فصل كوادر تاريخية في "فتح": أزمات الحركة تطفو على السطح مجدداً

فصل كوادر تاريخية في "فتح": أزمات الحركة تطفو على السطح مجدداً

10 مايو 2022
أكثر من أربعين كادرًا فتحاويًّا شملهم قرار الفصل (Getty)
+ الخط -

من جديد تطفو الأزمات داخل حركة "فتح" على السطح، بعد قرار الحركة فصل أكثر من أربعين كادرا فتحاويا، لأسباب تتعلق بمشاركتهم في الانتخابات البلدية نهاية شهر مارس/ آذار الماضي. وتعكس طريقة فصلهم وردود الأفعال والبيانات الساخنة حاليا عمق الأزمة والانقسامات الداخلية بالحركة، لوجود قيادات تاريخية من ضمن المفصولين، فضلا عن أكاديميين ونشطاء ميدانيين ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وأصدرت مفوضية التعبئة والتنظيم في رام الله تعميما حركيا، أكدت فيه قرار الرئيس محمود عباس بفصل عدد من كوادر الحركة وأعضائها.

وجاء في التعميم أن "فصل الكوادر جاء بناء على مشاورات ومداولات اللجنة المركزية وتوصياتها، وفق قوائم قُدّمت من لجان الأقاليم خلال عملية تقييم الأداء الحركي في فترة الانتخابات المحلية".

وأبرز هؤلاء المفصولين رئيس بلدية الخليل الحالي تيسير أبو سنينة وزوجته، علما بأن تيسير أبو سنينة ترأس قائمة "الوفاء" التي فازت في انتخابات المجلس البلدي لمدينة الخليل، وهي عبارة عن تحالف بين حركة "فتح" و"حماس" والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

ولعل المفارقة تكمن في أن قرار فصل أبو سنينة يأتي في هذه الأيام التي تشهد ذكرى تنفيذه وعددا من رفاقه في حركة "فتح" عملية "الدبويا" في الثاني من مايو/ أيار 1980، التي قتل فيها ستة مستوطنين في الخليل، ثم حُكم عليه بالسجن مدى الحياة ليخرج في صفقة تبادل للأسرى بعد سنوات.

وقال أبو سنينة، لـ"العربي الجديد"، "واضح من بيان التعبئة والتنظيم أن القرار اتخذ من صبية أغرار إذا كان لدينا حسن الظن، أما إذا أردنا إساءة الظن، فإن قرار الفصل يأتي تعبيرا عن مطلب المستوطنين في الخليل، وهو عبارة عن قرار لأناس مأزومين نتيجة فشلهم في الانتخابات، ومحاولة لتحميل هذا الفشل للآخرين".

قرار فصل أبو سنينة يأتي في هذه الأيام التي تشهد ذكرى تنفيذه وعددا من رفاقه في حركة "فتح" عملية "الدبويا" في الثاني من مايو/ أيار 1980

ويعتبر أبو سنينة أحد أكثر من يتم التحريض عليهم من قبل المستوطنين الإسرائيليين في الخليل، وترأس عام 2017 قائمة حركة "فتح" في الانتخابات البلدية وفاز فيها، وهذا هو الفوز الثاني له في رئاسة بلدية مدينة الخليل، لكن عبر تحالف مع "حماس" و"الجبهة الشعبية"، الأمر الذي تسبب بفصله من حركة "فتح".

ولا يشغل أبو سنينة أي منصب تنظيمي في حركة فتح، وقال: "أعتبر هذا القرار ضربة لفتح وجماهيرية الحركة، ومحاولة لفصل الحركة عن تاريخها، حيث يعتبر البعض في الحركة أن التاريخ النضالي أصبح وصمة عار في علاقته مع المحتل الإسرائيلي".

وقال أبو سنينة ساخرا: "هكذا تكرمني قيادة الحركة في ذكرى عملية الدبويا".

وأكد أبو سنينة: "موقفنا واضح: أن التناقض مع الاحتلال فقط، ولن نقبل بحرف البوصلة ليكون التناقض بين الفصائل السياسية الفلسطينية، والتحالف مع الاحتلال، هذا أمر مرفوض".

وقال أبو سنينة: "نعتبر هذا القرار كأنه لم يكن، ولن نتوجه للمحكمة الحركية لأنه لم يكن هناك قرار من المحكمة الحركية أصلا، حتى نعود ونتوجه إليها مرة ثانية، سنواصل النضال لاسترداد الحركة من خاطفيها".

وتنظر قيادة حركة فتح لفوز قائمة "الوفاء"، أي التحالف بين "فتح" و"حماس" و"الجبهة الشعبية"، والذي فاز باكتساح في 26 مارس/ آذار الماضي في انتخابات بلدية مدينة الخليل، أكبر البلديات في الضفة الغربية، على أنه ضربا لقيادة الحركة من الداخل.

وأكدت حركة فتح، في تعميمها بشأن فصل كوادر من الحركة، "يأتي هذا القرار لخروج الإخوة عن موقف الحركة وقراراتها المتعلقة بالانتخابات، بتشكيلهم أو دعمهم قوائم منافسة للقوائم الرسمية (قوائم البناء والتحرير)، التي شكّلتها الأقاليم والمناطق دون تعويم، رغم الحوارات التي دارت معهم ومع إخوة غيرهم للعدول عن هذا التوجّه، ورُغم إتاحة الفرصة لهم ولغيرهم لتصويب موقفهم وتوحيده مع موقف الحركة بعد انتهاء مرحلة التصويت أثناء مداولات تشكيل المجالس المحلية المنتخبة".

وتابع تعميم مفوضية التعبئة التنظيم في الحركة: "الحركة منحت الإخوة فرصة العودة إلى الصفوف وتوحيد موقفهم مع الحركة في تشكيل المجالس المنتخبة، إيمانًا بقانون المحبّة الذي يجمع الأعضاء ويحفظ علاقاتهم الداخلية، لكنّهم أرادوا من الحركة أن تنزل عند مصالحهم ومطالبهم، باعتبارهم أطرافًا منفصلة تتفاوض معها على تشكيل البلديات والمجالس دون اعتبارٍ لعضويتهم الحركية، وهذا ما أوصل الأمر إلى اتخاذ قرار فصلهم".

قيادات تاريخية من ضمن المفصولين، فضلا عن أكاديميين ونشطاء ميدانيين ضد الاحتلال الإسرائيلي

لكن أبو سنينة ينفي ما جاء في التعميم أعلاه، قائلا لـ"العربي الجديد"، "قبل تسجيل القائمة رسميا لدى لجنة الانتخابات توجهنا إلى قيادة الحركة وأعضاء اللجنة المركزية للحركة، لكن لم يعيروا هذا الموضوع أي اهتمام، ولم نستشر ولم يتحدث معنا أي أحد من قيادة الحركة حول الانتخابات وتشكيل القوائم، لذلك شكلنا قائمة توافق وطني وأعلنا ذلك".

وقال أبو سنينة: "كان الأولى بمن يطلقون على أنفسهم قيادة الحركة أن يتواصلوا معنا".

وكشف أبو سنينة لـ"العربي الجديد" عرضا قدمه له الرئيس محمود عباس عبر مستشاره محمود الهباش  في مارس/ آذار الماضي، يفيد بمنحه منصب وزير أو محافظ لمدينة الخليل، مقابل الانسحاب وحل قائمة "الوفاء".

وقال أبو سنينة: "هذا العرض جاء بعد تسجيل القائمة، وكان مطلوبا مني أن أدير الظهر لأهل الخليل وهذا مستحيل".

وأشار أبو اسنينة إلى ما اعتبره "ازدواجية قيادة الحركة"، مستطردًا: "وعلى سبيل المثال في رام الله تم تشكيل قائمة خارج إطار إقليم فتح وبعدم رضا الإقليم في رام الله، من قبل طارق محمود عباس ابن الرئيس، لماذا إذن لم يتم فصله من الحركة؛ إما أن يفصلوه أو يوضحوا لنا أن طارق عباس ليس فتحاويا".

وتابع ابو سنينة: "أستغرب من قرار بفصل أشخاص يمثّلون محور النضال والصمود في القدس مثل عمر شلبي ومحمد مطر".

وقال غسان طه، أحد الكوادر الفتحاوية التي تم فصلها في الخليل لـ"العربي الجديد": "هذا  إجراء غير نظامي وغير تنظيمي، وبالتالي كتير من الحراكات الداخلية في الحركة تعتبر أن هذا إقصاء للحالة النضالية داخل الحركة، واستقواء من قبل مجموعة متنفذين من داخل الحركة".

وقال طه: "لم نبلغ بالفصل عبر أي قناة رسمية حركية، لقد وصل إلينا قرار الفصل الموقع من رئيس حركة فتح الرئيس محمود عباس عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وبالتالي هذا فصل مع تشهير".

وأضاف طه، "هذا تخبط في داخل الحركة وتغوّل من جهة متنفذة من داخل الحركة تحاول أن تستعرض هيمنتها وسيطرتها على الحركة، وكان المفروض أن يتم تبليغنا عبر مفوضية التعبئة والتنظيم وأقاليم الحركة، لكن هذا لم يحدث".

وتابع، "لم نبلغ بأي قرار للحركة، أو أن هناك أي لجنة تحقيق، لم نبلغ بأي إجراء قبل الفصل أو بعده، ولم يتم اتباع أي إجراء تنظيمي، ولم يصر إلى الاجتماع معنا قبل الفصل إطلاقا، كما أننا لن نذهب للمحكمة الحركية لحركة فتح؛ لدينا إجراءات أخرى، سوف نقوم بالدعوة إلى عقد مؤتمر لحركة فتح في ضوء ما سيتم تحديده في المؤتمر الثامن الذي نرفض مخرجاته منذ الآن".

المساهمون