قراءة روسية بالذكرى الخامسة للتدخل في سورية: التحديات تبقى قائمة

قراءة روسية بالذكرى الخامسة للتدخل في سورية: التحديات تبقى قائمة

30 سبتمبر 2020
السوريون يتهمون روسيا بارتكاب مجازر بحقهم (Getty)
+ الخط -

تناولت بعض الصحف الروسية، اليوم الأربعاء، نتائج بدء موسكو تدخلها العسكري المباشر في سورية في مثل هذا اليوم قبل خمس سنوات، متسائلة عن مدى تحقيق موسكو أهدافها على المستويين العسكري والسياسي، ولا سيما في ظل استمرار التحديات المتعلقة بالمستقبل السياسي للبلاد، والحفاظ على وحدة أراضيها، والحصول على دعم دولي لإعادة إعمارها.

وفي مقال بعنوان "موسكو لا تزال تواجه تحديات على الساحة السورية"، ذكّرت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا"، في عددها الصادر اليوم، بأنه عند بدء روسيا تدخلها العسكري لم يكن حليفها، بشار الأسد، يسيطر إلا على 20 في المائة من أراضي البلاد، لكن الوضع تغير جذرياً خلال خمس سنوات، إلى الحد أن النظام السوري لم يتمكن بدعم روسي من استعادة الجزء الأكبر من الأراضي فحسب، بل استطاع أيضاً تغيير مواقف خصومه الإقليميين.

ومع ذلك، أقرّت الصحيفة بأن التدخل الروسي لم يحلّ جميع المسائل في إطار الملف السوري، مشيرة إلى أنه "رغم قبول حتى أشد خصوم الأسد باستمرار رئاسته، إلا أن مشكلة انتقال السلطة لا تزال من أكبر العقبات أمام الإصلاحات السياسية والحصول على الدعم الدولي الضروري لإعادة إعمار البلاد". ولفتت إلى أن "قانون قيصر" الأميركي، الذي اعتُمِد في الصيف الماضي، يضع قاعدة لفرض عقوبات على أي دول وشركات متعاونة مع الأسد.

وحذرت "نيزافيسيمايا غازيتا" من أن حل مشكلة وحدة الأراضي السورية لا يزال يبدو بعيداً، في ظل تقسيمها إلى بضع مناطق نفوذ كبرى، ومن بينها المنطقة الشمالية الخاضعة لنفوذ أنقرة وفصائل المعارضة الموالية لها، والشمال الشرقي (شرق الفرات) الخاضع لسيطرة القيادات الكردية، ومنطقة التنف جنوبيّ سورية، الخاضعة لسيطرة التحالف الدولي ومجموعات المعارضة التي دربتها الولايات المتحدة.

وخلصت الصحيفة إلى أنه رغم إجماع جميع اللاعبين الدوليين على ضرورة إخلاء سورية من القوات الأجنبية في المستقبل، إلا أن الدرجة العالية لتدويل النزاع تعزز الترجيحات باستمرار ملامح مناطق النفوذ، وأن الأسد لن يحقق ذات درجة السيطرة على الأراضي ما قبل الحرب.

بدورها، نشرت صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" تقريراً لصحافيها دميتري ستيشين، الذي عمل في سورية منذ عام 2012، ذكّرت فيه بالوضع على الأرض عند بدء التدخل المباشر الروسي، لافتة إلى أن تنظيم "داعش" الإرهابي و"الجيش السوري الحر" المكون من العسكريين المنشقين كانا خصمين قويين، خاصة أن جيش الأسد خسر نحو 80 في المائة من أفراده، قتلى وجرحى ومنشقين، بحلول عام 2015.

وأوضح ستيشين أن إدراك هيئة الأركان العامة الروسية لمخاطر المشاركة في هذه المرحلة من الحرب دفعها إلى جعل التدخل "مدققاً" وإعلان تقديم "دعم جوي للقوات السورية بلا عملية برية"، لتضمّ مجموعة القوات الروسية في سورية 4 آلاف فرد و70 طائرة ومروحية، أي 2 في المائة من الطيران الحربي الروسي فقط، ولكن بنظام التناوب.

ومن بين المكاسب التي جنتها روسيا جراء تدخلها في سورية، ذكر كاتب التقرير حصول موسكو على قاعدتي طرطوس البحرية وحميميم الجوية للاستخدام المجاني لمدة 49 عاماً، لافتاً إلى أن مرفأ طرطوس يتسع لعشر سفن، بما فيها نووية، ما يمهد لسيطرة روسيا على الطريق البحري الرابط بين الغرب والمناطق الثرية بالنفط في الخليج، ويمكّنها من منع ألاعيب خفض أسعار النفط، وفق اعتقاده.

وعلى الصعيد الرسمي، نشرت صحيفة "كراسنايا زفيزدا" التابعة لوزارة الدفاع الروسية مقالاً لوزير الدفاع، سيرغي شويغو، الذي لخص هدف العملية العسكرية الروسية بـ"دعم الشعب السوري في تحرير البلاد من مجموعات الإرهاب الدولي" التي سيطرت على أكثر من 70 في المائة من أراضي البلاد، وكانت تنشر مقاطع فيديو لإعدامات جماعية.

ومن بين نتائج العملية، ذكر شويغو القضاء على أكثر من 133 ألف مسلح، بمن فيهم 4500 عنصر حضروا من روسيا وبلدان رابطة الدول المستقلة، معتبراً أنه بذلك، استُكمِلَت مهمة القضاء على "داعش" ومنع تسلل أي من عناصره إلى روسيا.

يذكر أن التدخل العسكري الروسي المباشر في سورية، وهو أول عملية عسكرية تقودها موسكو خارج فضاء الاتحاد السوفييتي السابق منذ تفككه عام 1991، بدأ في 30 سبتمبر/ أيلول 2015، بعد موافقة مجلس الاتحاد (الشيوخ) الروسي بالإجماع على طلب الرئيس فلاديمير بوتين استخدام القوات المسلحة في الخارج.