قتلى جراء اشتباكات في جرمانا بريف دمشق وسط تصاعد التوتر الطائفي

دمشق

ضياء الصحناوي

المثنّى - القسم الثقافي
ضياء الصحناوي
مراسل "العربي الجديد" في دمشق.
دمشق

محمد كركص

محمد كركص صحافي سوري (العربي الجديد)
محمد كركص
صحافي سوري
29 ابريل 2025
حملة أمنية واسعة بريف دمشق وسط تصاعد التوتر الطائفي
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- اندلعت اشتباكات في جرمانا بريف دمشق بعد انتشار تسجيل صوتي مسيء للنبي محمد، مما أدى إلى مقتل 12 شخصًا وإصابة أكثر من 15 آخرين، وسط حالة استنفار أمني وتبادل إطلاق النار بين مجموعات مسلحة.
- أكدت وزارة الداخلية السورية أن الاشتباكات بدأت بعد محاولة اعتقال المتهم بنشر التسجيل، وتدخلت قوات الأمن لمنع تطور الموقف، مع استمرار انتشار قوات الدفاع والداخلية لضبط الأمن.
- استنكرت المرجعيات الدينية الإساءة للمقدسات الإسلامية، محذرة من الفتنة الطائفية، وسط تصاعد الخطاب الطائفي وتزايد التساؤلات حول الجهات المسؤولة عن الأحداث.

ارتفعت حصيلة الضحايا في الاشتباكات المسلحة التي اندلعت، فجر اليوم الثلاثاء، بين مجموعات مسلحة في مدينة جرمانا بريف دمشق إلى 12 قتيلاً (6 لكل طرف) وأكثر من 15 جريحاً، وفق مصادر محلية. ومن بين الضحايا الشاب شادي الأطرش، الذي لفظ أنفاسه متأثراً بجراحه، والشيخ ضياء الشيخ، الذي قُتل عند حاجز النسيم، بالإضافة إلى الشابين رياض بعكر ولجين عزوز، اللذين سقطا خلال المواجهات العنيفة عند مدخل المدينة.

وتشير المعلومات الأولية إلى أنّ الحصيلة قد ترتفع مع استمرار الاشتباكات وتصاعد التوتر في المنطقة. وتشهد جرمانا منذ ساعات الصباح الأولى حالة استنفار أمني غير مسبوقة، مع استمرار تبادل إطلاق النار بين مجموعات مسلحة عند حواجز متفرقة، أبرزها حاجز النسيم ومنطقة المليحة، وقد انتشرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر سقوط قذائف على أحياء سكنية، بينها حي التربة، دون الإبلاغ عن إصابات في تلك المناطق. وفي بلدة صحنايا المجاورة، وردت أنباء عن محاولة اقتحام لنقطة أمنية عند القوس والبنك العربي، مع تسجيل إصابتَين على الأقل.

وقالت وكالة الأنباء السورية "سانا" إنّ قوات الأمن العام انتشرت على أطراف مدينة جرمانا، "منعاً لأي تجاوز حاصل، وذلك في إطار الجهود الرامية لضبط الأمن وتعزيز الاستقرار في المنطقة".

الصورة
قوات الأمن السوري تنتشر في محيط جرمانا / 29 إبريل 2025 (سانا)
قوات الأمن السوري تنتشر في محيط جرمانا، 29 إبريل 2025 (سانا)

وأعلنت وزارة الداخلية السورية، اليوم الثلاثاء، عن وقوع "تطوّرات أمنية خطيرة" في مدينة جرمانا، مشيرة إلى انتشار مكثف لقوات الداخلية والدفاع في محيط المدينة بهدف منع وقوع اشتباكات، وذكرت الوزارة أن الهجوم الذي شهدته المنطقة بدأ عقب انتشار تسجيلات وصفتها بـ"المسيئة للرسول (النبي محمد ص)"، ما دفع مجموعات مسلحة للتجمع ومحاولة اعتقال الشخص المتهم بنشر التسجيلات، وفقاً لما جاء في البيان الرسمي.

وأضافت الوزارة أن الاشتباكات أدت إلى مقتل عنصرَين من قوات الأمن بإطلاق نار وقع على أطراف المدينة صباح اليوم، مشيرة إلى أن مجموعات من داخل جرمانا هي من نفذت الهجوم على العناصر الأمنية، وأكدت أن قوات الأمن تدخلت بقوة لمنع تطوّر الموقف إلى اشتباكات واسعة، كما عملت على الفصل بين القوات التي وصفتها بـ"المهاجمة" والمسلّحين المتواجدين داخل جرمانا، وشدّدت الوزارة في بيانها على استمرار انتشار قوات الدفاع والداخلية في المنطقة لمنع أي تجاوزات أو تفاقم في الأوضاع الأمنية.

تسجيل صوتي مثير للجدل

وكانت وزارة الداخلية السورية، قد أكدت، في بيان سابق لها، اليوم الثلاثاء، أنها باشرت بالتحريّات حول التسجيل الصوتي، مشيرة إلى أنه لم يثبت أنّ التسجيل يعود للشخص الذي وجهت إليه أصابع الاتهام، وأكدت الوزارة أنّ العمل جارٍ لتحديد هوية صاحب الصوت. وعبّرت الوزارة عن "بالغ الشكر والتقدير للمواطنين على مشاعرهم الصادقة والدينية دفاعاً عن مقام النبي (ص)، وشدّدت على أهمية الالتزام بالنظام العام وعدم الانجرار إلى أي تصرفات فردية أو جماعية من شأنها الإخلال بالأمن العام أو التعدي على الأرواح والممتلكات".

واندلعت الاشتباكات في جرمانا بعد أيام من انتشار تسجيل صوتي نُسب إلى شخص من محافظة السويداء جنوبي سورية، تضمّن إساءات للنبي محمد ورموز دينية إسلامية، ما أثار موجة غضب عارمة في مناطق سورية عدّة، وعلى الرغم من نفي الشيخ مروان كيوان، الذي اُتهم بالتسجيل، أي علاقة له بالمقطع، واصفاً إياه بأنه "مُفبرك"، إلّا أنّ التسجيل أثار ردود فعل غاضبة، تحولت إلى تظاهرات ووقفات احتجاجية في مدن عدّة، تطور بعضها إلى صدامات مسلّحة.

 

استنكار "الفتنة" وتحذيرات من التصعيد

وسارعت المرجعيات الدينية والوجهاء في السويداء ودرعا ودمشق إلى إصدار بيانات استنكارية، مؤكدة رفضها لأي إساءة إلى المقدسات الإسلامية، مع تحذيرها من محاولات "إشعال الفتنة الطائفية". ففي بيان صادر عن عشائر آل عامر والنوفل والقيسية والشريطي، جرى التأكيد على أن "الدين لله والوطن للجميع"، مشدّدين على أنّ التسجيل الصوتي "مشبوه ويهدف إلى زعزعة الاستقرار".

من جانبه، قال محافظ السويداء مصطفى البكور، إنّ الخطاب في سورية "ليس طائفياً"، مشيراً إلى أنه "لن يجري تحميل أحد وزر ما ارتكبه غيره من إثم أو خطأ"، وشدد البكور على أنه "لم ولن يُسمح لأحد بالتعدّي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم"، مؤكداً أن كل من يسيء إلى الرموز الدينية أو يتطاول عليها "ستجري محاسبته"، وأوضح أن قيادة الشرطة وجّهت بالتحري عن صاحب الصوت الذي أساء إلى النبي محمد، بهدف تحويله إلى القضاء أصولاً.

من جهته، دعا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، الشيخ يوسف جربوع، إلى "التمسك بالوحدة الوطنية"، محذراً من "أجندات خارجية تريد تقسيم السوريين". كما أصدرت مضافة الكرامة في السويداء بياناً أعلنت فيه "تبرؤها من أي شخص يسيء إلى الأنبياء"، معتبرة أنّ مثل هذه الأفعال "لا تمثل قيم أهالي السويداء".

وفي جرمانا بريف دمشق، أصدرت الهيئة الروحية لطائفة الموحدين الدروز بياناً حمّلت فيه السلطات المسؤولية الكاملة عن الأحداث، وطالبت بـ"كشف الحقائق ووقف حملات التحريض". كما نددت بالهجوم المسلح على المدينة، مؤكدة أنّ معظم الضحايا من عناصر الأمن العام الذين "كانوا في مواقع عملهم عندما تعرّضوا للغدر".

تداعيات أحداث جرمانا

في سياق متصل، يعيش طلاب من محافظة السويداء الذين يدرسون في الجامعات السورية خارج المحافظة، حالة من الخوف بعد تلقيهم تهديدات في ظل تصاعد الخطاب الطائفي داخل الحرم الجامعي. وقال طالب في كلية الهندسة الميكانيكية بدمشق، فضّل عدم الكشف عن اسمه: "بعض الزملاء حموا زملاءهم الدروز، لكن الوضع لا يزال خطيراً".

وفي جامعة تشرين باللاذقية شمال غربي سورية، أفاد طلاب بأنّ "الأوضاع طبيعية، لكن هناك مخاوف من أي تطور مفاجئ"، بينما أشارت طالبة في كلية الهندسة المعمارية إلى أنها "تخشى العودة إلى الجامعة رغم أنها في مرحلة التخرج"، معربة عن قلق أسرتها من أي اعتداء محتمل.

وفيما حاول العديد من النشطاء والوجهاء تهدئة الأجواء، انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي خطابات تحريضية من بعض الجهات، مما زاد من حدة التوتر. ففي درعا جنوبي سورية، وجّه شيخ عشيرة الفواعرة، سامر المحمود، رسالة طمأنة لطلاب السويداء، مؤكداً أنه سيتكفل بحمايتهم في حال قرروا العودة إلى مدنهم. في المقابل، قطع مسلحون طريق المطلة الرابط بين دمشق والسويداء، في خطوة اعتبرها مراقبون "مؤشراً على تصعيد محتمل".

كما شهدت بعض المناطق السورية وقفات احتجاجية طالبت بـ"قصاص عادل" من المسيئين، رغم عدم ثبوت هوية صاحب التسجيل المثير للجدل. ومع استمرار الاشتباكات، يطرح العديد من المحللين تساؤلات حول الجهات التي تقف خلف الأحداث، خاصة في ظل تكرار سيناريوهات مشابهة في فترات سابقة. فبعض النشطاء يرون أنّ "التسجيل الصوتي مجرد ذريعة لتفجير الوضع"، بينما يعتبر آخرون أنّ "الفساد الأمني وغياب الدولة الفاعلة سمح بانتشار الفوضى".

ذات صلة

الصورة
عاد منافسات الدوري السوري لكرة القدم مرة أخرى (العربي الجديد)

رياضة

عادت الحياة إلى منافسات الدوري السوري لكرة القدم في 21 من شهر مايو/أيار الحالي، عبر إقامة بعض مواجهات، بعد توقف دام شهوراً عدّة، عقب إسقاط نظام بشار الأسد.

الصورة
سورية توقع مذكرة تفاهم كبرى مع شركات دولية في مجال الطاقة بحضور الرئيس أحمد الشرع، دمشق، 29 مايو 2025 (العربي الجديد)

اقتصاد

وقّعت الحكومة السورية، اليوم الخميس، مذكرة تفاهم مع تحالف شركات عالمية، لتطوير مشاريع توليد طاقة بقيمة 7 مليارات دولار، ضمن مبادرة "إحياء الطاقة في سورية".
الصورة
الشرع والمبعوث الأميركي إلى سورية توماس باراك (سانا)

سياسة

دعا المبعوث الأميركي إلى دمشق توم باراك، اليوم الخميس، إلى "اتفاق عدم اعتداء" بين سورية وإسرائيل، معتبراً أنّ "المشكلة بين الجانبين يمكن أن تحل".
الصورة
صورة للوثائق التي عرضها الموساد (صفحة Jewish Breaking News/منصة إكس)

سياسة

أعلن مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، جلب آلاف الوثائق والصور والأغراض الشخصية للجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين من سورية