قرار المحكمة الاتحادية يفرمل حوارات تشكيل الحكومة العراقية

قرار المحكمة الاتحادية يفرمل حوارات تشكيل الحكومة العراقية

14 يناير 2022
أصدرت المحكمة الاتحادية قراراً بوقف مؤقت لعمل رئاسة البرلمان (الأناضول)
+ الخط -

تأخذ أزمة تشكيل الحكومة في العراق منحى تصاعدياً بين "التيار الصدري" الذي يتزعمه مقتدى الصدر، والذي يسعى لتشكيل حكومة "أغلبية وطنية"، وقوى "الإطار التنسيقي" الحليفة لإيران، والتي ترفض طروحات الصدر وتريد حكومة توافقية.

ويسود توجس بشأن إمكانية حسم منصبي رئيسي الجمهورية والوزراء، خلال المدد الدستورية، لا سيما بعد إصدار المحكمة الاتحادية أول من أمس قراراً ولائياً بوقف مؤقت لعمل رئاسة البرلمان، التي تم انتخابها في جلسة الأحد الماضي، وهو ما يعني شل عمل البرلمان والتأثير على التحركات السياسية للتيار الصدري وحلفائه، بانتظار قرار قضائي حاسم.

مع العلم أن القرار الولائي يصدر في القضايا التي لا تحتمل التأخير، ولا يترتب عليه حكم قضائي قاطع، على أن يصدر بعده قرار قضائي بات بالموضوع.

وكان القرار بشأن وقف عمل رئاسة البرلمان قد صدر على خلفية طعنين في المحكمة الدستورية تقدم بهما النائبان باسم خشان ومحمود داود، بشأن ما قالا إنها خروقات حدثت في الجلسة الأولى للبرلمان، بينما عدّ "الإطار التنسيقي" القرار "انتصاراً له".

ويترافق هذا الجدل السياسي مع تصاعد في الوضع الأمني. فبعد ساعات من هجوم بصاروخي "كاتيوشا" مساء أول من أمس الخميس على مقر السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد، شهدت العاصمة العراقية فجر أمس الجمعة هجومين استهدفا مقرين لتحالفي "تقدّم" بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، و"عزم" بزعامة خميس الخنجر.

قد يتأخر انتخاب رئيس للجمهورية وتقديم مرشح للحكومة

تأثير تجميد عمل رئاسة البرلمان 

وسيتسبب قرار تجميد رئاسة البرلمان بتأخير انتخاب رئيس الجمهورية، ما يتسبب تلقائياً بتأخير تقديم "الكتلة الكبرى" مرشحها لرئاسة الوزراء، والتي حدد لها الدستور مهلة شهر واحد بعد تكليفها من قبل رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة.

وعقب قرار المحكمة، صعد زعيم "التيار الصدري"، مقتدى الصدر، لهجته ضد قوى "الإطار التنسيقي" ووضعها في موضع المعارضة، معتبراً أنه "إذا كان قرار المحكمة الاتحادية بالإيقاف المؤقت لعمل هيئة رئاسة البرلمان من دون ضغوط من هنا وهناك، فهي أولى خطوات إيجاد معارضة في البرلمان، وعدم لجوئها للعنف إزاء تشكيل حكومة أغلبية وطنية".

ودعا الصدر الجانب الآخر (الإطار التنسيقي) "لأن يكون معارضة وطنية"، مؤكداً "نحن سنلتزم بأخلاقيات حكومة أغلبية وطنية".

ومع انتظار القرار القضائي الحاسم من قبل المحكمة الاتحادية، والجدل حول إمكانية حسم منصبي رئيسي الجمهورية والوزراء ضمن المدد الدستورية المحددة، أكد مسؤول قضائي مطلع على ما يدور في أورقة المحكمة الاتحادية أن "ملف الشكوى المقدمة بشأن ادعاءات وقوع مخالفات دستورية للنظام الداخلي للبرلمان خلال جلسته الأولى، والتي جرى خلالها انتخاب الحلبوسي رئيساً، وحاكم الزاملي وشاخوان عبد الله نائبين له، مطروحة أمام لجنة خاصة في المحكمة لاتخاذ قرار قضائي حاسم بشأنها".

وأوضح المسؤول، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "إصدار الأمر الولائي جاء كون الملف بحاجة إلى قرار مستعجل، بينما سيصدر القرار القضائي لاحقاً بعد دراسة للمعطيات".

وأشار إلى أن "المحكمة تحتاج إلى يومين أو ثلاثة على الأقل لإصدار القرار، بعد أن يتم حضور الطرفين المتداعيين أمام المحكمة للمرافعة، في حال لم تستجد أمور قانونية أخرى، والتي قد تعطل قرار المحكمة".

وشدد على أن "القرار الحالي (الولائي) لن يؤثر على المدد الدستورية لاختيار مرشحي منصبي رئيس الجمهورية والوزراء، من الجانب القانوني، إلا في حال صدر قرار قضائي بات بإلغاء إجراءات الجلسة البرلمانية الأولى، فهكذا قرار، سيلغي ما ترتب على الجلسة من قرارات وغيرها".

تداعيات على حوارات التيار الصدري بشأن تشكيل الحكومة العراقية

وعلى الرغم من أن "القرار الولائي" لا يتعارض قانونياً مع مساعي اختيار رئيسي الجمهورية والوزراء، إلا أن دخول القضاء على خط الأزمة وما ترتب على ذلك من جدل قانوني سيكون له تداعيات على حوارات التيار الصدري وحلفائه من القوى السنية والكردية نحو إكمال اختيار الرئاسات الأخرى، والمضي نحو تشكيل حكومة الأغلبية التي يسعى لها.

وهذا الأمر أكده عضو في تحالف "تقدّم"، الذي يتزعمه الحلبوسي. وقال لـ"العربي الجديد": "ننتظر القرار القضائي الحاسم. لا شك في أنه ستكون هناك تأثيرات على حوارات تشكيل الحكومة، من دون معرفة أبعاد القرار القضائي المرتقب".

وأشار إلى أن "الحوارات لن تتوقف، إلا أنها لن تكون حاسمة من دون صدور قرار قضائي حاسم، حتى نعرف وجهتنا".

من جهته، قلل التيار الصدري من أهمية لجوء الطرف الآخر (الإطار التنسيقي) إلى القضاء، وأكد أنه "واثق" من أن الأمر محسوم، وأن القرار القضائي سيؤكد دستورية الجلسة البرلمانية.

وقال النائب عن التيار، بدر الزيادي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الأمر الولائي مؤقت، ولن يترتب عليه أثر قانوني، لحين اتخاذ قرار من قبل المحكمة الاتحادية".

وأضاف أن "الجانب الآخر (الإطار التنسيقي) يريد أن يؤثر على حواراتنا ومساعينا لتشكيل حكومة الأغلبية الوطنية، ولكن هذا لن ينجح، فأمام الأكراد 15 يوماً لاختيار رئيس الجمهورية، مضت منها 5 أيام، وأمامنا بعد ذلك 30 يوماً لاختيار رئيس للوزراء، وهذه المهلة كافية جداً".

واعتبر أن "الإطار التنسيقي يسعى للمناورة وكسب الوقت من خلال لجوئه للمحكمة الاتحادية، على الرغم من علمه بأن الجلسة البرلمانية دستورية، ويريد أن يضغط باتجاه الحوار مع التيار الصدري".

وبينما كان "الإطار التنسيقي" يعدّ القرار الولائي "انتصاراً له"، دعا المحكمة الاتحادية إلى ضرورة النظر للخروقات القانونية التي جرت في الجلسة الأولى للبرلمان.

الزيادي: الجانب الآخر يريد أن يؤثر على حواراتنا ومساعينا لتشكيل حكومة الأغلبية الوطنية

وفي السياق، أكد النائب السابق عن تحالف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، محمد الصيهود، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "لا بدّ من أن ينظر القضاء إلى ملابسات الجلسة الأولى وما شابها مع شجار قامت به أطراف سياسية معروفة، واعتداء على رئيس السن محمود المشهداني".

ورجح أن "يكون القرار القضائي لصالح المتقدمين بالدعوى". وأكد الصيهود "رغبة الإطار التنسيقي بالحوار مع التيار الصدري"، إلا أنه اتهم التيار بـ"التخندق السياسي، وبأنه لا يريد التعاون مع بقية القوى الشيعية لتشكيل حكومة مرضية لجميع الأطراف".

ونفى المتحدث نفسه أن يكون التحرك القضائي وتجميد عمل البرلمان "مجرد مناورة سياسية، بل هو توجه قانوني بحت"، مؤكداً أن "الدعوى التي تقدم بها نائبين في البرلمان لا تهدف إلى إجبار التيار الصدري على الحوار".

من جهته، قال الخبير القانوني طارق حرب، في بيان أخيراً، إن "أمر المحكمة العليا تضمن اعترافاً بدستورية انتخاب رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ونائبيه، إذ لم يلغ الإجراءات التي اتخذتها هيئة رئاسة السن".

وأضاف "وبذلك، فإن أمر المحكمة على الحالات المستقبلية وليس على الحالات السابقة، أي أن إجراءات الانتخاب دستورية عندما وصف الأمر هيئة الرئاسة بالمنتخبة، ما يعني أن المحكمة أيدت الانتخاب، وهو اعتراف منها بقانونية ودستورية الجلسة".

المساهمون