غياب المجلس الوطني الكردي عن عفرين: انقسامات وتعدد السلطات

غياب المجلس الوطني الكردي عن عفرين: انقسامات وتعدد السلطات

01 ابريل 2022
قُتل المئات من أهالي عفرين جراء التفجيرات والهجمات (بكير قاسم/الأناضول)
+ الخط -

يغيب دور المجلس الوطني الكردي، المنضوي في الائتلاف الوطني السوري، في منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية من السكان في شمال غرب حلب، على الرغم من مرور أكثر من أربع سنوات على سيطرة فصائل المعارضة عليها. ويبدو أن هناك انقساماً داخل هذا المجلس حول كيفية التعاطي مع واقع هذه المنطقة ورأس العين في شرق الفرات.

وكانت فصائل المعارضة قد طردت بدعم واسع من الجيش التركي، الوحدات الكردية من منطقة عفرين في النصف الثاني من مارس/آذار 2018، وقُسّمت هذه المنطقة المتاخمة للحدود التركية إلى قطاعات توزعت على الفصائل التي شاركت في الحملة العسكرية.

انتهاكات بحق أهالي عفرين

وتعرّض سكان المنطقة لانتهاكات على مدى سنوات، إلا أن هذه الانتهاكات تراجعت وتيرتها في الآونة بعد أن شكّل "الجيش الوطني" المعارض لجنة "رد المظالم". ولكن المرصد السوري لحقوق الإنسان أكد أن الاعتقالات ما تزال مستمرة بحق بعض الأهالي في عفرين تحت ذريعة الاتصال مع "الإدارة الذاتية" الكردية في شمال شرق سورية.


وثق المرصد اختطاف واعتقال أكثر من 7497 من أكراد عفرين


كما ذكر المرصد أن نحو نصف سكان منطقة عفرين نزحوا عن منازلهم على مدى 4 سنوات، مشيراً إلى أنه وثق مقتل 639 مواطناً كردياً في عفرين منذ يناير/كانون الثاني 2018 وحتى مارس/آذار 2022، نتيجة انفجار عبوات وسيارات مفخخة، أو في القصف الجوي والمدفعي والصاروخي التركي، وفق المرصد.

وأفاد بأنه وثق اختطاف واعتقال أكثر من 7497 من أكراد عفرين، من بينهم 1300 لا يزالون قيد الاعتقال، منذ مارس 2018 وحتى مارس 2022، مؤكداً أنه وثق إلى جانب حالات الاختطاف والاعتقال التعسفي خلال الفترة نفسها، أكثر من 2318 انتهاكاً بأشكال عدة، كاستيلاء على منازل ومحال تجارية وأراضٍ زراعية، وقطع أشجار، وفرض إتاوات.

ولكن أحد المحامين العاملين في منطقة عفرين، فضّل عدم ذكر اسمه، أكد في حديث مع "العربي الجديد" أن الأرقام "التي يوردها المركز مبالغ فيها جداً"، مشيراً إلى أن المرصد "لا يتمتع بمصداقية كافية كونه طرفاً معادياً للجيش الوطني، ومن ثم فهو يعمد إلى تضخيم ما يجري في الشمال السوري من انتهاكات". وأضاف: "بالتأكيد هناك انتهاكات كبيرة ترتكبها الفصائل، ولكنها لا تقتصر فقط على الأكراد".

غياب دور المجلس الوطني الكردي في عفرين

وكان من المتوقع أن يقوم المجلس الوطني الكردي، الذي يمثل المكوّن الكردي ضمن الائتلاف الوطني، بدور حاسم في منطقة عفرين، خصوصاً لجهة الإدارة المحلية وتطبيق القوانين من خلال "البشمركة السورية" الموجودة في شمال العراق والتي يُنظر إليها باعتبارها الجناح العسكري في المجلس المقرب من قيادة إقليم كردستان العراق. وتأسست قوات البشمركة أواخر العام 2012 في إقليم كردستان العراق، وتضم الآلاف من العناصر والضباط من أصول كردية انشقوا عن قوات النظام واختاروا كردستان العراق ملاذاً لهم.

ولكن المجلس غاب تماماً عن المشهد في منطقة عفرين، ذات الغالبية الكردية من السكان، وهو ما يؤكد وجود انقسام داخل المجلس حول كيفية التعاطي مع الواقع الجديد للمنطقة في ظل الانتهاكات بحق الأكراد السوريين.


عليكو: لا توجد سيطرة من قبل وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة على الفصائل المنتشرة في المنطقة


وعزا فؤاد عليكو، وهو قيادي في المجلس الوطني الكردي وممثل له في الائتلاف الوطني، غياب المجلس عن المشهد في منطقة عفرين إلى عدم وجود سلطة واحدة في عفرين، مضيفاً: هناك فصائل، وكل فصيل يسيطر على بلدات وقرى محددة، وكل فصيل له قوانينه. ولفت في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنه "لا توجد سيطرة من قبل وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة على هذه الفصائل"، مضيفاً: "الوضع معقّد في عفرين. هناك عراقيل أمامنا".

وحول فكرة دخول قوات البشمركة السورية إلى عفرين، أشار عليكو إلى أن "هذا الموضوع يُناقش مع الجانب التركي، ولا اعتقد أن الأتراك بصدد الموافقة على قدوم هذه القوات". واعتبر أنه "في حال فرضت الحكومة المؤقتة سيطرة كاملة على عفرين ومنطقة رأس العين (في ريف الحسكة وفيها حضور سكاني كردي كبير)، يمكن أن نناقش كل هذه الملفات معها. الآن لا نريد التعامل مع الواقع الموجود في عفرين ورأس العين في ظل هذه الفصائل متعددة الاتجاهات".

ولفت إلى أنه جرت مناقشة الأوضاع في الشمال السوري في الائتلاف الوطني "ولكنه لا يتحكّم بهذه الفصائل على الرغم من وجود ممثلين لبعضها في الائتلاف"، موضحاً أن المجلس "لم يناقش أمر اضطلاعه بمهام في عفرين ورأس العين مع الجانب التركي، وهو لم يطلب منا ذلك".

وأضاف: "هناك واقع مؤسف في الشمال السوري. كنا نتمنى أن نرى صورة مصغرة لسورية المستقبل في هذا الشمال، ولكن ذلك لم يحدث بسبب تعدد الفصائل وتعدد اتجاهاتها". وبيّن أن "فصيل فيلق الشام الموجود في الائتلاف الوطني، قتل هذا العام شاباً في مقره في منطقة جنديرس التابعة لعفرين".

وفي السياق، أشار عضو المجلس الوطني الكردي، عبد الله كدو، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "دخول المجلس في إدارة منطقة عفرين يحتاج إلى قرار في اجتماع مركزي لأحزاب المجلس". وبيّن أن قيام المجلس بدور مهم في عفرين ورأس العين "يحتاج إلى اتفاق بين المجلس والائتلاف الوطني والجانب التركي"، مضيفاً: "أنا مع اضطلاع المجلس بدوره في عفرين لأن هذا الأمر يعود بالفائدة للمنطقة ولسورية".

نشاط لرابطة الكرد السوريين المستقلين

ومقابل غياب المجلس الوطني الكردي، تضطلع رابطة الكرد السوريين المستقلين بدور مهم في منطقة عفرين، منذ سيطرة فصائل المعارضة عليها قبل 4 سنوات.

وفي هذا الصدد، أوضح رديف مصطفى، نائب رئيس الرابطة وهي من مكونات الائتلاف الوطني، أن لـ"الرابطة مكتباً في عفرين ولديها كوادر تعمل هناك منذ خروج مليشيا العمال الكردستاني من هناك". وتابع مصطفى في حديث مع "العربي الجديد": "الرابطة تلعب هناك العديد من الأدوار السياسية والمدنية وحتى الخدمية أحياناً ضمن إطار الإمكانية، بالإضافة إلى الدور التوعوي والدفاع عن الناس وحقوقهم وحرياتهم وأملاكهم، سواء أهالي عفرين أو من أهلنا النازحين إلى هناك".

مصطفى: المجلس الوطني اتخذ موقفاً سلبياً من قضية النشاط في عفرين والمناطق المحررة تحت ذرائع غير مقنعة


وبيّن مصطفى أن "المجلس الوطني الكردي اتخذ موقفاً سلبياً من قضية النشاط السياسي في عفرين وكافة المناطق المحررة تحت حجج وذرائع غير مقنعة، أهمها أن هذا النشاط يُعتبر اعترافاً بسلطة الفصائل وبأنها مناطق محتلة". وأردف: "بينما يعمل المجلس علناً في المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الاتحاد الديمقراطي، ويعترف بإدارتها الذاتية والتي تسعى بالقوة إلى إلغاء أي دور للمجلس في شمال شرق سورية".

وتابع: "اعتقد أن المجلس يفعل هذا إرضاء للاتحاد الديمقراطي، وهذا أكبر الأخطاء". ولفت إلى أن "المجلس جزء من قوى المعارضة والثورة السورية، ولكنه يرفض حتى زيارة المناطق التي تقع تحت سيطرة هذه القوى، وممارسة أي نشاط سياسي، إنه تناقض كبير".

المساهمون