قانون الحشد الشعبي يهدد انعقاد جلسات البرلمان العراقي
استمع إلى الملخص
- تحالف "الإطار التنسيقي" يدعم القانون كضرورة تنظيمية وأمنية، بينما يعارضه آخرون لتكريسه تعدد مراكز القوى، مع تحذيرات من عقوبات أميركية وتعقيد المشهد السياسي.
- التوترات تهدد بشل عمل البرلمان، مع معارضة القوى السنية والكردية، فيما تسعى رئاسة البرلمان لاستئناف الجلسات وسط الأوضاع المعقدة والحاجة لتشريعات مصيرية.
تسود أروقة البرلمان العراقي حالة من الترقب والتوتر وسط توقعات بارتباك جديد في عقد الجلسات المقبلة، على إثر عودة طرح القوانين الجدلية، وتحديداً قانون "الحشد الشعبي"، وإصرار قوى مؤثرة في البرلمان على تمريره، بعد جلسة مثيرة عقدت أخيراً وشهدت انسحاب عدد غير قليل من النواب ومن ثم إعلان قوى مقاطعة الجلسات المقبلة، بسبب فرض رئيس الجلسة النائب الأول، محسن المندلاوي قانون "الحشد الشعبي" ضمن جدول أعمالها من دون اتفاق، الأمر الذي قوبل باعتراض وانتقاد الأطراف المنسحبة التي احتجت على ما وصفته بمحاولة "التفرد" في القرار وتجاوز التوافقات السياسية.
وفي تلك الجلسة، التي عُقدت يوم الأربعاء 16 يوليو/تموز الحالي، خضع القانون لقراءة ثانية بعد قراءته الأولى في منتصف يناير/كانون الثاني الماضي. يعني ذلك أن القانون بات جاهزاً للتصويت النهائي، إذ ينص النظام الداخلي للبرلمان على قراءتين للقانون يخضع فيهما للنقاش، وثالثة نهائية قبل التصويت عليه.
وتسببت الجلسة بإعلان قوى سياسية مقاطعة الجلسات المقبلة مجدداً. وأكدت كتلة "تقدم" البرلمانية، التي يتزعمها رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، مقاطعتها الجلسات المقبلة بسبب استيائها ورفضها لما وصفته بأسلوب "استغفال" أعضاء مجلس النواب، وذلك بعد إقحام فقرات جديدة مختلف عليها في جدول أعمال الجلسات البرلمانية دون توافق مسبق.
وذكر بيان للحزب، في حينه، أن "جدول أعمال جلسات مجلس النواب المتفق عليه يتم الإعلان عنه قبل 48 ساعة من انعقاد الجلسة، إلا أنه تم إدخال فقرات جديدة خلافية أثناء الجلسة، بعد تحقق النصاب القانوني، ودون علم الكثير من النواب الحاضرين"، مؤكداً أن "هذه القوانين لا تمر على اللجان المعنية، وتُقر دون أي توافق سياسي". وأضاف البيان "على خلفية هذه الممارسات، قررنا مقاطعة حضور أي جلسة لمجلس النواب لحين إثبات التزام قاطع بجدول الأعمال المعد مسبقاً والمتوافق عليه سياسياً".
قوى "الإطار" إصرار على تمرير القانون
ويصر تحالف "الإطار التنسيقي" على تمرير قانون "الحشد"، معتبراً أن المضي في القانون ضرورة تنظيمية ومطلب أمني، بينما يرى معارضوه أنه تكريس لتعدد مراكز القوى داخل المؤسسة العسكرية العراقية.
وقالت النائبة عن "الإطار" ابتسام الهلالي، إن القانون "بات قريباً من الإقرار"، مضيفة أن "القانون سيُعرض للتصويت في الجلسة البرلمانية المقبلة، وسط توافق واسع بين الكتل النيابية على المضي قدماً لإزالة جميع العقبات التي تحول دون تمريره، تقديراً لتضحيات منتسبي الحشد في مواجهة الإرهاب".
توقعات بعدم انعقاد أي جلسة تتضمن قانون الحشد
النائب عن القوى الكردية، ماجد شنكالي، استبعد عقد أي جلسة برلمانية تتضمن قانون الحشد، وقال في تصريح متلفز، إن "واشنطن لن تسمح بتمرير القانون في البرلمان العراقي، وأن الأميركيين لن يتهاونوا بهذا الملف"، مؤكداً أنه "إذا ما تم تمريره فستكون هناك عقوبات أميركية".
من جهته، حذر عضو في اللجنة القانونية للبرلمان العراقي، من خطورة شل جلسات البرلمان مجدداً بسبب عودة القوانين الجدلية وتمسك بعض القوى بتمريرها. وقال لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، إن "القوى السنية والكردية ترى أن تعديلات القانون غير مقبولة، وأنه لا توافق بشأنها خاصة مع وجود اتهامات من الكرد لفصائل بالحشد بقصف الإقليم بطائرات مسيرة، وأن القوى السنية تريد إخراج الفصائل من مناطقها، وهذا لم يتم بعد".
وشدد أن "تلك القوى لن تقبل بالتصويت إلا بتحقيق مطالبها، يقابل ذلك رغبة قوى الإطار بتمرير القانون من دون حضور تلك القوى، لتحقيق مكاسب انتخابية، وهو ما قد يتسبب بأزمة سياسية ستؤثر من دون شك على عمل البرلمان مجدداً"، مؤكداً "ضرورة إبعاد القوانين الجدلية عن الجلسات لضمان استمرار عمل البرلمان وأخذ دوره التشريعي والرقابي".
وكان البرلمان العراقي قد قرأ في نهاية مارس/آذار الماضي، قانون "هيئة الحشد الشعبي" لكن الخلافات منعت التصويت عليه، فيما فشلت القراءة الثانية، قبل أن تعطل الجلسات لاحقاً. وعاود البرلمان نشاطه في فصلة التشريعي الأخير الذي بدأ في 12 الشهر الجاري، بعد تعطيل لأكثر من ستة أشهر لم تشهد إلا عقد أقل من عشر جلسات، رغم محاولات رئيسه محمود المشهداني عقدها، إلا أن نصابها كسر بسبب تغيب أكثر النواب، نتيجة الخلافات السياسية بشأن القوانين الجدلية.
وتسعى رئاسة البرلمان العراقي المتمثلة لعودة جلساته وأخذ دوره مجدداً، إذ مثل تعطله منذ أشهر عدة، فراغاً تشريعياً ورقابياً، في وقت تمر فيه البلاد بأوضاع سياسية وأمنية واقتصادية معقدة للغاية، وسط تزايد الحاجة لتشريعات مهمة وقرارات مصيرية من المؤسسة التشريعية.