استمع إلى الملخص
- تزامنت الأحداث مع عمليات اغتيال وغموض في مقتل الشاب رامي الصبي، مما يعزز الشكوك حول وجود مخططات لإثارة الفوضى والصراع الداخلي.
- حذر الناشطون من تداعيات خطيرة، داعين لتعزيز التعاون الأمني ودور المجتمع المدني، والدفع نحو حل سياسي شامل لتحقيق الاستقرار.
خلال الساعات الماضية، شهدت محافظة السويداء، جنوبي سورية، حوادث أمنية متفرقة، كان من نتائجها وقوع قتلى ومصابين، بالإضافة إلى حوادث تزعزع الاستقرار في المحافظة، التي يغلب عليها الطابع العشائري والعائلي، وتحتفظ بخصوصية مذهبية. وأدت اشتباكات بالأسلحة الفردية بين مجموعة من آل جودية ومجموعة أخرى لم يتم تحديد هويتها، إلى مقتل شاب وإصابة 5 أشخاص وفق حصيلة غير نهائية، حيث جرت الاشتباكات في المشفى الوطني في مدينة السويداء، مركز المحافظة، وامتدت إلى حي المساكن الخضر في المدينة، اليوم الأربعاء.
وأشارت مصادر "العربي الجديد" إلى أن فصائل غرفة العمليات قامت بتطويق الاشتباك، في محاولة لوأد الفتنة بين الجهتين المتشابكتين. وقالت مصادر أخرى لـ"العربي الجديد" إن هذه الاشتباكات جاءت على خلفية مقتل الشاب هاني جودية، المنحدر من قرية قيصما شرقي محافظة السويداء، والذي وجد، صباح اليوم الأربعاء، مكبلا أمام منزل في قرية الطيبة وقد تفجرت به قنبلة يدوية وأدت لمقتله. كما أصيب معه صاحب المنزل ودخل إلى المستشفى على إثر إصابته. وأشارت المصادر إلى أن الأهالي وجدوا سيارة جودية متدهورة غرب القرية بعد اكتشاف مقتل الشاب.
وفي حادثة منفصلة، أقدم مجهولون يستقلون دراجة نارية، ليل أمس الثلاثاء، على إطلاق النار على الشاب صقر المعلا المنحدر من رجم الزيتون في السويداء، أثناء مروره بدراجته النارية من جانب متحف السويداء وسط المدينة، ما أدى لمقتله برصاصة استقرت في رأسه، وفق مصدر طبي.
وفي ظروف مشابهة وبذات التوقيت، تعرض شاب من مدينة السويداء إلى حادثة إطلاق نار من قبل مجهولَين، أثناء مروره بحي تقطنه عشائر من السويداء، ثم أقدما على سلبه دراجته النارية فيما لم يتعرض الشاب لأي إصابة. كما أشارت مصادر من بلدة عرمان جنوب شرقي المحافظة إلى مقتل الشاب رامي الصبي بظروف مجهولة، صباح اليوم، حيث وجد مسدس حربي إلى جواره، دون ذكر أي تفاصيل إضافية. فيما قالت مصادر من قرية حوط جنوبي السويداء إن مجهولين أقدموا اليوم على رمي قنبلة بالقرب من منزل أحد أفراد عشائر القرية، دون معرفة أي تفاصيل أو أية دوافع للحادثة، مشيرين إلى أن ذلك لا يمكن تفسيره "إلا ضمن سياق فتنة تحاول أذرع خارجية إثارتها بين عشائر البدو وأبناء طائفة الموحدين الدروز في المحافظة".
هذه الحوادث جاءت بعد انعدام شبه كامل لجرائم القتل والسلب في المحافظة منذ سقوط النظام، حيث تعتبر السويداء في الفترة الأخيرة المحافظة الأقل تسجيلا للانتهاكات والجرائم على مستوى سورية، ما يشي بأن ما يحصل لا يمكن تفسيره إلى في سياق فتنة تعد لإدخال المحافظة في صراع داخلي يستهدف بنيتها وتماسكها المجتمعي.
وحذر الناشط سالم الحلبي من "تداعيات خطيرة تشي بها حوادث العنف في السويداء، رغم قلتها نسبيا بالنسبة للمحافظات السورية الأخرى، مشيرا إلى أنه من أبرز ملامح الأحداث، تصعيد العنف والانتقال من اشتباكات فردية إلى عمليات اغتيال واستهداف مباشر، ما قد يؤدي إلى تطور خطير في طبيعة الصراع، وخاصة عندما يتحول الصراع من فردي إلى عائلي، ما سيشعل فتنة كبيرة في المحافظة".
وأشار الحلبي إلى أن ما يحدث "لا يندرج إلا في سياق محاولة زعزعة الاستقرار بالمحافظة تنفيذا لمخطط أوسع يستهدفها، وخاصة في ظل التطورات السياسية المتسارعة في سورية والمنطقة. كما قد يكون الصراع على النفوذ والسيطرة في المحافظة، أحد الدوافع لاستخدام العنف". وأيضا، لا يستبعد الناشط وجود دوافع شخصية وحالات انتقامية وراء بعض هذه الجرائم، ولكنه لا يرجح أن تكون هي السبب الرئيسي وراء ما يحدث.
وشدد الناشط السوري على أن ما يجري "يشكل تهديدا خطيرا لاستقرار المحافظة، ويستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف التصعيد وحماية المدنيين، وأنه يجب على جميع الأطراف المعنية التحلي بالمسؤولية والعمل على تهدئة الأوضاع، واللجوء إلى الحوار والحل السلمي للمشاكل". ودعا لتعزيز التعاون الأمني بين جميع الأطراف المعنية لضبط الأمن وحماية المدنيين، وتفعيل دور المجتمع المدني لدعم جهود المصالحة الوطنية وبناء الثقة بين مختلف المكونات الاجتماعية، والإسراع بالدفع باتجاه حل سياسي شامل للأزمة السورية كونه السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار الدائم في البلاد.