قادة ليبيا في زيارات إلى عواصم عدة واستمرار للجهود الأممية

قادة ليبيا في زيارات إلى عواصم عدة واستمرار للجهود الأممية

22 أكتوبر 2020
رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق يجري زيارة رسمية لروما (مراد كولا/الأناضول)
+ الخط -

لا تزال المحادثات بين ممثلي أطراف الصراع في ليبيا تسير بين تفاؤل أممي وترحيب دولي، وقلق داخلي، في الوقت الذي نشط قادة الأطراف الليبية مجددا في عواصم إقليمية ودولية. 

وتزامنا مع استمرار غموض مصير رئيس المؤسسة الليبية للإعلام محمد بعيو بعد اعتقاله من قبل مجموعة مسلحة بطرابلس، على خلفية جدل أثاره وصفه عدوان اللواء المتقاعد خليفة حفتر على طرابلس بـ"الحرب الأهلية"، يجري رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج زيارة رسمية لروما. 

ولا يزال المجلس الرئاسي يلتزم الصمت حيال وضع رئيس المؤسسة الليبية للإعلام، في وقت اكتفى عضوان من أعضاء المجلس الرئاسي بمطالبة الأجهزة الحكومية وديوان المحاسبة بوقف قرارات بعيو، مؤكدين، في بيانين منفصلين أمس الأربعاء، أن قرار السراج تعيين بعيو رئيسا للمؤسسة، في سبتمبر/ أيلول الماضي، "غير شرعي". 

وكشفت وكالات أنباء إيطالية عن زيارة مرتقبة، اليوم الخميس، لرئيس المجلس الرئاسي لروما، بعد أن وصل وزير خارجيته فتحي باشاغا للعاصمة الإيطالية أمس، حيث التقى نظيرته الإيطالية لوتشانا لامورجيزي. 

وبحسب مصادر ليبية تحدثت لـ"العربي الجديد"، تأتي زيارة السراج تلبية لدعوة إيطالية من المرجح أن تناقش ملفات هامة بين البلدين، على رأسها ملف الهجرة غير الشرعية، خصوصا بعد الخطوات المهمة التي خطتها حكومة الوفاق في اتجاه اعتقال شخصيات على علاقة بالملف، آخرها إعلان وزارة الداخلية القبض على عبد الرحمن ميلاد، المطلوب للعدالة الدولية في قضايا على علاقة بتهريب البشر.

من جانب آخر، وفيما عبرت رئيسة البعثة الأممية في ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز، في بيان لها يوم أمس الأربعاء، عن تفاؤلها بشأن نتائج محادثات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) المنعقدة في جنيف السويسرية، رحبت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بتوافقات وتفاهمات محادثات اللجنة، معتبرة أنها خطوة جديدة في اتجاه تحقيق السلام.

إلى ذلك، وجه عدد من الإعلاميين والنشطاء السياسيين والكتاب الليبيين عريضة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، اتهموا فيها البعثة الأممية بأنها تقود حوارا "مشلولا وانتقائيا، ولا يملك أي تمثيل حقيقي للشعب الليبي ونخبه وشبابه ونسائه"، مشيرين إلى أن عمل البعثة "يكتنفه الغموض والسرية، وحتى اليوم لا يعرف الحوار مع من ولا من المتواجدون فيه". 

وشدد أصحاب العريضة على ضرورة تدخل الأمين العام للأمم المتحدة لتصويب أعمال البعثة ونشر البيانات الرسمية والمعلنة، وأن "لا يترك الليبيون في حالة من التيه والترقب، قبل أن يتفاجأوا بإعادة تدوير الوجوه المستهلكة والفاسدة". 

وتبدو التوافقات التي توصلت إليها اللقاءات السابقة برعاية البعثة الأممية في طريقها للتطبيق، فقد أكد رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، خلال مؤتمر صحافي جمعه بوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أمس الأربعاء، أنه "يتم حاليا العمل على تفعيل المادة 15 من الاتفاق السياسي للصخيرات، على كل ما يتعلق بالمناصب السيادية المنصوص عليها في هذه المادة"، مشيرا إلى جهود تبذل من أجل "كيفية تفعيل ما تم الاتفاق عليه في لقاءات أبوزنيقة على أرض الواقع"، بالإضافة إلى بحث مسارات ليبية أخرى كيفية تنظيم الانتخابات.

وبحسب وسائل إعلام مقربة من رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، فإنه سيجري يوم السبت المقبل زيارة للرباط، بدعوة مغربية، دون أن تبين أسباب الزيارة. 

تبدو التوافقات التي توصلت إليها اللقاءات السابقة برعاية البعثة الأممية في طريقها للتطبيق، فقد أكد رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، خلال مؤتمر صحافي جمعه بوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أمس الأربعاء، أنه "يتم حالياً العمل على تفعيل المادة 15 من الاتفاق السياسي للصخيرات، على كل ما يتعلق بالمناصب السيادية المنصوص عليها في هذه المادة"

وأعلنت البعثة الأممية، أمس الأربعاء، عن توصل أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة لستة اتفاقات، تتعلق بفتح المجال الجوي والبري بين شرق وجنوب وغرب البلاد، بالإضافة لاستمرار التهدئة لدعم استمرار وقف إطلاق النار، وإنشاء لجنة مشتركة من رؤساء جهازي حرس المنشآت النفطية، في بنغازي وطرابلس، بهدف توحيدهما، "ما يكفل زيادة واستمرارية تدفق النفط". 

وأكد بيان البعثة مواصلة اللجنة أعمالها لمناقشة "الترتيبات المتعلقة بالمنطقة الوسطى في ليبيا، ما يمهد الطريق للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار". 

ولا تطمح البعثة الأممية ومن ورائها داعمون دوليون إلى أكثر من التهدئة وتجميد الأوضاع للتوصل إلى عقد المنتدى السياسي الشامل في تونس، الشهر المقبل، بحسب المحلل السياسي الليبي مروان ذويب. 

ويرى ذويب، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "ذلك أقصى ما يمكن أن تفعله البعثة، ووصف البعثة للمحادثات الحالية والسابقة بأنها تمهيدية"، مشيرا إلى أن "البيانات حول كل النتائج تتحدث عن تكليف لجان عمل، ما يعني وقتا أطول لتنفيذ ما اتفق عليه". 

وعن أسباب الغموض والسرية التي طبعت كل المحادثات، قال ذويب: "البعثة والمجتمع الدولي أخذا عبرا من الجهود السابقة التي انتهت بالمبعوث السابق للإحباط وإعلان الاستقالة عندما كانت الجهود تعلن فيها كل مرة عن مكان وأعضاء اللقاءات، ويتم تخريبها، وآخرها ملتقى غدامس الذي قوّضه حفتر ومليشياته جهارا نهارا، وتلقى دعما وتسترا وتغطية من قبل دول كبرى وإقليمية"، معتبرا أن "السرية التي تعمل وفقها البعثة تكفل استمرار المحادثات، كما تكفل لدول كبيرة توجيهها حسب ما يتفق مع مصالحها". 

ورجح ذويب أن الزيارات التي يجريها قادة ليبيا في روما والرباط على صلة بنتائج المحادثات في كل المسارات، ويرى أن "هذه الوجوه تأبى أن تغادر المشهد وتبحث عن أي طريقة للبقاء ولو عبر وجوه جديدة مقربة منها، كوكلاء لمصالحها الضيقة، فأي مسائل يبحثها المشري وصالح في الرباط بعد أن تم الاتفاق على معايير لشاغلي المناصب السيادية، وأي مسائل يبحثها السراج في روما ولم يبق إلا أيام وتنتهي المهلة التي أعلن عنها ويستقيل"؟ 

وربط الأكاديمي الليبي ياسين العريبي من جانبه مستجدات الملف الليبي والتفاهمات التي توصلت إليها الأطراف بالمستجدات في ملفات أخرى، وقال: "لا يشك متابع في أن من يوجه المسار الليبي عبر الأمم المتحدة هو واشنطن، التي لا تزال تعرقل اختيار مبعوث جديد، ومن يقود البعثة حاليا دبلوماسية أميركية سابقة في السفارة الأميركية بليبيا"، متابعا: "الرؤية التي تسير وفقها واشنطن بعد أن انخرطت في الملف الليبي بشكل كثيف تسير في اتجاه موازنة مصالح كل الدول عبر دول الجوار الليبي التي فتحت عواصمها لاستضافة الفرقاء الليبيين". 

ويتحدث العريبي لـ"العربي الجديد" عن حلول مرحلية تمررها دول كبرى، كالولايات المتحدة، عبر الأمم المتحدة في ليبيا، موضحا: "على أقل تقدير المرحلة الحالية ستشكل للرئيس الأميركي الحالي إضافة في الملف الانتخابي، فالملف الليبي أقل تعقيدا إذا ما قورن بملفات أخرى في سورية وإيران، أو الصراع مع روسيا والصين". 

ولفت العريبي إلى أن "نجاح واشنطن في إعادة الدور لدول الجوار الليبي، في مصر وتونس والمغرب، مكنها من تقليل آثار تدخلات دول إقليمية كتركيا وفرنسا، لكن هدفها الأول عزل روسيا ودورها في ليبيا، ويبدو أنها نجحت بشكل كبير في ذلك". 

كما لفت الأكاديمي الليبي إلى أن "من أهم العوامل التي أدت إلى فتح الطريق أمام الدور الأممي الخلخلة التي تعيشها مكونات الصراع في الطرفين، شرق البلاد وغربها، خصوصا على المستوى السياسي، وبين القادة في مجلس نواب طبرق وحكومة الوفاق"، موضحا أن "الأطراف الخارجية لم يعد لها حلفاء محليون أقوياء، ما قلّص بشكل كبير من أدوراهم من ناحية، ومن ناحية أخرى لم يعد الفاعلون المحليون لديهم القدرة على رفض أو عرقلة أي مقترح للتسوية"، مشيرا إلى كثرة الأصوات التي تتهم الدور الأممي، لكنها غير قادرة على بلورة مواقف معرقلة كالسابق.