غوتيريس: نخشى تحول الضفة الغربية المحتلة إلى غزة أخرى

08 ابريل 2025
أنطونيو غوتيريش في قمة الذكاء الاصطناعي، 11 فبراير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أكد أنطونيو غوتيريس على التزامات إسرائيل كسلطة احتلال لضمان توفير المؤن الغذائية والإمدادات الطبية لسكان غزة، مشيراً إلى أن الحصار الكامل يمنع توصيل المساعدات الإنسانية ويزيد من تفاقم الأوضاع.
- شدد على أهمية وقف إطلاق النار لتمكين إيصال المساعدات وإطلاق سراح الرهائن، وأكد على ضرورة فتح المعابر واحترام حقوق العاملين في الإغاثة.
- دعا إلى تحقيق مستقل في مقتل العاملين في الإغاثة، محذراً من تدهور الأوضاع في الضفة الغربية، ومؤكداً على الحاجة لإنهاء معاناة المدنيين.

قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، اليوم الثلاثاء، إن إسرائيل بوصفها سلطة قائمة بالاحتلال، ملزمة بشكل لا لبس فيه بموجب القانون الدولي، بضمان حصول السكان على المؤن الغذائية والإمدادات الطبية اللازمة، مؤكداً في الوقت ذاته أن الأمم المتحدة غير قادرة على توصيل المساعدات إلى غزة، بسبب الحصار الكامل الذي تفرضه إسرائيل على القطاع. جاء ذلك خلال تصريحات أدلى بها حول الوضع في غزة وفلسطين عموماً، في مقر الأمم المتحدة الرئيسي في نيويورك.

واستهل غوتيريس مداخلته للصحافيين بالقول: "لقد مر أكثر من شهر كامل ولم تدخل إلى غزة قطرة واحدة من المساعدات. لا طعام، ولا وقود، ولا دواء، ولا إمدادات تجارية. وبإغلاق باب المساعدات، أعيد فتح أبواب الفواجع. غزة اليوم ساحة قتل، والمدنيون في دوامة موت لا تنتهي".

وتوقف الأمين العام عند أهمية وقف إطلاق النار ونجاعته "حيث سمح بإطلاق سراح الرهائن، ضمن توزيع المساعدات المنقذة للحياة، وأثبت أن المنظمات الإنسانية قادرة على الوفاء بالتزاماتها". وأشار إلى الإنجازات التي جرى تحقيقها خلال فترة وقف إطلاق النار ووصول المساعدات إلى كل جزء من أجزاء غزة، ومع انهيارها انهار كل ذلك.

وأكد أنه وفي الأوقات العصيبة التي تشهدها غزة "يجب أن نتحلى بالصراحة التامة. صراحة بشأن الوضع الراهن. ففي ظل إغلاق نقاط العبور إلى غزة ومنع مرور المساعدات، حلت الكارثة مكان الأمن ولم تعد لنا قدرة على إيصال المساعدات".

ولفت الانتباه إلى بيان صادر عن عدد من رؤساء المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، أمس الاثنين، واقتبس مما جاء فيه حول تصريحات إسرائيلية تقول إن "هناك الآن ما يكفي من الغذاء لإطعام جميع الفلسطينيين في غزة"، واصفاً إياها بأنها "بعيدة كل البعد عن الواقع على الأرض، وإن الكمية المتاحة من السلع الأساسية تنخفض بحدة".

ثم توقف غوتيريس عند التزامات إسرائيل القانونية كونها قوة قائمة بالاحتلال، وقال إنه "يجب أن نكون واضحين أيضاً بشأن الالتزامات. فإسرائيل، بوصفها السلطة القائمة بالاحتلال، تقع عليها التزامات لا لبس فيها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. حيث إن الفقرة 1 من المادة 55 من اتفاقية جنيف الرابعة تنص على أنه من واجب دولة الاحتلال ضمان حصول السكان على المؤن الغذائية والإمدادات الطبية".

وأشار كذلك إلى أن "الفقرة 1 من المادة 56 من اتفاقية جنيف الرابعة تنص على أنه من واجب دولة الاحتلال أن تعمل (...) على صيانة المنشآت والخدمات الطبية والمستشفيات، وكذلك مؤسسات الصحة العامة في الأراضي المحتلة". وأضاف: "وتنص كذلك على أن يُسمح لأفراد الخدمات الطبية بكل فئاتهم بأداء مهامهم. وتنص الفقرة 1 من المادة 59 من اتفاقية جنيف الرابعة على أنه إذا كان كل سكان الأراضي المحتلة أو قسم منهم تنقصهم المؤن الكافية، وجب على دولة الاحتلال أن تسمح بعمليات الإغاثة لمصلحة هؤلاء السكان وتوفر لهم التسهيلات بقدر ما تسمح به وسائلها".

ولفت غوتيريس الانتباه إلى أن "لا شيء من ذلك يحدث اليوم. فليس ثمة إمكانية لإدخال أي إمدادات إنسانية إلى غزة. وفي الوقت نفسه، تتراكم عند نقاط العبور المواد الغذائية والأدوية ومستلزمات الإيواء، وتظل المعدات الحيوية عالقة هناك". وشدد على "أن القانون الدولي الإنساني ينص أيضاً على الالتزام باحترام موظفي الإغاثة الإنسانية. وأود هنا أن أقول كلمة خاصة في حق هؤلاء الأبطال الذين يعملون في مجال الإغاثة الإنسانية في غزة. فهُم يعملون تحت نيران البنادق ومع ذلك يبذلون كل ما في وسعهم ليواصلوا الطريق الذي اختاروه - طريق إغاثة الناس".

وتحدث عن استعداد وعزم وكالات الأمم المتحدة والشركاء على الوفاء بالتزاماتهم، لكن السلطات الإسرائيلية خرجت في الآونة الأخيرة بـ"آليات ترخيص" لإيصال المساعدات، من شأنها أن تشدد التحكم في المساعدات وتكبلها بقسوة حتى آخر سعرة حرارية وآخر ذرة طحين.

وأضاف "ولأكن واضحاً هنا: نحن لن نشارك في أي ترتيبات لا تحترم المبادئ الإنسانية احتراماً كاملاً: أي مبادئ الإنسانية والنزاهة والاستقلالية والحياد. يجب إفساح المجال لإيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق. ويجب أن يُمنح العاملون في تقديم المساعدة الإنسانية الحمايةَ المكفولة لهم بموجب القانون الدولي. ويجب أن تُحتَرم حرمةُ مباني الأمم المتحدة وأصولِها".

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة مجدداً "إلى إجراء تحقيق مستقل في مقتل العاملين في تقديم المساعدة الإنسانية، بمن فيهم موظفو الأمم المتحدة. ويجب أن نتمسك بمبادئنا الأساسية. فالدول الأعضاء في الأمم المتحدة يجب عليها أن تتقيد بالالتزامات التي يلقيها القانون الدولي على عاتقها. ويجب أن تأخذ العدالةُ والمحاسبةُ مجراها عندما لا تتقيّد بتلك الالتزامات".

وختم بالقول "قد يعجز العالم عن إيجاد كلمات يصف بها ما يجري في غزة، ولكن أبداً لن نهرب من وجه الحقيقة. فالوضع الحالي إنما يسير في طريق مسدود، في حالة لا يمكن البتة تقبلها في حكم القانون الدولي وسجل التاريخ. ولن يزداد الأمر إلا سوءاً في ظل احتمال تحوُّل الضفة الغربية المحتلة إلى غزة أخرى. لقد حان الوقت لإنهاء تجريد المدنيين من إنسانيتهم، ولحماية المدنيين، وإطلاق سراح الرهائن، وضمان تقديم المساعدات المنقذة للحياة، وتجديد وقف إطلاق النار".

المساهمون