قائد "أفريكوم" في الجزائر لبحث ملفات التعاون العسكري والإرهاب في الساحل

22 يناير 2025
شنقريحة ولانغلي في مقر وزارة الدفاع الجزائرية، 22 يناير 2025 (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت العلاقات العسكرية بين الجزائر والولايات المتحدة تطورًا ملحوظًا مع توقيع اتفاقية تعاون عسكري، مما يعكس شراكة ديناميكية تساهم في استتباب الأمن والسلم في المنطقة.

- تلعب الجزائر دورًا حيويًا في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، وتعتبر شريكًا لا غنى عنه للولايات المتحدة، حيث تسعى لنقل تجربتها في محاربة الإرهاب إلى دول أفريقية أخرى.

- تواجه منطقة الساحل الأفريقي تحديات أمنية متزايدة، مع تراجع الاستقرار السياسي وتنامي نفوذ الجماعات المسلحة، مما يستدعي تعاونًا دوليًا لمواجهة هذه التهديدات.

أشاد مسؤول عسكري أميركي بمستوى التنسيق والتعاون العسكري بين واشنطن والجزائر، بعد توقيع وزارة الدفاع الجزائرية ووزارة الدفاع الأميركية، اليوم الأربعاء، اتفاقاً في مجال التعاون العسكري، ولم يكشف عن تفاصيل الاتفاق الذي وُقِّع في الجزائر.

وقال قائد القيادة الأميركية لأفريقيا "أفريكوم"، الفريق أول مايكل لانغلي، خلال لقائه قائد الجيش الجزائري، الفريق أول سعيد شنقريحة، إن "التعاون العسكري الثنائي والشراكة بين البلدين ديناميكية إيجابية في شتى المجالات، بما فيها مجالا الدفاع والأمن، يعكس الديناميكية وإرادتنا على الارتقاء بهذه الشراكة إلى أعلى المستويات"، مضيفاً أن واشنطن مرتاحة لطبيعة "علاقات التعاون العسكري الجزائري-الأميركي، الذي يقوم على العقلانية والبراغماتية والحوار البنّاء والهادف الرامي إلى التأسيس لشراكة مستديمة"، مشيداً "بمستوى التنسيق متعدد الأبعاد بين الطرفين، وكذا بمساهمة الجيش الجزائري في استتباب الأمن والسلم في المنطقة".

ووصل قائد "أفريكوم" الفريق لانغلي اليوم إلى الجزائر، في ثاني زيارة له في غضون ستة أشهر، حيث التقى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وقبلها التقى قائد الجيش الجزائري ونائب وزير الدفاع الفريق أول السعيد شنقريحة، حيث أجرى الطرفان محادثات تناولت حالة التعاون العسكري بين البلدين، وتبادلا التحاليل ووجهات النظر في القضايا ذات الاهتمام المشترك، قبل توقيع مذكرة تفاهم في مجال التعاون العسكري، بين وزارتَي الدفاع للبلدين.

تقارير عربية
التحديثات الحية

وهنّأ شنقريحة "الشعب الأميركي الصديق على إثر تنصيب الرئيس الـ47 للولايات المتحدة الأميركية، دونالد ترامب، حيث نتطلع إلى تعزيز علاقات التعاون الثنائي في مختلف المجالات والقطاعات، بما في ذلك الدفاع والأمن"، كذلك "نُبدي تعاطفنا وتضامننا مع الولايات المتحدة الأميركية، حكومةً وشعباً، جراء الحرائق الأخيرة التي مسّت ولاية كاليفورنيا، حيث خلّفت هذه الكارثة المأساوية خسائر مادية وبشرية بالغة، ونتمنى المعافاة السريعة للمصابين".

وتعكس تصريحات المسؤول العسكري الأميركي بخصوص التعاون بين واشنطن والجزائر في المجال الأمني والعسكري ارتياحاً أميركياً لافتاً بشأن الدور الجزائري الحيوي في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، وتقلل إلى حد بعيد المخاوف السياسية الجزائرية التي طُرحت بعد إعلان تولية ماركو روبيو وزارة الخارجية في حكومة ترامب، وهو الذي يعرف بمواقف حادة ومنتقدة للعلاقات العسكرية الجزائرية الروسية وصفقة الأسلحة التي اعتبرها تمويلاً لحرب موسكو ضد أوكرانيا، حيث كان قد اقترح في أغسطس/آب 2023، على الإدارة الأميركية بصفته نائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، إدراج الجزائر تحت طائلة قانون معاقبة أعداء أميركا.

ويقدر خبراء في الشأن الأمني والعسكري أن الولايات المتحدة لا ترى في أفق منطقة شمال أفريقيا والساحل بديلاً للتعامل مع الجزائر، لعدة اعتبارات تتعلق بموقفها الراديكالي من الإرهاب، خصوصاً بفعل تجربتها الداخلية في محاربة الظاهرة الإرهابية، وبسبب القوة العسكرية الجاهزة التي يتمتع بها الجيش الجزائري، الذي يسعى في المرحلة الأخيرة لتطوير ونقل تجربته إلى جيوش عدد من الدول الأفريقية المعنية بمحاربة ظاهرة الجماعات المتشددة، كالنيجر ونيجيريا والسنغال وأوغندا وغيرها.

وقال الباحث في شؤون أمن الساحل، عمار سيغة، الذي كان قد نشر دراسة عن المسألة الأمنية في منطقة الساحل، إن "هذه الزيارة الثانية لقائد أفريكوم للجزائر في غضون ستة أشهر بعد زيارة في يوليو/تموز الماضي، وهذا يعكس الأهمية التي توليها واشنطن للتعاون مع الجزائر، في ظل ظروف خاصة يعيشها الفضاء الأفريقي وفي الساحل، وتراجع في مستويات الأمن في منطقة الساحل الأفريقي ومستوى الاستقرار السياسي بسبب سلسلة الانقلابات التي شهدتها دول مثل مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو، الذي تزامن مع تراجع نفوذ القوى الكلاسيكية في منطقة الساحل، ورغبة روسيا في التمركز في المنطقة عبر قوات فاغنر".

وأكد سيغة أن "واشنطن، لعدة عوامل وأسباب، تريد أن تبقى الجزائر على شراكة وعلاقة جيدة معها على الصعيد العسكري، وهي تدرك أن الجزائر طرف ديناميكي في المنطقة سياسياً وعسكرياً، خصوصاً مع تعاظم قوتها العسكرية، ولا سيما بالنظر إلى ملفات ذات صلة بالمنطقة، على غرار ليبيا التي يتمدد فيها الوجود الروسي، الذي يثير حفيظة كلا الطرفين، الجزائر وواشنطن، إضافة إلى الشق السياسي المتعلق بمحاربة الإرهاب والذي تحمله الجزائر على عاتقها في الاتحاد الأفريقي، حيث تترافع باستمرار للتنبيه إلى هذه الظاهرة في أفريقيا والتحذير من عودة الجماعات المسلحة".

وفي هذا السياق، كانت الجزائر قد ترأست الاثنين الماضي اجتماعاً رفيع المستوى في مجلس الأمن برئاسة وزير الخارجية أحمد عطاف، حول آفة الإرهاب في أفريقيا، وجدد عطاف خلال الاجتماع التحذير من مغبة تجاهل تنامي الإرهاب في أفريقيا والساحل. وقال إن "الجزائر لاحظت في الآونة الاخيرة أن المجموعة الدولية صرفت أنظارها عن هذه الآفة القائمة التي تتوسع رقعتها في أفريقيا"، مشيراً إلى أن "الإرهاب تقوّى من ناحية الأعداد في الساحل، وأصبح من الصعب أن نتكلم عن مجموعات إرهابية، بل عن جيوش إرهابية بالنظر إلى الأعداد المتكاثرة، إضافة إلى تطور عدة المجموعات الإرهابية في أفريقيا التي تحصلت على أسلحة متطورة تستعملها في هجمات منظمة، ما يدل على تعاظم خطورة الإرهاب في أفريقيا".