قراءات روسية لسقوط كابول: فيتنام جديدة

قراءات روسية لسقوط كابول: فيتنام جديدة

17 اغسطس 2021
انتقادات روسية لسياسة واشنطن في أفغانستان (الأناضول)
+ الخط -

تناولت الصحافة الروسية، يوم الإثنين، أسباب سقوط كابول بين أيدي حركة "طالبان" الأفغانية وتداعياتها، وهروب الرئيس أشرف غني، دون أن تفوت الفرصة لتوجيه انتقادات للسياسات الأميركية وعجزها عن التأسيس لمؤسسات دولة قادرة على الصمود بعد انسحاب القوات الغربية.

وفي مقال بعنوان "يوم سقطت فيه كابول"، اعتبر المؤرخ والمحلل السياسي، سيرغي ستانكيفيتش، أن "المغزى الرئيسي مما حدث هو أن الإمبراطورية الأميركية تعرضت في أفغانستان لهزيمة تاريخية ساحقة يمكن مقارنة نطاقها مع الهزيمة في فيتنام"، مشيراً إلى مجموعة من نقاط التشابه بين مشاهد سقوط العاصمة الفيتنامية السابقة سايغون في عام 1975 وكابول في عام 2021، بما فيها سرعة سقوط العاصمتين في ظرف يوم واحد، وفرار أفراد المهمتين الأميركيتين بعجالة على متن مروحيات، بعد إتلاف الوثائق السرية ووسائل الاتصال وغيرها.

ولفت كاتب المقال الذي نشر بصحيفة "فيدوموستي" الروسية، إلى سوء تقدير واشنطن واطلاعها على الأوضاع في أفغانستان، مذكراً بتأكيد الرئيس الأميركي، جو بايدن، أن "طالبان" لن تتمكن من بسط سيطرتها على كامل أفغانستان وعاصمتها، ثم زعم المخابرات الأميركية أن كابول قد تصمد لما لا يقل عن ثلاثة أشهر.

وذكّر أيضاً أن الولايات المتحدة استثمرت في أطول حرب في تاريخها 20 عاماً و2.5 تريليون دولار، وأنشأت في أفغانستان كل شيء من جديد، بما في ذلك النظام السياسي والقوانين وجهاز الدولة ووسائل الإعلام، وأجرت عدداً من الانتخابات وقامت بتشكيل قوات مسلحة حصلت على أحدث الأسلحة، وإنشاء قوة أمنية ضمت أكثر من 300 ألف فرد تم تدريبهم على مدى عقدين.

وخلص ستانكيفيتش إلى أن السياسات الأميركية أتاحت تأسيس فئة من المثقفين من أصحاب التوجهات الغربية، ولكنها لم تتمكن من تغيير "المجتمع العشائري-القبائلي التقليدي الذي توحده قرون من تجربة الكفاح والصراع من أجل الوجود، والوحدة الدينية والدافع القومي التحرري".

بدورها، أجرت صحيفة "ريبابليك" الإلكترونية حواراً مع المحلل السياسي المتخصص في شؤون آسيا الوسطى، أركادي دوبنوف، الذي أرجع السبب الرئيسي لسقوط كابول إلى إدراك "طالبان" بعد الإعلان عن الانسحاب الأميركي أنه سيحدث "فراغ حقيقي للسلطة" في ظل انعدام الإقبال على الحداثة الغربية التي اقترحها الأميركيون والناتو.

ولفت دوبنوف إلى أن "الإدارة التي زرعها الأميركيون لم تكن قريبة من السكان"، بل تسبب الدعم الأميركي في فساد النخبة الحاكمة في أفغانستان، وهو أمر كان يراه الأفغان ويدركونه، واستثمرته "طالبان" المدعومة من باكستان.

وحول رؤيته لمساعي "طالبان" لتحسين صورتها دولياً، أضاف: "سيسعون لنيل الاعتراف الشرعي بسلطتهم. ومن أجل ذلك، سيسعون لإقناع العالم بأنهم ليسوا سفاحين. وإذا كان هناك مثل هذا التصور لدى العالم، فستسعى "طالبان" للشرح أنها "غير قادرة على مراقبة الجميع"، وستحاصر، بل ستعاقب الشباب الذين سيسفكون الدماء".

وعلى الصعيد الرسمي، ربطت وزارة الخارجية الروسية النظر بطلب شطب حركة "طالبان" من قائمة المنظمات الإرهابية؛ برفعها عن مثل هذه القائمة من قبل مجلس الأمن الدولي.

وأوضح مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى أفغانستان، زامير كابولوف، في تصريحات بثها التلفزيون الروسي، أن اتخاذ مثل هذا القرار على مستوى الأمم المتحدة سيكون ممكناً في حال التزام "طالبان" بالمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان.

وعلى الرغم من تصنيف "طالبان" منظمة إرهابية في روسيا؛ فإن موسكو كثفت الاتصالات معها منذ بدء تقدمها على الأرض في أفغانستان، سعياً منها لضمان سلامة بعثتها الدبلوماسية في كابول ومصالح حلفائها من بين الجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى، والتي لها حدود مشتركة مع أفغانستان.