فرنسا: تشكيل حكومة جديدة وسباق مع الزمن لتمرير ميزانية 2026
استمع إلى الملخص
- تواجه الحكومة تحديات في الحصول على ثقة البرلمان، حيث تعارضها القوى اليسارية واليمين المتطرف، وتهدد المجموعة الاشتراكية بعدم منح الثقة لعدم تلبية مطالبها.
- تعاني فرنسا من عدم وجود ميزانية للعام 2026، ويجب على البرلمان النظر في مشروع الميزانية قبل 31 ديسمبر، مع مطالبات بتنازلات مثل تعليق إصلاح النظام التقاعدي.
أعلن رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو، مساء أمس الأحد، تشكيلة حكومية تضم سياسيين وعدداً من التكنوقراط وشخصيات من المجتمع المدني، في محاولة لتجنيب فرنسا مزيداً من التأزم السياسي. وقال لوكورنو إن الحكومة الجديدة مهمتها منح البلاد "موازنة قبل نهاية العام"، في ما يبدو أنه مسعى لإبعاد شبح تقديم مذكرة فورية لحجب الثقة. ويقع على عاتق وزير المالية رولان ليسكور، المنتمي إلى معسكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
، إعداد مشروع موازنة للعام 2026 قادر على نيل ثقة البرلمان، في حين بلغ الدين العام للدولة 3300 مليار يورو، أي أكثر من 115% من الناتج المحلي الإجمالي.وفي الحكومة الجديدة التي "شُكّلت لكي تحظى فرنسا بموازنة قبل نهاية العام"، أسند لوكورنو حقيبة الداخلية إلى قائد شرطة باريس لوران نونيز، خلفاً لزعيم حزب الجمهوريين برونو روتايو، وحقيبة العمل إلى الرئيس السابق لشركة السكك الحديد "إس إن سي في" جان بيار فاراندو. وأعيد إسناد حقيبة الخارجية إلى جان-نويل بارو، فيما ذهبت حقيبة الدفاع إلى وزيرة العمل في الحكومة المستقيلة كاترين فوتران.
وشدّد لوكورنو في منشور على منصّة إكس على أن الأهم "مصلحة البلاد"، شاكراً الوزراء "المشاركين في هذه الحكومة بكامل حريتهم بعيداً عن المصالح الشخصية والحزبية". ومن بين الوجوه الحكومية الجديدة مونيك باربو، موفدة الرئيس إيمانويل ماكرون الخاصة إلى مؤتمر "قمة الكوكب الواحد"، التي أسندت إليها حقيبة التحوّل البيئي، فيما أسندت حقيبة التربية الوطنية إلى إدوار جوفريه، خلفاً لإليزابيت بورن.
وسيكون مصير الفريق الحكومي الذي سيقوده لوكورنو مهدداً جداً. فباستثناء الحزب الاشتراكي، دعت كل القوى اليسارية من الآن إلى عدم منح حكومة لوكورنو الثانية الثقة، فضلاً عن التجمع الوطني اليميني المتطرف واتحاد اليمين من أجل الجمهورية، بزعامة إريك كوتي. كما تهدد المجموعة الاشتراكية في الجمعية الوطنية، التي تضم 69 نائباً، بعدم منح الثقة بسبب استيائها من مداولات غير مثمرة بشأن مطالبها منذ أربعة أسابيع.
وكان لوكورنو قد كُلف للمرة الأولى بتشكيل الحكومة في سبتمبر/ أيلول الماضي ولكنه استقال، الاثنين الماضي، بعد 14 ساعة من تشكيل حكومته "لعدم توافر الظروف" لاستمرارها، ليعيد ماكرون تكليفه، يوم الجمعة الماضي. وأكد لوكورنو أنه سيقدم على الاستقالة من جديد في "حال لم تعد الظروف متوافرة". ومرّت فرنسا بفترة طويلة من انعدام الاستقرار السياسي منذ حل ماكرون الجمعية الوطنية، في يونيو/ حزيران 2024، ما أسفر عن برلمان من دون غالبية ومشرذم بين ثلاث كتل هي اليسار واليمين والوسط واليمين المتطرف مع تعاقب أربعة رؤساء وزراء لقيادة الحكومة.
لا صفقة مخفية في فرنسا
وتتمثل المشكلة الكبرى في أن فرنسا لا تزال من دون ميزانية للعام 2026 فيما الوقت يداهم. فعلى البرلمان بحسب الدستور أن يحظى بما لا يقل عن 70 يوماً للنظر في مشروع الميزانية قبل 31 ديسمبر/كانون الأول. وباستثناء الحزب الاشتراكي، دعت كل التشكيلات اليسارية إلى تقديم مذكرة لحجب الثقة فوراً، وهو ما دعا إليه أيضاً التجمّع الوطني اليميني المتطرف وحلفاؤه. أما حزب الجمهوريين، فأكد للحكومة المقبلة "دعمه مشروعاً بمشروع" في البرلمان، الأمر الذي يعني أنه لن يحجب الثقة عنها. وتظهر استطلاعات الرأي أن التجمع الوطني اليميني المتطرف سيكون المستفيد الأول من احتمال حل الجمعية الوطنية مجدداً من جانب ماكرون الذي لم يستبعد هذا الاحتمال.
ويمكن للمجموعة الاشتراكية، التي تمتلك 69 مقعداً، إنقاذ حكومة لوكورنو الثانية، إلا أنها وضعت شروطاً عالية السقف تطالب فيها بتنازلات مهمة، من بينها التعليق الفوري لإصلاح النظام التقاعدي. ويعتبر رفع سن التقاعد القانونية إلى 64 عاماً، في عام 2023، الإصلاح الرئيسي في ولاية ماكرون الثانية، ويتعرض لحملة قوية من جانب اليسار. وقال أوليفيه فور، الأمين العام للحزب الاشتراكي، في صحيفة "لا تريبون ديمانش"، إن تعليق الإصلاح "لن ينهي النقاش حول الميزانية ومستقبل فرنسا لكنه سيكون ضمانة حسن نية من جانب الحكومة وإرادة على فتح مرحلة جديدة". وأكد رئيس الوزراء من جهته أنه "ما من صفقة مخفية (..) فإما تحجب الثقة ويتم حل البرلمان وإما لا".
(فرانس برس)