قبل تآكل الحركة الوطنية الفلسطينية

قبل تآكل الحركة الوطنية الفلسطينية

24 يونيو 2022
تنشغل الحركة الوطنية بسجال خلافة عباس (جعفر اشتية/فرانس برس)
+ الخط -

يفوت كثيرين في حركة التحرر الوطني الفلسطيني، الإنصات جيّداً لما يدور عنها من حديث في مجتمعهم الفتي. تتوسع حالة الإحباط من عمل منظمة التحرير الفلسطينية، المتحولة منذ 29 عاماً، بعد توقيع اتفاق "أوسلو" (سبتمبر/أيلول 1993)، إلى تابع للسلطة الفلسطينية، مع الإصرار على التعايش الرسمي مع انقسام مستمر منذ 15 عاماً.

المتسلطون، إن في الضفة الغربية أو قطاع غزة، يشاهدون يومياً ضرب الاحتلال بعرض الحائط "أوسلو" ومتفرعاته، كما يعايشون التنافس الانتخابي للمحتلين بالتطرف أكثر. 

وعلى الرغم من ذلك، فلا حركة "حماس" ولا "فتح"، ولا بقية الفصائل، يبدون استعداداً للتوقف الجدي أمام الكوارث. ليس فقط أن الاحتلال يسعى لتحويل الضفة إلى كانتونات منعزلة، وفرض تهويد في القدس، ومواصلة حصار غزة، بل كل المراهنات على حل الدولتين تنهار، من دون وقفة لمراجعة شاملة.

أن تعيش حركة تحرر وطني حالة شرذمة، وأشبه بشيخوخة برامج وأدوات، فذلك يُعمّق حيرة شعبها ومؤيديه حول العالم.

فمواجهة تحول الاحتلال إلى نظام فصل عنصري (أبرتهايد) ليست فقط مهمة منظمات وشخصيات على الساحة الدولية، بل من صلب مهام الحركة الوطنية، المشغولة للأسف بسجال "الخلافة"، أي من سيرث محمود عباس (أبو مازن) في منصب رئاسة السلطة. وليس الرجل وحده من تجاوز منتصف عقده الثامن، بل كثيرون في معنى الجمود تحت أسقف "اتفاقية أوسلو".

أبداً ليس من باب المقارنة مع المحتل أن يسأل الفلسطيني عن سبب منع عمل الديمقراطية في مؤسساته. فحتى لو نحينا جانباً انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني المؤجلة، فما الداعي لأن يعيش المجلس الوطني الفلسطيني هذه الشيخوخة وهذا الجمود؟

صحيح أن كثيرين وقفوا لعقود ضد مشاريع "البدائل" عن المنظمة، ومع ذلك فإن الساحة الرسمية الفلسطينية لم تلتقط فرصة الاستفادة من طاقات شعبها، في الداخل والشتات، حيث يلمس الكل كارثية استمراء البعض جمود الحالة وقبول صفرية المقايضات "التكتيكية"، بكل ما يتعلق بالاحتلال وممارساته، لتدمير أي أفق للحل.

في المحصلة، فإن المراهنة على تحرك المجتمع الدولي لمواجهة الـ"أبرتهايد" تبقى مراهنة على مجهول، ما دام أن الحالة الفلسطينية باقية على وضعها الضعيف، انقساماً وتصويباً بما لا علاقة له بجوهر دورها كحركة تحرر وطني. وآن أن يستمع المتسلطون إلى شعبهم، ويقلعوا عن مراهنات على هذا "المحور" أو ذاك، وإلا فسنصبح أمام تآكل خطير لكل أركان الحركة الوطنية الفلسطينية الحالية.

المساهمون