فادي صقر يراوغ العدالة.. وانتقادات حقوقية لتعامل الحكومة السورية
- فضل عبد الغني من الشبكة السورية لحقوق الإنسان وصف تصريحات صقر بالأكاذيب، مشيراً إلى توثيق الشبكة لجرائم مليشيا الدفاع الوطني، ودعا لتقييم الجرائم من قبل لجنة العدالة الانتقالية.
- صقر، المعروف بفادي مالك أحمد، ارتبط اسمه بعمليات قتل وتهجير، وشطب من نقابة المحامين، مما أثار غضباً شعبياً حول العدالة الانتقالية.
تنصّل فادي صقر، قائد مليشيا الدفاع الوطني التابعة للنظام السوري السابق والمتورط في ارتكاب جرائم حرب ومجازر، من مسؤوليته عن انتهاكات أو جرائم بحق السوريين، وفق ما صرح به لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية اليوم الخميس، مؤكداً أنه لم يحصل على عفو من الحكومة السورية. وقال صقر إن الدولة كانت واضحة معه منذ البداية بعد سقوط نظام الأسد، مضيفاً أنه "لو كان لدى وزارة الداخلية أي دليل ضدي، لما كنت أعمل معها اليوم"، ومؤكداً: "سأمتثل لما تقرره السلطة القضائية ضمن إجراءات قانونية سليمة".
ولفت صقر إلى أن خلفيته ليست فقط شخصاً ينتمي للطائفة العلوية، بل قائدَ مليشيا سابقاً، وهو ما منحه المصداقية لإقناع مؤيدي النظام السابق بعدم الانفصال عن الحكومة الجديدة. وعند سؤاله إن كان جمهور الثورة سيقبل به شريكاً في الوطن، أجاب: "اسم فادي صقر هو اختبار لما إذا كان التعايش ممكناً بين طرفي الصراع". وفي معرض ردّه على حديث صقر، قال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، لـ"العربي الجديد"، إنّ تصريحات صقر "مجرد أكاذيب"، وهي مطابقة تماماً لتصريحات محمد الشعار، وزير الداخلية السابق في عهد نظام الأسد. وأضاف: "نشرنا تقريراً مفصّلاً ضده، وثّقنا فيه جرائم الوزارة التي كان على رأسها، ويتضمن التقرير ما يقارب ربع مليون انتهاك".
وأوضح عبد الغني أنّ الشعار حاول التنصّل من المسؤولية كما يفعل صقر، مؤكداً أن لدى الشبكة أدلة كثيرة على جرائم مليشيا الدفاع الوطني في مناطق متعددة من سورية، تشمل القتل، والإعدامات الميدانية، والانتهاكات واسعة النطاق، ومنها مجزرة حي التضامن، وغيرها. وأشار عبد الغني إلى أنّ الانتهاكات التي ارتكبتها المليشيا تشمل الاعتقال والإخفاء القسري، والتعذيب، والتهجير القسري، والسيطرة على منازل المدنيين، وابتزاز السكان، وتجنيس بعض المقاتلين، موضحاً أن المليشيا باتت قوة مستقلة تفوق أحياناً الجيش والأجهزة الأمنية.
وأضاف عبد الغني أنّ مليشيا الدفاع الوطني ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، ولا يمكن التعامل مع ملفها وكأنه مجرد قرار عفو، مشيراً إلى أن لجنة العدالة الانتقالية، وليس لجنة السلم الأهلي، هي المخولة تقييم الجرائم ومقارنتها بأي "إسهامات" مزعومة. وتساءل عبد الغني: "على أي أساس يُعفى عن شخص مثل هذا؟ هل تمتلك الحكومة توثيقاً للجرائم؟ هل شاهدت الفيديوهات، مثل تلك التي توثق مجزرة حي التضامن؟ وهي واحدة فقط من عشرات المجازر التي ارتكبتها المليشيا".
وأكد أن ملف فادي صقر لا يمكن أن يعالَج بتلك البساطة، مشيراً إلى وجود تخبط حكومي وخلط بين السلم الأهلي والعدالة الانتقالية. وأضاف: "وزارة الخارجية تتولى الآن ملف العدالة الانتقالية، رغم أن اختصاصها سياسي، وليس حقوقياً أو قضائياً"، متسائلاً: "لماذا لم تتول وزارة العدل هذا الملف؟ ولماذا لا تتولى وزارة الداخلية أو الشرطة مسؤولية ملفات المفقودين؟".
فادي صقر في سطور
ينحدر فادي مالك أحمد، المعروف بـ"فادي صقر"، من مدينة جبلة في ريف محافظة اللاذقية غربي سورية، وهو من مواليد 1975. كان قائداً بارزاً في مليشيا الدفاع الوطني، وتولى قيادة عناصرها في دمشق والمنطقة الجنوبية. يتهم صقر بارتكاب مجزرة حي التضامن في 16 إبريل/ نيسان 2013، والإشراف على تهجير سكان القابون وبرزة والغوطة الشرقية، وتجويع سكان مخيم اليرموك، وفق ما صرح به فايز أبو عيد، مدير مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية، لـ"العربي الجديد".
تولى صقر موقعاً قيادياً في مليشيا الدفاع الوطني منذ عام 2012، وشارك في حملات القمع والحصار والتجويع بدمشق وريفها ودرعا، وارتبط اسمه بمئات عمليات القتل والتهجير. وكشف مصدر خاص لـ"العربي الجديد" أن أول وظيفة حكومية لصقر كانت في وزارة التموين، عندما كان لا يزال في المرحلة الثانوية. أما لقبه "صقر"، فيعود لاستخدامه قبل عام 2011.
وكانت نقابة المحامين في دمشق قد أصدرت، في 4 مايو/ أيار الماضي، قراراً يقضي بشطب فادي مالك أحمد من جدول المحامين لثبوت تورطه في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، مؤكدًة ضلوعه في مجزرة حي التضامن في إبريل/ نيسان 2013. وفي مؤتمر صحافي عقد بدمشق الثلاثاء، قال حسن صوفان، أحد أعضاء لجنة "السلم الأهلي" المكلفة من الإدارة السورية، إن فادي صقر "أُعطي الأمان من القيادة، بدلاً من توقيفه، بناءً على تقدير للمشهد، ولحقن الدماء"، ما أثار موجة غضب شعبي وتساؤلات حول طبيعة العدالة الانتقالية في سورية.