قرارات ترامب تتلقى انتقاداً كويتياً رسمياً نادراً

21 فبراير 2025
رئيس الحكومة الكويتية في دبي، 11 فبراير 2025 (عمر الفيكي/رويترز)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في قمة الحكومات العالمية بدبي، انتقد رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ أحمد عبد الله الأحمد الصباح قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، معتبرًا أنها تخدم مصالحه الشخصية وتؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمي.

- أستاذ الإدارة والمالية العامة بجامعة الكويت، يوسف المطيري، أشار إلى أن خطاب رئيس الوزراء يعكس القلق من تأثير قرارات ترامب على الاقتصاد، خاصة مع اعتماد الكويت على الإيرادات النفطية، مما قد يؤدي إلى تضخم اقتصادي وارتفاع الأسعار.

- الوزير السابق أحمد المليفي وصف الخطاب بأنه "رسالة ذكية"، مشيرًا إلى أن الكويت ستظل تعتمد على الولايات المتحدة كحليف استراتيجي، لكنها بدأت تتجه نحو الصين، مما قد يؤثر على التحالفات المستقبلية.

حمل حديث رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ أحمد عبد الله الأحمد الصباح، في قمة الحكومات العالمية التي أقيمت في دبي في 11 فبراير/شباط الحالي، تطوراً لافتاً في الخطاب الرسمي على صعيد العلاقة مع أميركا، حيث تضمن حديثه نقداً للقرارات الأخيرة للرئيس دونالد ترامب، واعتبر أن قرارات ترامب "تخدم مصالحه الخاصة"، وهو الخطاب الكويتي الأول من نوعه بهذه اللهجة طوال العقود الثلاثة الماضية.

واعتُبر خطاب رئيس الحكومة الكويتية تحولاً غير مسبوق في إطار العلاقات بين البلدين، خاصة بما اتسمت به من الشعور بـ"الامتنان" الكويتي لأميركا، إثر قيادتها التحالف الدولي لتحرير البلاد من غزو العراق في العام 1991.

الكويت: قرارات ترامب تخدم مصلحته

وقال الشيخ أحمد عبد الله، خلال حديثه في قمة الحكومات، وهي كلمة مُرتجلة خارج خطابه المكتوب الذي تلاه في القمة ونشرته وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، إنه "يجب الانتباه إلى شيء واحد، هو الذي سيؤثر ويوجه الاقتصاد العالمي القادم، وهو أثر الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتوجهه المستقبلي"، مضيفاً: "يجب أن نكون منتبهين، لأن قرارات ترامب تخدم مصلحته، ولا بد أن يكون هناك ردة فعل، وبدأت ردة الفعل هذه".

يوسف المطيري: قرارات ترامب ستؤثر على الاقتصاد العالمي

وتأتي المخاوف الاقتصادية التي عبر عنها رئيس الحكومة الكويتية، وسط اعتماد ميزانية البلاد على الإيرادات النفطية، التي تستحوذ على 90% من تمويل الميزانية العامة سنوياً، وهو المصدر الأساسي وشبه الوحيد للدخل، فيما تسير خطواتها لتنويع مصادر الدخل بشكل بطيء، في ظل القفزات التي تحققها شبيهاتها في دول الخليج في تنويع مصادر الدخل غير النفطية.
وفسر أستاذ الإدارة والمالية العامة في جامعة الكويت، يوسف المطيري، خطاب رئيس مجلس الوزراء الكويتي بأنه يتعلق خصوصاً "بموضوع غزة، أو ما يتعلق في بعض الأمور التي حصلت فيها مواجهات اقتصادية مع الصين ومع الجانب الأوروبي، وكذلك التداعيات مع المكسيك وكندا، وغيرها من القرارات المتخبطة خلال هذه الفترة وبشكل متسارع". وأضاف أن أحمد عبد الله اعتبر ما يقوم به ترامب "هو من أجل مصالحه الشخصية، باعتباره تاجراً، ومن ثم ينظر للأمور من منظور تجاري وليس وفق بُعد سياسي".

وأكد المطيري، في حديث مع "العربي الجديد"، أن قرارات ترامب "ستؤثر بلا شك على الاقتصاد العالمي، لأن مثل هذه الإجراءات سوف تُساهم في رفع الأسعار، وستتسبب في تضخم اقتصادي في العالم، ومن ثم حدوث مشكلات مالية كبيرة في عمليات التجارة والنقل، وغيرها من الأمور التي تتحرك من خلال هذه الأدوات، إضافة إلى اتخاذ (الرئيس الأميركي) إجراءات متعلقة بالجمارك والضرائب ومنع بعض البضائع، سواء من الصين أو غيرها، وهذه من الجوانب التي لها تأثيرها على الاقتصاد. كل ذلك ينظر إليه ترامب من منظور مصلحة تجارية بحتة، كما يقايض في هذه القضايا، ويُريد أن يُحقق مكاسب سريعة، لكن مثل هذه الخطوات لها نتائج عكسية على العالم برمّته".
ودلل المطيري بذلك على "النقد المباشر، ولأول مرة من دولة الكويت بلسان رئيس الوزراء في مكان ومحفل دولي، حيث تحدث بهذه المنطلقات حماية للاقتصاد ودفاعاً عن غزة وضد بعض قرارات ترامب، والتي سيكون لها تبعات اقتصادية كبيرة ومشكلات متعلقة بصراعات اقتصادية".

وأضاف: "الدخول في هذه الصراعات بين أقطاب كبرى في العالم، سينعكس طبعاً على دول العالم الثالث والدول الفقيرة، وسيؤدي إلى مشكلات، مثل صعوبة وصول البضائع وارتفاع الأسعار والتضخم، وغيرها من التداعيات الأخرى الخطيرة على النشاط الاقتصادي والبنكي والائتماني". وتابع: "جاء هذا النقد بشكل مباشر وواضح، ولأول مرة، للتحدث عن بعض هذه الإجراءات والقرارات التي أقدم عليها الرئيس الأميركي خلال خطاباته وتصريحاته المختلفة، وخلال أقل من شهر من تسلمه البيت الأبيض".
رسالة ذكية

أحمد المليفي: تصريح رئيس الحكومة لا يؤثر على العلاقات الأميركية الكويتية

من جانبه، اعتبر الوزير السابق أحمد المليفي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن كلمة رئيس مجلس الوزراء الكويتي "رسالة ذكية يجب أن تنتهجها جميع دول الخليج"، مُستذكراً ما يقوله "بعض مستشاري الرؤساء الأميركيين السابقين عن طبيعة التعامل مع المنطقة العربية عموماً، والخليجية على وجه خاص، فقد كتب بعضهم في مذكراته أن مفاوضاتهم مع الأطراف العربية كانت سهلة جداً، وذلك لأنهم لم يجدوا فيها أية معارضة لما يطرحونه، بل وزادوا على ذلك أنهم كانوا يرفعون سقف المطالبات حتى يكون لهم هامش للنزول عنده، لكنهم يتعجبون عندما يرون أن الطرف الآخر يستجيب لكل المطالبات دون نقاش".

وتابع المليفي: "لذا ما قاله رئيس مجلس الوزراء الكويتي بشأن قرارات ترامب كلام صحيح، ورسالة واضحة بأن من حق الرئيس الأميركي أن يُفكر ويعمل من أجل بلاده أولاً، ولكن كذلك من حقنا أن نحافظ على حقوقنا أيضاً"، مُضيفاً أن "هذا التصريح لا يؤثر على العلاقات الأميركية الكويتية، فهي علاقة راسخة تحكمها اتفاقيات دولية بين الطرفين. بالعكس أعتقد أن مثل هذا التصريح الرسمي سيُكسب الكويت وقيادتها مزيداً من الاحترام والثقة المتبادلة".

من جهته، قال الباحث في الدراسات العليا في العلوم السياسية، عمر العبدلي، لـ"العربي الجديد"، تعليقاً على خطاب رئيس مجلس الوزراء الكويتي إنه "كان تصريحاً استثنائياً وخارجاً عن المألوف بكل معانيه"، لكنه أشار إلى أن "الكويت ما زالت وستستمر على المديين القصير والمتوسط على الأقل، في الاعتماد كلياً على الولايات المتحدة حليفا استراتيجيا، سواء في الدعم الدبلوماسي أو التسليح وغيرهما من المجالات الأخرى". وأضاف: "منذ سنوات ليست قليلة، بدأ انسحاب الولايات المتحدة من الخليج والشرق الأوسط تدريجياً، ويبدو أن هذه السياسة مستمرة على المديين المتوسط والبعيد، والكويت في خضم هذا الانسحاب اتجهت إلى الصين، وارتبطت بمشروع الأخيرة المعروف بطريق الحرير (الحزام والطريق)، ولم تشارك في المشروع الهندي المُضاد له والمدعوم أميركياً، والذي تشترك فيه (سلطنة) عُمان والإمارات وقطر والعراق". وبيّن العبدلي أنه "إذا استمرت السياسات التي أشرت إليها، وأعني الانسحاب الأميركي والانقسام على نفوذ صيني مقابل هندي، فأعتقد أن الكويت على مفترق طرق مع دول مجلس التعاون فيما يخص أي الدولتين سيكون حليف البلاد الاستراتيجي، ونتيجة هذا أيضاً فإن مجلس التعاون الخليجي كما عرفناه لن يستمر كتلة موحدة".

المساهمون