فرنسا: الاتحاد الأوروبي يعمل باتّجاه تخفيف العقوبات عن سورية سريعاً

13 فبراير 2025
بارو يصافح الشيباني في باريس قبل بدء المؤتمر الدولي حول سورية، 13 فبراير 2025 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعمل الاتحاد الأوروبي على تخفيف العقوبات الاقتصادية عن سوريا، مع التركيز على القطاعات الأساسية مثل الطاقة، لدعم العملية الانتقالية بعد إسقاط نظام الأسد.
- يعقد في باريس مؤتمر دولي لدعم الانتقال في سوريا، بمشاركة دولية واسعة، مع التركيز على تنسيق المساعدات ودعم القضاء الانتقالي. أعلنت فرنسا عن نيتها إعادة فتح سفارتها في دمشق.
- تواجه سوريا تحديات إعادة الإعمار بتكلفة تقدر بأكثر من 400 مليار دولار، وتسعى الدول المانحة لوضع استراتيجية تنسيق للمساعدة الدولية، مع التركيز على العدالة والمساءلة.

أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، اليوم الخميس، أن الاتحاد الأوروبي يعمل في اتّجاه تخفيف العقوبات المفروضة على سورية بشكل سريع. وقال بارو "نعمل مع نظرائنا الأوروبيين باتّجاه رفع سريع للعقوبات الاقتصادية على القطاعات"، بعدما اتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في 27 يناير/كانون الثاني الفائت على تخفيفها، بدءاً بقطاعات أساسية مثل الطاقة.

في السياق، التقى بارو وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في باريس التي وصل إليها، اليوم الخميس، للمشاركة في مؤتمر دولي حول الانتقال السياسي والتحديات الأمنية والاقتصادية الكبيرة التي تواجهها سورية بعد إسقاط نظام بشار الأسد، في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي. كذلك التقى الشيباني في باريس ناشطين وناشطات حقوقيين سوريين يعملون في الشأن السوري. وهذه أول زيارة رسمية للشيباني إلى دولة في الاتحاد الأوروبي بعدما شارك في منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا في يناير/كانون الثاني الماضي.

ويعكس مؤتمر باريس، وهو الثالث بعد لقاء مماثل في الأردن والمملكة العربية السعودية منذ إطاحة الأسد، اهتمام الأسرة الدولية التي تراقب السلطات الجديدة في سورية عن كثب وتريد تشجيع العملية الانتقالية. ويُعقد المؤتمر فيما أعلنت السلطات السورية الأربعاء أنها تعتزم تشكيل حكومة انتقالية مطلع الشهر المقبل "ممثلة للشعب السوري قدر الإمكان وتراعي تنوعه". ويأتي أيضاً في ظل تغييرات جيوسياسية عميقة في المنطقة، ولا سيما تراجع النفوذ الإيراني. وتشكل سورية محور مصالح إقليمية رئيسية تركية وإسرائيلية وسعودية غالباً ما تكون متباينة. وتعاني البلاد من انهيار اقتصادي بعد حرب بدأت قبل 14 عاماً خلفت أكثر من نصف مليون قتيل وملايين اللاجئين والنازحين داخلياً.

وتشارك الدول العربية على مستوى الوزراء في مؤتمر باريس فضلاً عن تركيا ودول مجموعة السبع ودول أوروبية عدة. وتشارك الولايات المتحدة التي لم تعلن استراتيجيتها حيال سورية بعد، إلا أن تحركها العسكري والإنساني يبقى حاسماً، بصفة مراقب. ولن تتمثل إسرائيل في المؤتمر، وكذلك أكراد سورية. ويهدف المؤتمر الذي يختتمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى إقامة "طوق أمان" لحماية العملية الانتقالية السورية من التدخلات الأجنبية وتنسيق المساعدات وتمرير رسائل إلى السلطة السورية الجديدة، على ما أفادت مصادر دبلوماسية عدة. ويهدف كذلك إلى دعم القضاء الانتقالي ومكافحة الإفلات من العقاب.

وأشارت الرئاسة الفرنسية إلى أن باريس التي ستعيد قريباً فتح سفارتها في دمشق، ستستقبل الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع "في الأسابيع المقبلة" بعدما وجهت إليه دعوة خلال اتصال هاتفي بينه وبين ماكرون. وقال السفير الفرنسي السابق لدى سورية ميشال دوكلو لوكالة فرانس برس: "لم يرتكب الشرع حتى الآن أي خطأ، لكن الوضع يبقى هشاً، وثمة تساؤلات عن الفترة التالية".

ولا يتوقع أن تصدر إعلانات عن مؤتمر الخميس، فيما قال مصدر في وزارة الخارجية السورية لوكالة فرانس برس إن "توقعات الإدارة الجديدة من مؤتمر باريس هو رفع العقوبات بالدرجة الأولى، لأنها الأساس لتنفيذ كل شيء آخر، سواء إصلاح البنية التحتية وتطويرها وتحسين الواقع الحالي للخدمات والرواتب والكهرباء والماء والمدارس المشافي، والانتقال لاحقاً إلى مرحلة إعادة الإعمار".

وتبحث بروكسل في ملف رفع العقوبات المفروضة على سورية. وقد يُعلَن تخفيف جزئي لها في الأسابيع المقبلة. أما رفع العقوبات المصرفية والعوائق أمام تحويل الأموال، وهو نقطة حاسمة، فيمر عبر واشنطن. وشدد مصدر دبلوماسي أوروبي على أنه "من دون دعم مالي كبير لا يمكن للمرحلة الانتقالية أن تسلك" مجراها، مشككاً في ظل الأجواء العالمية الحالية في إمكان وضع "خطة مارشال" لسورية التي تقدر الأمم المتحدة كلفة إعمارها بأكثر من 400 مليار دولار.

وفي السياق، أعلنت بريطانيا اليوم عزمها على تعديل نظام العقوبات المفروضة على سورية بعد سقوط نظام الأسد، مع ضمان استمرار تجميد الأصول وحظر السفر المفروض على رموز الحكومة السابقة. ونقلت رويترز عن وزير أوروبا وأميركا الشمالية وأقاليم ما وراء البحار ستيفن داوتي، قوله: "نقوم بهذه التغييرات لدعم الشعب السوري في إعادة بناء بلاده وتعزيز الأمن والاستقرار" مؤكداً عزم الحكومة البريطانية على محاسبة بشار الأسد وشركائه على أفعالهم ضد الشعب السوري.

وتجتمع الأطراف المانحة متعددة الأطراف ووكالات دولية صباح الخميس لوضع "استراتيجية تنسيق للمساعدة الدولية" المجزأة حتى الآن، على ما أكدت الرئاسة الفرنسية، مشددة على "أهمية حشد الجهود الأميركية" في وقت سيكون لتجميد مساعدات واشنطن عواقب مأساوية. وقالت منظمة "مهاد" غير الحكومية المتخصصة إن وقف المساعدات الأميركية وجّه "ضربة قاتلة" إلى منشآت صحية في مناطق عدة، مشددة على أن 16.5 مليون شخص بحاجة إلى مساعدة إنسانية عاجلة في سورية. وكتب الباحث تشارلز ليستر لدى عودته من سورية قبل فترة قصيرة عبر منصة إكس أن "قائمة الحاجات لا تحصى والوقت يداهم". وشددت الرئاسة الفرنسية على أنه "يجب أن نعمل على قيام سورية موحدة ومستقرة تستعيد السيادة على كامل أراضيها".

من جانبها، أرسلت منظمة "هيومن رايتس ووتش" رسالة لوزراء خارجية الدول المجتمعين في باريس، تتضمن توصيات بشأن خمس قضايا رئيسية، وقالت المنظمة الحقوقية إن إطاحة نظام الأسد خلقت فرصة تاريخية لتعزيز العدالة وسيادة القانون، وضمان المساءلة عن سنوات من الجرائم الفظيعة، وتنفيذ إصلاحات الحوكمة والقضاء وقطاع الأمن التي تحمي وتحقق الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية. وتضمنت الرسالة توصيات بشأن قضايا العدالة والمساءلة والعقوبات ودعم إعادة الإعمار ومساعدة المدنيين وضمانات حقوق الإنسان وحمايتها، فضلاً عن الحماية الدولية للاجئين وطالبي اللجوء.

لكنّ سورية البالغ عدد سكانها 23 مليون نسمة تبقى مجزأة، وقد تقع في الفوضى في أي لحظة على ما أفاد مصدر دبلوماسي، مشيراً إلى أن سلطة الشرع لا تستند إلا على 30 ألف مقاتل. وأعلن الرئيس الانتقالي الذي حلّ الجيش وأعلن ضمّ الجماعات المسلحة إلى جيش وطني في المستقبل مطلع الأسبوع أن "آلاف المتطوعين ينضمون إلى الجيش السوري الجديد". وفي سورية أيضاً قوات مؤيدة لتركيا تتواجه في شمال البلاد مع الأكراد أعداء أنقرة، لكنهم حلفاء الغرب أيضاً. لكن التواصل بوشر بين الأكراد والسلطة الجديدة في دمشق، ومع تركيا بدفع من واشنطن وباريس، على ما أشار مصدر فرنسي.

(فرانس برس، العربي الجديد)