسلم الدوليين من خلال التشجيع على فضّ المنازعات بالطرق السلمية"، والتي أصبحت ركناً أساسياً من أركان السياسة الخارجية لدولة قطر. ولعبت الدوحة ولا تزال دوراً بارزاً في الوساطة، لوقف الحرب التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث نجحت في نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي في تحقيق "هدنة" في قطاع غزة، تم خلالها تبادل للأسرى بين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال، قبل أن تعود الحرب الإسرائيلية مجددا.

وشهدت الدوحة، ولا تزال العديد من جولات المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، بهدف التوصل إلى وقف الحرب على غزة وتحقيق صفقة لتبادل الأسرى، بعد تعليقها لوساطتها لعدة أسابيع، لعدم جدية الاحتلال الإسرائيلي في التوصل إلى صفقة توقف حرب الإبادة في غزة وللضغوط التي واجهتها الدبلوماسية القطرية من أطراف في الولايات المتحدة وإسرائيل لحثّها على اغلاق مكتب حماس في الدوحة. وقد أنشأت قطر هذا المكتب في العام 2012 بناءً على طلبٍ صريح من إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، التي سعت إلى منع "حماس" من نقل مكاتبها إلى إيران بعد خروجها من دمشق في خضم الحرب هناك. وهو ما دفع قطر إلى الإعلان عن إعادة تقييم دورها في الوساطة بين "حماس" والاحتلال الإسرائيلي قبل أن تستأنف وساطتها مرة أخرى، بعد أن لمست جدية في استئناف المفاوضات.

وتقوم دولة قطر بدور الوساطة في العديد من النزاعات والقضايا الإقليمية والدولية منذ ما لا يقل عن عقدين، وسعت إلى احتواء عديد من تلك الصراعات بطلب من الأطراف المعنية ومن دون التدخّل في سيادة الدول وشؤونها الداخلية. وإلى جانب وساطتها في الحرب العدوانية الإسرائيلية على قطاع غزة، تقوم بوساطة إنسانية بين روسيا وأوكرانيا لتبادل عشرات الأطفال النازحين بسبب الحرب القائمة. كما ساهمت الديبلوماسية القطرية في وقف إطلاق النار في اليمن وفي إبرام اتفاقٍ سياسي تاريخي في لبنان وفي إنهاء نزاع حدودي كان يبدو مستعصياً بين جيبوتي وإريتريا. كما ساعدت في إنهاء الحرب الأهلية السودانية الثانية وفي تخفيف العنف بشكلٍ ملحوظ في إقليم دارفور من خلال استضافة مؤتمر سلام متعدّد الأطراف في الدوحة انبثقت عنه وثيقة الدوحة ﻟﻠﺴﻼم في دارفور، كما استضافت الدوحة قيادة "طالبان" واستقبلت المفاوضات مع الولايات المتحدة. وفي العام 2020، وقّعت واشنطن و"طالبان" على اتفاقٍ تاريخي ينصّ على انسحاب الجيش الأميركي من أفغانستان في السنة التالية. وحين انهارت الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة في كابول في العام 2021، أدّت قطر دوراً حاسماً في إجلاء العناصر الأميركيين والمدنيين الأفغان من مطار كابول. في هذا الإطار، شكّلت جهود الدوحة عاملاً أساسياً في قرار الرئيس الأميركي جو بايدن إعلان قطر حليفاً رئيسياً من خارج حلف شمال الأطلسي في أوائل العام 2022.

استفتاء على التعديلات الدستورية

توجّه القطريون في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي للمشاركة في ثاني استفتاء في تاريخ قطر، للاستفتاء بنعم أو لا، على مشروع التعديلات الدستورية لعام 2024 بعد أول استفتاء أجري في البلاد عام 2003 لإقرار مشروع الدستور الدائم في البلاد.

تقوم قطر بدور الوساطة في العديد من النزاعات والقضايا الإقليمية والدولية

وشملت التعديلات الدستورية تعديلات في نصوص 14 مادة، إلى جانب إضافات في مادتين، وإلغاء ثلاث مواد، والعودة إلى نظام تعيين أعضاء مجلس الشورى بدلا من الانتخاب. وأعلن وزير الداخلية القطري رئيس اللجنة العامة للاستفتاء الشيخ خليفة بن حمد بن خليفة آل ثاني أن مشروع التعديلات الدستورية على الدستور الدائم لدولة قطر حصل على نسبة موافقة شعبية بلغت 90.6% من إجمالي الأصوات الصحيحة، بعد مشاركة 84% ممن يحق لهم التصويت من المواطنين.

وقال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في منشور سابق في حسابه على منصة إكس، إن التعديلات لها غايتان، هما الحرص على وحدة الشعب من جهة، والمواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات من جهة أخرى، وشدّد على أن المساواة أمام القانون وفي القانون أساس الدولة الحديثة، وأيضاً واجب شرعي وأخلاقي ودستوري.

ومن أهم التعديلات التي تمّ إقرارها على مواد الدستور ما يلي: أصبحت المادة رقم 1 في النص المقترح "قطر دولة عربية مستقلة ذات سيادة. دينها الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشريعاتها، ونظامها ديمقراطي يقوم على الشورى والعدل وسيادة القانون، ولغتها الرسمية هي اللغة العربية. وشعب قطر جزء من الأمة العربية"، والمادة رقم 77 التي أصبحت "يتألف مجلس الشورى من عدد لا يقل عن 45 عضوا، ويصدر بتعيين الأعضاء قرار أميري"، والمادة رقم 80 التي أسقطت شرط الجنسية القطرية الأصلية للتعين في مجلس الشورى وفي تولي الوظائف العامة حيث اكتفى النص الدستوري الجديد بالتأكيد على الجنسية القطرية.

دور محوري في الوساطة

ورأى الكاتب والإعلامي القطري عيسى آل إسحاق أن دولة قطر كانت ولا تزال تلعب دوراً محورياً في الوساطة التي تقوم بها لوقف حرب الإبادة التي تقوم بها دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وقال لـ"العربي الجديد"، إلى أنه للمرة الثانية على التوالي يلغى المسير الوطني الذي يعد تتويجاً لاحتفالات قطر، تضامناً مع الشعب الفلسطيني في كامل الأرض الفلسطينية وغزة تحديداً.

وأكد أهمية الوساطة التي تقوم بها قطر بين المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني لأن الطرف الآخر والأطراف الأخرى، إما أنها تميل ميلاً كاملاً لموقف الكيان الصهيوني أو تقف منه موقف المحايد، في حين أن قطر تنقل وتؤمن بوجهة نظر المقاومة الفلسطينية، ولذلك فإن دورها بالوساطة محوري ولا بديل عنه. وأضاف: "لا أخفي القول إن كثيراً من الشعب القطري، كان يفضّل أن تنسحب قطر من هذه الوساطة خصوصاً مع تصلف الولايات المتحدة وعصابة الكيان الصهيوني والمجازر اليومية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني رجالاً ونساء، لكن ذلك سيترك المقاومة من دون سند يدافع عنها ويمثل موقفها".

عيسى آل إسحاق: التعديلات الدستورية جاءت لتحقق المساواة بين الجميع ولذلك حظيت بالموافقة الشعبية الكبيرة

وقال الكاتب والصحافي القطري، صالح غريب، إن رفض وتعنّت رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لما يتم الاتفاق عليه في المفاوضات غير المباشرة، سواء التي جرت في الدوحة أو القاهرة أو غيرهما، سبّب عدم التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في قطاع غزة وتبادل الأسرى.

واعتبر غريب في حديث لـ"العربي الجديد"، أن عودة قطر إلى لعب دورها في الوساطة، بعد أن علّقت جهودها، جاء بطلب دولي، ما يؤكد مكانة قطر ودورها المؤثر الذي تقوم به في المنطقة. وأعرب عن أمله في أن تكف حكومة الاحتلال الإسرائيلي عن المماطلة والتعنّت وأن تكون هناك انفراجة تحقق وقف إطلاق النار ووقف الحرب في قطاع غزة، ويحصل تبادل للأسرى. وبشأن التعديلات الدستورية التي تمّ إقرارها من قبل الشعب القطري، قال إن هذه التعديلات للمساواة بين المواطنين جميعاً، وذلك كان التطور الأبرز في قطر خلال عام 2024، وأضاف أن تصويت الشعب القطري بالموافقة على هذه التعديلات، صوّب الخلل الذي كان، وعزّز دولة القانون.

المساهمون