فرنسا تفتح أرشيفها القضائي المتعلق بثورة الجزائر

قرار فتح جزء من الأرشيف الفرنسي الخاص بثورة الجزائر يدخل حيز التطبيق

23 ديسمبر 2021
فرنسا تتعامل بانتقائية مع أرشيف ثورة الجزائر(العربي الجديد)
+ الخط -

دخل قرار فتح جزء من الأرشيف الفرنسي الخاص بالثورة الجزائرية، يتعلق بالتحقيقات القضائية للشرطة والدرك الفرنسيين خلال فترة الثورة (1954-1962)، اليوم الخميس حيز التنفيذ، وذلك قبل 15 عاماً من المدة التي يحددها القانون الفرنسي.

وتضمنت الجريدة الرسمية الفرنسية، اليوم الخميس، منشوراً حول قرار فتح مرسوم وزاري يتعلق بالحرب الجزائرية، ويشمل ذلك "الوثائق المتعلقة بالقضايا المرفوعة أمام المحاكم وتنفيذ قرارات المحاكم" و"الوثائق المتعلقة بالتحقيقات التي أجرتها دوائر الضابطة العدلية".

وتشمل الوثائق تلك "الموجودة في دار المحفوظات الوطنية ودار المحفوظات الوطنية لأراضي ما وراء البحار ودار المحفوظات للمحافظات ودائرة المحفوظات التابعة لمديرية الشرطة ودائرة المحفوظات التابعة لوزارة الجيوش وفي إدارة المحفوظات في وزارة أوروبا والشؤون الخارجية"، بحسب المرسوم.

ولم يكن يُسمح بالاطلاع على هذه الوثائق لـ75 عاماً إلا بإذن.

وكانت وزيرة الثقافة الفرنسية روزلين باشلو قد أعلنت في الثامن من الشهر الحالي عن قرار الحكومة برفع السرية عن أرشيف الثورة التحريرية، ويشمل فقط أرشيف الوثائق المتعلقة بتحقيقات الشرطة والدرك الفرنسيين.

واعتبرت باشلو أن هذا القرار يهدف إلى إعادة بناء التاريخ دون تحريف وتسليط الضوء على الحقيقة، بما فيها الوثائق التي تكشف عن حالات التعذيب الواسعة والممنهجة التي مارسها الجيش الفرنسي ضد المناضلين الجزائريين.

واعتبرت الوزيرة الفرنسية أن هذا القرار يدخل في سياق توجه فرنسي واضح عبر عنه الرئيس ايمانويل ماكرون في الفترة الأخيرة، للإقرار بمسؤولية بلاده على أحداث ووقائع دامية واغتيالات لمناضلين جزائريين وعمليات إعدام وتصفية غامضة، ترجمها ماكرون قبل أشهر بالاعتراف باغتيال المناضل موريس أدوان والمحامي على بومنجل، بينما ظلت باريس تتستر على ذلك منذ ستة عقود.

سياسات التقطير

في المقابل، يرى جزء من الباحثين والمؤرخين في الجزائر، أن القرار الفرنسي يدخل ضمن سياق" سياسات التقطير" التي تنتهجها السلطات الفرنسية في معالجة ملف الذاكرة مع الجزائر، وتوخي انتقائية في هذه المعالجات، خاصة أنها قررت فتح جزء من الأرشيف، بينما أبقت على جزء أكثر أهمية تطالب به الجزائر منذ فترة في طي السرية، خاصة أرشيف التفجيرات النووية وغيرها.

وفي السياق، أكد الكاتب والمؤرخ رابح لونيسي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن فتح الأرشيف الخاص حصراً بالتحقيقات القضائية للشرطة والدرك الفرنسيين، ومحاضر التحقيق مع المناضلين الجزائريين الذين كانت القوات الفرنسية تلقي عليهم القبض، ينطوي على مخاطر تخص صدقية هذه المحاضر والتحقيقات بالأساس، ما تتضمنه من إقرارات غير صحيحة تكون انتزعت من المناضلين الجزائريين تحت التعذيب أو نسبت إليهم من جهة ما.

وأردف أن بعض الوثائق والحالات قد تثير لغطاً تتعمده فرنسا بفتح هذا النوع من الأرشيف، معتبراً أنه "بمثابة وضع السم في العسل".

وأوضح أن "هذا النوع من الأرشيف هو تقارير الشرطة الفرنسية ومحاضر التحقيق مع المناضلين الجزائريين، وقد تتضمن إقرارات من قبل المناضلين تحت التعذيب، والمعروف أن قانون ونظام ثورة التحرير كان يسمح للمناضلين بالاعتراف في حال تعرضوا للتعذيب، شرط أن يتم ذلك بعد 24 ساعة على الأقل من توقيفهم، وهو وقت يسمح بتغيير الأماكن ونقل الأسلحة من مواضعها وغيرها، بحيث يصبح الإقرار بتلك المعلومات غير ذي معنى بالنسبة للقوات الفرنسية ولا يضر بالثورة".

ونوه إلى أن "الكشف اليوم عن هذه الإقرارات قد يساء فهمه في الجزائر، خاصة لدى الأجيال التي لا تعرف قانون الثورة".