في حب ترامب

17 مارس 2025
تظاهرة في لندن دعماً لغزة، 15 مارس 2025 (غاي سمولمان/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- طرد السفير الجنوب أفريقي في واشنطن، إبراهيم رسول، من قبل الولايات المتحدة، يثير تساؤلات حول نظام جديد في العلاقات الدبلوماسية، حيث يتعين على السفراء إعلان حبهم لترامب.
- الحوثيون وحماس يقفون ضد سياسات ترامب، حيث اعتبر الحوثيون الضربات الأميركية في اليمن عدواناً لدعم الكيان الصهيوني، بينما ترفض حماس الإفراج عن محتجزين إسرائيليين إلا بشروط.
- احتجاجات عالمية ضد سياسات ترامب، حيث خرج الآلاف في لندن تنديداً بمنع المساعدات لغزة، مما يضع ترامب أمام تحديات لتحسين صورته عالمياً.

صار علينا الآن أن نحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب. مهمة مستحيلة على كل قلب، باستثناء أولئك المستعدين لحب كل جلاد، وطاعة كل ذي قوة. ما أتته الإدارة الأميركية من تبرير لطرد السفير الجنوب أفريقي في واشنطن، إبراهيم رسول، يبعث على التساؤل، ويهيئ لنظام جديد من العلاقات الدبلوماسية الدولية. فقد أعلن وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، أن الولايات المتحدة طردت السفير، متهمة إياه بأنه "يكره البلاد ورئيسها" ترامب.

وسيضطر السفراء الممثلون لبلدانهم الآن إلى إعلان حبهم للولايات المتحدة ولرئيسها الجديد الملهم الذي يضع قواعد جديدة للعالم، ويتصرف بطريقة غريبة جداً، بما يوحي أنه يعتبر نفسه فوق الجميع، وعلى الكل أن يطيعه. وتتكشف من تصريحاته وأفعاله نزعة تفوّق على بقية البشر، حتى لكأنها نزهة للتألّه. وهو عندما يقرر ضرب اليمن يتحدث عن جهنم، وكأنه يملك فعلاً مفتاح أبوابها، تماماً مثل أبواب الجنة التي سيفتحها في قطاع غزة بعد أن يُفني أهلها أو يطردهم إلى الجزر البعيدة.

غير أن المشكلة هي أن هذا العالم لا يحب ترامب ولا يؤمن بألوهيته، ولا بقدرته على امتلاك الجنة والنار. وهناك أشقياء في كل أنحاء العالم يبادلونه كرهاً واضحاً، ويقفون شوكة في حلقه ضد كل هيمنته ومشاريعه الشيطانية. من هؤلاء المتمردين الدائمين على كل نوايا ومشاريع ترامب، أولئك الحوثيون الذين لا يكلّون ولا يهدأون. وقد اعتبروا، أول من أمس السبت، عقب سلسلة ضربات أميركية في اليمن، أن "هذا العدوان يثبت مرة أخرى أن الولايات المتحدة لم تتوقف عن محاربة الشعوب الحرة نيابة عن الكيان الصهيوني". وشددوا على أن "الهجمات جاءت نتيجة لموقف اليمن الثابت في دعم القضية الفلسطينية ووقوفه إلى جانب الشعب الفلسطيني".

طبعاً، تقف أيضاً حركة حماس على رأس قائمة "المارقين" على مشروع ترامب، وهم يعلنون يوماً بعد يوم، وفي كل امتحان ومواجهة، أنهم ليسوا من محبي ترامب. والسبت، أعلنت "حماس" أنها لن تفرج عن محتجز إسرائيلي من أصل أميركي وهو عيدان ألكسندار، وأربع جثث لمحتجزين آخرين إلا إذا نفذت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار القائم في قطاع غزة، والبدء بالمرحلة الثانية من المفاوضات.

لكن من بين الذين لا يبادلون ترامب بهذا الحب، أحرار من كل أنحاء العالم، وليس من طائفة المظلومين الفقراء فقط. وقد خرج عشرات الآلاف، أول من أمس السبت، في لندن، في تظاهرة وطنية حاشدة، تنديداً بمنع إسرائيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وقطع الكهرباء عن الفلسطينيين واستمرار الإبادة الجماعية. وسيكون على ترامب أن يبذل جهداً كبيراً لتحسين صورته، حتى ينثر سحره على العالم ويقنعنا بحبه وحب كل ما يأتيه من أفعال، وأن يبدأ مثلاً بالحد من قنابله التي يلقيها على رؤوس الأبرياء.

المساهمون