قصف أنابيب عسقلان - إيلات الإسرائيلية: استفادة مصرية وخسارة إماراتية

قصف أنابيب عسقلان - إيلات الإسرائيلية: استفادة مصرية وخسارة إماراتية

12 مايو 2021
اشتعال النيران في صهاريج "كاتسا" جنوب عسقلان (Getty)
+ الخط -

نجحت كتائب "الشهيد عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، أمس الثلاثاء، في قصف مشروع أنابيب عسقلان - إيلات، خلال المواجهة العسكرية القائمة مع الاحتلال الإسرائيلي. وتترتب على هذا القصف أبعاد مهمة، في ظل الظرف السياسي الإقليمي، لا سيما ما يتعلق بمصر والإمارات وعلاقتهما مع الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً في الشأن الاقتصادي. 
وأدى قصف مشروع الأنابيب إلى اشتعال النيران في صهاريج "كاتسا" جنوب عسقلان، أمس الثلاثاء، فيما تجدد القصف فجر اليوم الأربعاء، بعشرين صاروخاً من طراز Q20، لتستمر النيران مشتعلة فيه لأكثر من 24 ساعة.

ورغم نجاح المقاومة، في جولات سابقة، باستهداف منشآت حيوية، بعضها أبعد من هذه الصهاريج، إلا أن قصف مشروع الأنابيب يجعل له أبعاداً مهمة، في ظل الظرف السياسي الإقليمي، لا سيما ما يتعلق بمصر والإمارات وعلاقتهما مع الاحتلال الإسرائيلي، وخصوصاً في الشأن الاقتصادي. 

وتبرز، ضمن نتائج مهمة لقصف الصهاريج، الاستفادة المصرية من تضرر المشروع، واشتعال النيران فيه، باعتبار ما تم الترويج له إسرائيلياً، وبتجاهل رسمي إماراتي، استفز دوائر الحكم في القاهر، من أنه قد يكون بديلاً محتملاً يؤثر بالسلب على أهمية قناة السويس، فمن شأن ما حدث فعلياً، تعطيل عمل المنشاة والمشروع بأكمله، في حين أن مصر لا تستطيع استهدافه، أو حتى التعقيب عليه، في ظل أن الطرف الثاني، الإمارات، ما زال من حلفاء نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبالتالي فربما تحقق لمصر نتيجة كبيرة للغاية، دون أي تكلفة عسكرية أو سياسية، علاوة على تحقيق المقاومة الفلسطينية إنجازاً عسكرياً ميدانياً، يسجل لها في هذه الجولة، باستهداف منشأة حيوية للاحتلال الإسرائيلي. 
وفي تفاصيل المشروع الاقتصادي الإماراتي الإسرائيلي، الذي يشغل بال النظام المصري، كانت قد أعلنت شركة خطوط الأنابيب الإسرائيلية "إي أيه بي سي" (EAPC)، في 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، أنها وقعت اتفاقاً مبدئياً للمساعدة في نقل النفط من الإمارات إلى أوروبا عبر خط أنابيب يربط مدينة إيلات المطلة على البحر الأحمر وميناء عسقلان على ساحل البحر المتوسط.

وتعد الصفقة واحدة من أكبر الشراكات، التي خرجت للنور حتى الآن منذ أن طبعت إسرائيل والإمارات العلاقات، وقالت الشركة المملوكة للدولة إنها وقعت مذكرة تفاهم ملزمة مع "ميد ريد لاند بريدج" (MED-RED Land Bridge)، وهي شركة مملوكة لإسرائيليين وإماراتيين، في أبوظبي خلال مراسم زيارة وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين.
وإلى جانب النفط الإماراتي، يأمل الشركاء في استخدام "جسرهم البري"، الذي يوفر وقتاً ووقوداً وتكاليف مقارنة بعبور قناة السويس، لنقل النفط ذهاباً وإياباً بين دول أخرى، ويمكن أن يتيح وصولاً أسرع للمستهلكين الآسيويين إلى النفط المنتج في منطقتي البحر المتوسط  والبحر الأسود. 
وفي أهمية الصفقة، قالت الشركة إن الاتفاق "سيزيد على الأرجح الكميات المنقولة بعشرات الملايين من الأطنان سنوياً"، وتصدر الإمارات الغالبية العظمى من خامها إلى آسيا، وكان مصدر مطلع على الصفقة قد قال إنها في حالة اكتمالها قد تكون بقيمة 700 إلى 800 مليون دولار على مدى عدة سنوات، وإن الإمدادات تبدأ في مطلع 2021.
فيما قال الرئيس التنفيذي  لـ"إي أيه بي سي"، إيريز هالفون، "ليس هناك شك في أن هذا الاتفاق له أهمية كبيرة بالنسبة للسوق الإسرائيلية اقتصادياً واستراتيجياً مع مد استثمارات مشتركة لعقد في المستقبل".
وبموجب الاتفاق، ستدير "إي أيه بي سي" تخزين ونقل النفط، حيث تمر ناقلات النفط الخليجية حالياً، والمتجهة إلى الغرب من خلال مضيق هرمز بالخليج، ومنها إلى مضيق باب المندب (جنوب البحر الأحمر)، وصولاً إلى قناة السويس ومنها لأسواق أوروبا والأميركيتين.
وتعقيباً على ذلك قال موقع "غلوبس" (Globes) - المختص في الاقتصاد الإسرائيلي - إن "تصدير النفط إلى أوروبا عبر خط أنابيب بري يربط إسرائيل ودول الخليج؛ سيساعد على تجاوز الطرق الملاحية الخطيرة والمكلفة لمضيق هرمز وقناة السويس". 
وفي فبراير/ شباط الماضي، وبالتزامن مع تفعيل الاتفاقية، أصدرت هيئة قناة السويس بياناً، لم تنف فيه وجود تأثير لمشروع خط أنابيب "إيلات – عسقلان" على تنافسية قناة السويس وحركة الملاحة بها، لكنها قللت منه، فأكدت أن الحديث عن تأثير الخط في حال إعادة تشغيله على حركة تجارة البترول المارة بالقناة تم تداوله بصورة خاطئة ومجتزأة.
وأوضحت الهيئة في بيانها أنه من المتوقع ألا تتعدى نسبة ذلك التأثير (12 بالمئة إلى 16 بالمئة) من حجم تجارة البترول الخام المتجهة شمالاً وليس من إجمالي حركة التجارة العابرة للقناة، وبما يمثل نحو 0.61 بالمئة فقط من إجمالي حركة التجارة المارة بقناة السويس لمختلف أنواع السفن. 
وأضاف بيان هيئة قناة السويس: "تستدل التقارير والدراسات التحليلية التي أعدتها الوحدة الاقتصادية التابعة للهيئة إلى عدة أسباب لعدم وجود تأثير فعلي من تشغيل خط الأنابيب (إيلات – عسقلان) على حركة الملاحة المارة بقناة السويس وأبرزها اعتماد دول الخليج العربي خاصة الإمارات والسعودية والكويت في تصدير البترول الخام بشكل كبير على السوق الآسيوي خاصة الصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان بنسبة تزيد عن 85 بالمئة من الصادرات البترولية لمنطقة الخليج العربي وذلك لوجود استثمارات مشتركة مع تلك الدول إلى جانب تزايد نشاط تكرير البترول بآسيا".
وتابع "كما توضح الإحصائيات الخاصة بحركة تجارة البترول العابرة للقناة عدم وجود داع للتخوف من تنافسية خط الأنابيب (إيلات – عسقلان) حال تشغيله، حيث تمثل نسبة تجارة البترول لدولة الإمارات حوالي 0.7  بالمئة من إجمالي حركة تجارة البترول المارة بالقناة، فيما تمثل نسبة تجارة المملكة العربية السعودية المارة بقناة السويس من البترول الخام حوالي 4.9 بالمئة، وتشكل تجارة الكويت نحو 1.4 بالمئة من إجمالي تجارة البترول المارة بالقناة".
وتشير التقارير الدورية لقناة السويس إلى ارتفاع نسبة تجارة مشتقات البترول العابرة لقناة السويس إلى 14.2 بالمئة (منتجات يصعب نقلها عبر خطوط الأنابيب) في مقابل تراجع نصيب البترول الخام إلى نحو 8.8 بالمئة فقط من حجم التجارة المارة بالقناة نظراً لتزايد الاستثمارات في قطاع البتروكيماويات ونشاط تكرير البترول عالمياً. 

المساهمون