Skip to main content
في مناظرة الفرصة الأخيرة: بايدن يصمد وترامب يتعثّر
فكتور شلهوب ــ واشنطن

انتهت الخميس المناظرة الأخيرة بين المرشح الديمقراطي جو بايدن، والرئيس الأميركي دونالد ترامب، كما بدأت. كل شيء على حاله قبل أيام من الانتخابات الأميركية في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. المعادلة الانتخابية بقيت بعدها كما كانت قبلها.

كلاهما خسر على إثرها نقطة واحدة، بحسب استطلاع أولي جرى بعد حوالي ساعة من نهاية المناظرة. بايدن نزل من 52% إلى 51% وترامب هبط من 42% إلى 41%.

ومع أنها أرقام غير دقيقة لكونها تعكس عينة بسيطة من الردود السريعة المتأثرة بسخونة اللحظة، إلا أنها تلاقت مع معظم قراءات المراقبين وخبراء الانتخابات الذين رأوا أنّ كفة بايدن ما زالت راجحة وأنه بالتالي كان الرابح في هذه الجولة. ليس لأنه برع وتفوّق في مطالعاته وطروحاته، بل لأنه نجح في اجتناب الأخطاء. والأهم لأن ترامب تعذر عليه تحقيق الاختراق المطلوب لسدّ العجز مع منافسه المتقدم عليه.

وكان من اللافت خلو المناظرة من بند السياسة الخارجية ما عدا سؤال حول كوريا الشمالية. وعادة يكون هذا الموضوع بنداً رئيسياً في المناظرة الثالثة بين المرشحين. لكن ليس هذه المرة.

في الأداء كان كلاهما أفضل مما كان عليه في المناظرة الأولى (الثانية لم تحصل بسبب الخلاف حول الإجراءات الاحترازية من كورونا)، لا سيما ترامب الذي كان أكثر هدوءاً، ونأى إلى حد بعيد عن المقاطعة. وبذلك سجل نقطة لصالحه من هذه الناحية. لكن في الجوهر، بقي في حدود مساجلاته المألوفة التي تعوّل بالدرجة الأولى على تهشيم الخصم كمدخل لاستقطاب الناخبين. حرق الكثير من الوقت لمحاسبة بايدن على سياسات الإدارة السابقة التي شغل فيها منصب نائب الرئيس، باراك أوباما.

بايدن يتقد على ترامب بفارق عشر نقاط. وهذا رصيد قوي قبل 12 يوماً من يوم الحسم

 

كذلك عاد إلى فتح ملفات هانتر، ابن بايدن، وأعماله في أوكرانيا والصين وما تردد عن فساد وحصول العائلة على أموال روسية كانت تحقيقات سابقة قد برّأت بايدن الأب منها. وكان آخرها ما أكدته صحيفة "وول ستريت جورنال" في هذا الخصوص.

وبذلك بدا وكأنّ ترامب يقدم نفسه بديلاً عن منافس متهم بفساد مزعوم أكثر من كونه مرشحاً يحمل رؤية وحلولاً للأزمات الكبرى الراهنة. وتبدّى ذلك في السجال حول أزمة كورونا ومواضيع الهجرة وحزمة التحفيز المعلقة التي كان فيها الرئيس في موقع الدفاع بدلاً من الهجوم المقنع لشريحة الناخبين غير الحاسمين في تأييدهم بعد، والذين لا يقوى على تحسين وضعه من دون انحيازهم إلى جانبه.

 

منذ البداية دخل بايدن إلى المناظرة من موقع القوة. جاء إليها بفارق عشر نقاط مع ترامب. وهذا رصيد قوي قبل 12 يوماً من يوم الحسم. المرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون، كانت في مثل هذا الوقت من 2016 متقدمة 3 نقاط فقط على ترامب. كذلك مالية حملة بايدن تملك فائضاً بأكثر من مائة مليون دولار.

إضافة إلى ذلك يشير حجم التصويت المسبق إلى نسبة إقبال عالية. حتى الآن أدلى أكثر من 46 مليون ناخب بأصواتهم. وقد يصل العدد إلى قرابة الـ100 مليون قبل موعد الانتخابات، في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني، لو بقيت الوتيرة على حالها الراهن. وفي التقدير أنّ القسم الأكبر من هذه الأصوات صبّ لمصلحة بايدن.

الأهم من ذلك أنّ بايدن جاء إلى المناظرة بمهمة واحدة: الحفاظ على موقعه والصمود عند خطوطه المتقدمة، فيما أتى ترامب بمهمتين: تصليب قاعدته وتوسيع دائرة تأييده. الغرض الأول مضمون، فأنصاره معه على طول الخط مهما كانت حيثيات بايدن، أما الثاني، فتعذر تحقيقه بحسب الردود والتقييمات الفورية.

وبهذا استقرت الموازين على حالها. والرهان على تخبط بايدن انتهى بمرور هذه الفرصة الأخيرة للرئيس ترامب لانتشال حملته من حالة المراوحة التي تعاني منها منذ عدة أشهر، والتي كان لكورونا وإدارة أزمتها الدور الكبير في تفاقمها.