استمع إلى الملخص
- لا يحق لمن خذل الثورة السورية أن يردد التزوير الصهيوني، أو أن يروج لنظريات نتنياهو عن "محاسن الاستعمار"، خصوصاً في ظل الاحتلال التوسعي.
- التزوير يستمر بادعاء أن فلسطين كانت ستتحسن لولا المحور الإيراني، متجاهلين جرائم الاحتلال ونهب الأراضي منذ اتفاق أوسلو.
يواصل الاحتلال الإسرائيلي تسويق سردية قديمة ـ جديدة عن فلسطين. وللأسف يرددها البعض العربي؛ فشعبها "المسكين" المتعرض لجرائم حرب الاحتلال، كان يعيش رفاهية واستقلالاً قبل أن يصير ضحية مقاومته التابعة لـ"محور الشر الإيراني".
وبدون مقدمات كثيرة، لا يحق عربياً لمن خذل ثورة الشعب السوري، وترك مشروع إيران يتمدد أملاً بوأد "الربيع العربي" بثورات مضادة، أن يردد التزوير الصهيوني بحق فلسطين، واعتبار أن مقاومتها تتم بالريموت كونترول. ولا يحق حتى لمن يعتبر نفسه "نخبة"، سورياً كان أو من كل المشرق العربي، أن يرمي لنا ولشعبه تنظيرات بنيامين نتنياهو ورهطه الفاشي عن "محاسن الاستعمار"، وخصوصاً حين يكون احتلالياً إحلالياً توسعياً، حتى في الجولان السوري المحتل. فبعض الناقمين على تصرفات إيران، وهذا حقهم بسبب تصرفات إيران ومليشياتها، يعيش شيزوفرينيا المفاضلة بين الاستعمار والاستقلال الوطني، لبقاء الأضواء مسلطة عليه باعتباره "النخبة الثورية" المحتكرة للوعي، وبكثير من الاستعلائية على شعوبهم المسحوقة. هؤلاء يؤيدون لفظياً بخبث سبعة ملايين فلسطيني على أرضهم التاريخية، إن بقوا ساكنين. فتراهم يرددون تنظيرات حليف وحامي مستبديهم، الأميركي ونتنياهو، عن هراء التبعية لـ"محور الشر".
التزوير يتواصل في سياق نظرية أنه لولا ذلك المحور لكانت فلسطين أفضل حالاً. وحين يتحول "السابع من أكتوبر" إلى مبتدأ ونهاية التاريخ عند بعض معسكر الانفصام العربي، فإن فلسطين كانت على وشك دخول زمن اللبن والعسل، والتحرر من الأبرتهايد، واستكمال النموذج السنغافوري، متناسين أنه حتى السلطة الفلسطينية في رام الله مقيدة الحيلة تشكو حتى من قرصنة أموال الضرائب (المقاصة)، بمزاجية الفاشي بتسلئيل سموتريتش. بل وكأن الضفة الغربية لم تعش نهب الأرض تأسيساً لدولة إرهاب المستوطنين بزيادة إلى نحو 800 ألف مستعمر منذ اتفاق أوسلو في 1993.
بالمختصر المفيد، على ما تقدم، وكثير غيره، ليرحم هؤلاء عقول شعوبهم. فجرائم الإبادة وإرهاب الدولة في الطبيعة الصهيونية ما احتاجت يوماً ذرائع استكمال جرائم نكبة 1948. خلاصة القول: كفى كذباً عن أن فلسطين تقاوم محتلاً فاشياً على حساب حرية غيرها عربياً، وأن مجتمع فلسطين تحت الاحتلال كان يحيا حريةً لولا "السابع من أكتوبر"، وأن "اتفاقيات أبراهام" التطبيعية كانت على وشك تجسيد الانسحاب والحقوق الوطنية والدولة الفلسطينية المستقلة. في المحصلة، لا مقاومة فلسطين ولا ردود الفعل عبر حدودها هي بسبب المحاور. فالمعادلة ذاتية وموضوعية مرت بها كل الشعوب التي استُعمرت، وأبسط من أعراض الانفصام ببعض لسان عربي متصهين: طالما استمر الاحتلال طالما تواصلت مقاومة الشعوب.