قرب الانتخابات يجدد الخلافات بشأن الحدود بين محافظتين عراقيتين

قرب الانتخابات يجدد الخلافات بشأن الحدود بين محافظتين عراقيتين

04 مايو 2021
الحدود بين المحافظتين مثبتة منذ منتصف القرن الماضي (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

تجدّد أخيرا الخلاف بين نواب عن محافظتي الأنبار وكربلاء بشأن بلدة النخيب الحدودية مع السعودية، التابعة إداريا لمحافظة الأنبار، وكذلك بلدة الرحالية التابعة للأنبار قرب الحدود مع كربلاء، إذ طالب برلمانيون عن كربلاء بضم البلدتين إلى محافظتهم، في مؤشر على عودة النزاع على البلدتين، الذي سبق أن أثير أكثر من مرة بعد احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الأميركية عام 2003، على الرغم من أن الحدود بين المحافظتين مثبتة منذ منتصف القرن الماضي إبان العهد الملكي في العراق.

وبدأ الخلاف الشهر الماضي بعد طلب تقدم به عضو البرلمان عن تحالف "الفتح" (الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي") حامد الموسوي إلى الحكومة، لضم بلدتي النخيب والرحالية إلى كربلاء، وفك ارتباطهما بالأنبار، ملوحا باللجوء إلى القضاء إذا لم يتحقق ذلك.

وجاء الرد سريعا على ذلك من محافظ الأنبار الأسبق قاسم الفهداوي، الذي خاطب رئاسة الوزراء قائلا: "خلال فترة عملي بمنصب محافظ الأنبار للفترة من 2009 إلى 2013، اطلعت على الكثير من الوثائق والحقائق، وتبين أن الناحيتين (البلدتين)، ومنذ تأسيسهما، ترتبطان بمحافظة الأنبار، عدا فترة قصيرة تم إلحاقهما فيها بمحافظة كربلاء، ثم تم إلغاء هذا الربط وأعيدتا إلى محافظة الأنبار". 

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وتابع: "في الفترة ذاتها، تم تشكيل محافظة النجف التي كانت تابعة لمحافظة كربلاء"، مشيرا إلى أن "النسيج الاجتماعي والعشائري هو الذي فرض ربط هاتين البلدتين بالأنبار".

وبين أن "إثارة مثل هذه القضايا لا تخدم العراق"، داعيا إلى "عدم المجازفة باستقرار البلاد مقابل مصلحة انتخابية ضيقة، كون الأنبار لديها الكثير من الوثائق والأوليات التي ترد على هكذا طروحات في غير محلها". 

كما اعتبر عضو البرلمان عن محافظة الأنبار يحيى المحمدي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تصريحات بعض النواب بشأن ضم النخيب والرحالية إلى كربلاء "جاءت من أجل الدعاية والاستهلاك الانتخابي"، مشيرا إلى أن "النخيب مدينة أنبارية معروفة ومرتبطة بالأنبار إداريا وقانونيا، ولا يمكن لأي كائن استقطاع شبر واحد من محافظة الأنبار، لأن العراق دولة يحكمها الدستور والقوانين".

بدأ الخلاف الشهر الماضي بعد طلب تقدم به عضو البرلمان عن تحالف "الفتح" (الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي")، حامد الموسوي، إلى الحكومة لضم بلدتي النخيب والرحالية إلى كربلاء، وفك ارتباطهما بالأنبار

ولفت إلى أن "أي مطالبة من هذا النوع تمثل محاولة بائسة وفاشلة الغرض منها انتخابي"، موضحا أن مثل تلك المطالبات "يمكن أن تتسبب بزعزعة استقرار العلاقات الاجتماعية والإدارية بين المحافظات".  

وفي السياق، قال عضو البرلمان عن محافظة كربلاء، رياض المسعودي، إن الحدود الإدارية بين المحافظتين سبق أن وضعت نهاية السبعينيات من القرن الماضي من قبل وزارة الداخلية، التي كانت مسؤولة عن الحدود بين المحافظات، موضحا لـ"العربي الجديد" أن "عددا من المحافظات العراقية شهدت تغييرات في حدودها الإدارية لأسباب سياسية واقتصادية وديموغرافية".

وأشار إلى أن مساحة محافظة كربلاء كانت في السابق 55000 كيلومتر مربع، والآن 5032 فقط، أي تم اقتطاع 50000 كيلومتر من المحافظة، مؤكدا صعوبة إجراء تغييرات إدارية في الوقت الحاضر. 

وتابع: "من حق أي نائب ممثل للشعب المطالبة بإلغاء التغييرات الإدارية التي جرت في السابق، ويعد ذلك مطلبا قانونيا"، مستدركا "لكن بعض الجهات السياسية تستغل هذه المطالبات القانونية".

ولفت إلى أن المشاكل الحدودية بين المحافظات ناجمة عن ضعف الحكومة والخلافات بين القوى السياسية، موضحا أن "الحكومة تمتلك حق إجراء تغييرات إدارية، ومن ضمن ذلك تغيير أسماء المدن والمحافظات".  

وتعتبر حكومة الأنبار أن النخيب، ومنذ العهد الملكي ومن قبله العثماني، هي ناحية (بلدة) ضمن مدينة الرطبة في المحافظة، ويؤكّد على ذلك مرسوم جمهوري عراقي صدر عام 1960. غير أن كربلاء تدّعي عكس ذلك، وتحاول ضم البلدة بشتى الوسائل منذ عام 2003، وتكرر الخلاف بشأنها بين مسؤولي المحافظتين أكثر من مرة.

وبحسب الوثائق التي تمتلكها السلطات المحلية في محافظة الأنبار، فإنّ بلدة النخيب تابعة لمحافظة الأنبار بموجب المرسوم الجمهوري رقم 596 الصادر في 6 أكتوبر/تشرين الأول 1960. وبموجب هذا المرسوم، فإن النخيب تعدّ ناحية تابعة لقضاء الرطبة بعد ترسيم حدودها على مساحة قدرت بـ52858 كيلومترا مربعا. 

لكن بعد الأزمة التي حصلت بين شيوخ قبيلة عنزة وبين الرئيس العراقي الراحل أحمد حسن البكر في عام 1978، وُضعت النخيب تحت مظلة محافظة كربلاء لمدّة 14 شهراً آنذاك، وهي مدّة المعالجة الإدارية المؤقتة في حينها. 

وفي عام 1979، عادت النخيب للسلطة المحلية في الأنبار بموجب المرسوم الجمهوري المرقم 408 لسنة 1979، لتعود المياه إلى مجاريها وتعود النخيب تابعة لقضاء الرطبة ضمن حدود محافظة الأنبار.

وتقع بلدة الرحالية التابعة لمحافظة الأنبار قرب الحدود مع كربلاء، ومساحتها 2635 كيلو متر مربع، وتمتاز بكثرة النخيل والتمور وتربية المواشي، وتكثر فيها عيون المياه الطبيعية، ما جعلها ملاذا لمئات الأسر النازحة بعد احتلال "داعش" لمدن عراقية عام 2014، قبل أن تدخلها المليشيات المسلحة عام 2016، وتقوم بسحب سلاح السكان المحليين الذي استخدموه في الدفاع عن بلدتهم ضد هجمات "داعش"، وجردتهم من أي وسيلة للدفاع، وفرضت سيطرتها على الرحالية ومحيطها.