غياث دلا.. ذراع ماهر الأسد الضاربة يعود عبر مجلسه الغامض

08 مارس 2025
غياث دلا محاطاً بعناصره من مليشيا الغيث (صفحة جبلة نيوز على فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- غياث دلا، ضابط بارز في الفرقة الرابعة المدرعة، ارتقى ليصبح رئيس أركانها عام 2004، وشارك في قمع الثورة السورية منذ 2011، وقاد عمليات دموية في عدة مناطق.

- أسس مليشيا "الغيث" بدعم إيراني عام 2017، وشارك في معارك جنوب دمشق، متحالفاً مع حزب الله والمليشيات الإيرانية، مما جعله ذراعاً إيرانياً في سوريا رغم العقوبات الأمريكية.

- بعد فرار بشار الأسد إلى روسيا في 2024، ظهر دلا في "المجلس العسكري لتحرير سوريا"، متحالفاً مع قيادات سابقة، مما أثار قلق السلطات السورية الجديدة.

قاد عدة مجازر ضد السوريين كان أبرزها في داريا بريف دمشق

في عام 2017 أسس غياث دلا مليشيا "الغيث" بدعم إيراني

وضعت واشنطن غياث دلا على قائمة العقوبات منذ خمس سنوات

عاد اسم العميد غياث دلا للتداول في سورية في أعقاب الأحداث الأمنية التي جرت في الساحل السوري في الأيام الأخيرة، وكان من أبرز ضباط الفرقة الرابعة المدرعة التي كانت تحت قيادة ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام السوري السابق بشار الأسد الذي فرّ إلى روسيا فجر 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، وكان النظام المخلوع لقب دلا بـ"أسد الغوطتين".

 مسار دموي: من داريا إلى المليحة

وينحدر غياث دلا من بلدة بيت ياشوط بريف اللاذقية، والتحق باللواء 42 في "الفرقة الرابعة" مع صعود نجم ماهر الأسد، وارتقى دلا سريعاً في السلم العسكري ليتسلم منصب رئيس أركان الفرقة الرابعة عام 2004. وأصبح دلا التلميذ النجيب وأحد أبرز أذرع ماهر التنفيذية في قمع النظام للثورة السورية التي انطلقت في مارس/آذار 2011، واكتسب لقب ذراع ماهر الأسد الضاربة بفضل تكتيكاته الوحشية التي طاولت المدنيين.

وعلى مدار 13 عاماً من المواجهات العسكرية مع السوريين أصبح غياث دلا رمزاً من رموز القمع في سورية. وقاد في أغسطس/آب 2012 هجوماً على مدينة داريا بريف دمشق راح ضحيته 700 مدني، بينهم عائلات كاملة. كما شهدت المدينة آنذاك حرقاً وتنكيلاً بجثث الضحايا من المدنيين. وبعد 7 أشهر، في مارس/آذار 2013، أشرف على حملة الفرقة الرابعة ضد مدينة معضمية الشام، المجاورة لداريا، وطبق على المدينة حصاراً مشدداً مانعاً عن سكانها دخول الطعام والأدوية وخلفت حملته 2000 قتيل و3000 جريح من المدنيين، بينهم 60 من النساء و100 من الأطفال. ولم يكتفِ بذلك، ففي 2014 قاد معركة المليحة التي استمرت 40 يوماً ودُمرت فيها البلدة بالكامل، بينما هجّر لاحقاً أهالي حي القابون الدمشقي وحوّله إلى ركام انتقاماً لدورهم في الثورة.

مليشيا "الغيث".. ذراع إيراني بثوب نظامي

في عام 2017 أسس غياث دلا مليشيا "الغيث"، المكونة من 500 مقاتل، وجاء إنشاؤها بدعم إيراني، وشاركت مليشيا الغيث في معارك بجنوب دمشق، واستخدمت فيها صواريخ "جولان" العشوائية ما أدى إلى تهجير 150 ألف مدني من بلدة حرستا وتدميرها. كما ضمّ دلا عناصر من حزب الله والمليشيات الإيرانية كـ"لواء الإمام الحسين" إلى صفوف مقاتليه ومنحهم زيّاً عسكرياً مشابهاً لقواته للتعتيم على دور طهران. وخاضت "الغيث" عمليات عسكرية عديدة منها معارك في وادي بردى والغوطة الغربية، وصولاً إلى حملات القمع في درعا بعد المصالحات القسرية التي تمت بدعم روسي عام 2018.

وضعت واشنطن غياث دلا على قائمة العقوبات منذ خمس سنوات بسبب دوره في قمع الثورة السورية، لكن ذلك لم يمنعه من الاستمرار بما كان يفعله، بل حوّله إلى "ظل" تعتمد عليه إيران في حروب الوكالة. ويُجسّد دلا نموذجاً على التعقيدات في جيش النظام السوري السابق، فهو قاتل تحت علم النظام ضد الشعب السوري ثم أنشأ مليشيا خاصة به وتحالف مع طهران مع بقائه ضمن الجيش وفي الفرقة الرابعة، وبعد المعارك التي شنها على الشعب السوري طيلة السنوات السابقة أعلن تمرده على القيادة الجديدة بذريعة نصرة السوريين، بل ينادي بشعارات "التحرير" ذاتها التي رفعها من أزهق أرواحهم.

غياث دلا يبدأ فصلاً جديداً

بعد فرار الأسد، في ديسمبر 2024، اختفى غياث دلا عن الأنظار مثله مثل عشرات القادة الأمنيين. لكنه عاد للظهور عبر بيان صدر عن ما سماه "المجلس العسكري لتحرير سوريا" يوم الأربعاء الماضي، مُعلناً العزم على "تحرير" سورية من "المحتلين" و"إسقاط النظام الجديد"، في مفارقة مثيرة لرجل قضى حياته مدافعاً عن نظام كان يحكم البلاد بالقمع والدم. ويرجّح نشطاء ومهتمون بالشأن السياسي والعسكري في سورية أن البيان محاولة لإعادة تشكيل تحالفات تحت مظلة جديدة مستفيداً من علاقات كان أنشأها مع مليشيات أخرى تابعة لإيران بعد إرساله عام 2018 إلى القنيطرة و"مثلث الموت" لمواجهة فصائل "الجيش الحر".
 
وكشفت شبكة الجزيرة في تقرير نشرته على موقعها عن توسع نفوذ "المجلس العسكري" بقيادة غياث دلا عبر تحالفات مع قيادات سابقة في جيش نظام الأسد، مثل  محمد محرز جابر قائد مليشيا "صقور الصحراء" ، وياسر رمضان الحجل من مجموعات سهيل الحسن. بعد أنباء عن مغادرة الأخير العراق قبل يومين إلى روسيا مع رئيف قوتلي لمقابلة بشار الأسد. فيما تزامنت هذه التحالفات مع هجمات مسلحة مكثفة بريف اللاذقية، أسفرت عن مقتل 15 عنصراً من قوات الأمن، ما دفع وزارتي الدفاع والداخلية لإطلاق عمليات أمنية واسعة. كما تلقى "المجلس" وفقاً للجزيرة دعماً مالياً من حزب الله والمليشيات العراقية، وتسهيلات لوجستية من قسد. الأمر الذي اعتبرته الإدارة السورية الجديدة محاولة لإعادة تشكيل نفوذ طهران وموسكو في الساحل السوري، عبر استغلال الفراغ الأمني، لتقوم بناء على ذلك بتكثيف حملتها العسكرية لاحتواء هذا التصعيد.

وفيما لا تُعرف حقيقة "المجلس العسكري لتحرير سوريا"، الذي أعلنه دلا تحت ذريعة حماية العلويين، ومدى حجمه الحقيقي على الأرض، قالت السلطات السورية إنه جاء لخدمة أجندة خارجية وتنفيذ انقلاب على العهد الجديد، ويبدو أن دلا الذي شارك في تهجير الملايين، وسبّب مجازر جماعية، يحاول الآن كتابة فصل جديد من سيرته، بينما تظل صورته في الذاكرة الجمعية للسوريين مرتبطة بتاريخ دموي أبرز من يشهد عليه مجازر داريا والمعضمية والمليحة.

المساهمون