"غزة: العيش في مصيدة للموت" تقرير جديد لأطباء بلا حدود

19 ديسمبر 2024
فلسطينيون يحملون جثامين شهداء أطفال في غزة، 19 ديسمبر 2024 (عمر القطا/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تقرير "غزة: العيش في مصيدة للموت" لمنظمة أطباء بلا حدود يبرز علامات التطهير العرقي في غزة منذ أكتوبر 2023، مع تدهور الظروف المعيشية بسبب الهجمات العسكرية الإسرائيلية.
- الأوضاع الصحية في غزة متدهورة، حيث استشهد 45 ألف فلسطيني وتعمل أقل من نصف المستشفيات جزئياً، مع صعوبة إجلاء المرضى طبياً.
- دعت المنظمة المجتمع الدولي لوقف الدعم غير المشروط لإسرائيل ووقف إطلاق النار فوراً، مشددة على الحاجة للمساعدات الإنسانية والطبية لمواجهة آثار العنف والنزوح.

قالت منظمة أطباء بلا حدود إن فرقها الطبية رأت علامات واضحة على ارتكاب التطهير العرقي في غزة، مؤكدة في تقرير بعنوان "غزة: العيش في مصيدة للموت"، صدر اليوم الخميس، أن ما شهدته في القطاع منذ بدء الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 يتوافق مع "التوصيفات التي قدمها عدد متزايد من الخبراء القانونيين والمنظمات، الذين خلصوا إلى أن هناك إبادة جماعية تحدث في غزة". وقالت المنظمة في تقريرها إن "الهجمات العسكرية الإسرائيلية المتكررة على المدنيين الفلسطينيين على مدى الأشهر الأربعة عشر الماضية وتفكيك نظام الرعاية الصحية والبنية التحتية الأساسية الأخرى والحصار الخانق والحرمان المنهجي من المساعدات الإنسانية" تدمر ظروفَ الحياة في غزة.

وقال الأمين العام للمنظمة، الذي زار القطاع المنكوب في وقت سابق من هذا العام، كريستوفر لوكيير: "يكافح الناس في غزة من أجل البقاء على قيد الحياة في ظروف مروعة، ولكن لا يوجد مكان آمن، ولا أحد في مأمن، ولا يوجد مخرج من هذا القطاع الممزق".  وأضاف لوكيير بحسب موقع المنظمة الإلكتروني: "العملية العسكرية الأخيرة في الشمال هي مثال صارخ على الحرب الوحشية التي تشنها القوات الإسرائيلية على غزة، ونحن نرى علامات واضحة على التطهير العرقي حيث يتعرض الفلسطينيون للتهجير القسري والحصار والقصف"، وقال إن الفرق الطبية للمنظمة الموجودة على الأرض منذ بداية الحرب الإسرائيلية شهدت ما "يتوافق مع التوصيفات التي قدمها عدد متزايد من الخبراء القانونيين والمنظمات، الذين خلصوا إلى أن إبادة جماعية تحدث في غزة". وأشار لوكيير إلى أن "علامات التطهير العرقي والدمار المستمر، بما في ذلك القتل الجماعي والإصابات الجسدية والنفسية الشديدة والتهجير القسري والظروف المعيشية المستحيلة للفلسطينيين تحت الحصار والقصف، لا يمكن إنكارها".

وأشار التقرير إلى استشهاد 45 ألف مواطن فلسطيني بحسب وزارة الصحة الفلسطينية منذ بدء الحرب، ضمنهم ثمانية من طواقم أطباء بلا حدود، ويعمل أقل من نصف مستشفيات غزة البالغ عددها 36 مستشفى بشكل جزئي، كما أن نظام الرعاية الصحية في حالة دمار. وخلال "فترة السنة التي يغطيها التقرير، من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى أكتوبر/تشرين الأول 2024، تعرض موظفو أطباء بلا حدود وحدهم لـ41 هجوماً وحادث عنف، بما في ذلك الغارات الجوية والقصف والتوغلات العنيفة في المرافق الصحية، وإطلاق النار المباشر على مراكز إيواء المنظمة وقوافلها، والاحتجاز التعسفي لأفراد من طواقمها من قبل القوات الإسرائيلية. واضطر الطاقم الطبي والمرضى على حد سواء إلى إخلاء المرافق الصحية بشكل عاجل في 17 حادثة منفصلة"، وأشار التقرير إلى أن الإصابات الجسدية والنفسية للفلسطينيين هائلة وتستمر الاحتياجات في الازدياد. ومع تضاؤل خيارات الرعاية الطبية في غزة، "زادت إسرائيل من صعوبة إجلاء الناس طبياً. وبين إغلاق معبر رفح في أوائل مايو/أيار 2024 وسبتمبر/أيلول 2024، سمحت السلطات الإسرائيلية بإجلاء 229 مريضاً فقط، أي ما يعادل 1.6 في المئة من أولئك الذين كانوا بحاجة إليه في ذلك الوقت. وتعدّ هذه قطرة في محيط الاحتياجات".

وتحدث التقرير عن طبيعة حالات إصابة تعاملت معها المرافق التي تدعمها منظمة أطباء بلا حدود، وقال إن "ما لا يقل عن 27 ألفاً و500 استشارة مرتبطة بالعنف و7 آلاف و500 عملية جراحية. ويعاني الناس من جروح الحرب بالإضافة إلى الأمراض المزمنة التي تزداد سوءاً، إذ لا يستطيعون الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية والأدوية. وقد دفع التهجير القسري الذي تقوم به إسرائيل الناس إلى ظروف معيشية لا تطاق وغير صحية حيث يمكن للأمراض أن تنتشر بسرعة". وذكر التقرير أن طواقم المنظمة تعالج حالات عديدة لمصابين بأمراض جلدية والتهابات الجهاز التنفسي والإسهال، محذراً من زيادة هذه الأمراض "مع انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء"، كما لفت التقرير إلى نقص التطعيمات، ما يجعل الأطفال "عرضة لأمراض مثل الحصبة وشلل الأطفال". ولاحظت منظمة أطباء بلا حدود، بحسب التقرير، زيادة في عدد حالات سوء التغذية، "ومع ذلك فمن المستحيل إجراء فحص كامل لسوء التغذية في غزة بسبب انعدام الأمن على نطاق واسع وعدم وجود تدابير مناسبة لتخفيف حدة النزاع".

وعرض التقرير إلى الوضع في شمال القطاع ووصفه بالخطير، لا سيما مع شن الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية في الشمال "تتبع سياسة الأرض المحروقة التي أدت إلى إخلاء مناطق واسعة من السكان وقتل نحو ألفي شخص. ومنذ 6 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حاصرت القوات الإسرائيلية الجزء الشمالي من القطاع، وخصوصاً مخيم جباليا، مرة أخرى. وخفضت السلطات الإسرائيلية بشكل كبير كمية المساعدات الأساسية المصرح لها بدخول الشمال".

وأشار التقرير إلى أن شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي شهد وصول كمية الإمدادات التي تصل إلى قطاع غزة بأكمله إلى أدنى مستوى لها منذ بدء الحرب، حيث "دخل متوسط يومي قدره 37 شاحنة إنسانية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أي أقل بكثير من العدد الذي كان يبلغ 500 شاحنة إنسانية كانت تدخل قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023". ويقول لوكيير: "لأكثر من عام، شهد طاقمنا الطبي في غزة حملة لا هوادة فيها من قبل القوات الإسرائيلية، تميزت بالدمار الشامل والتخريب والتجريد من الإنسانية. وتعرّض الفلسطينيون للقتل في منازلهم وفي أسرة المستشفيات. وجرى تهجيرهم قسرًا مرارًا وتكرارًا إلى مناطق غير آمنة أو غير صحية. ولا يستطيع الناس إيجاد حتى أبسط الضروريات مثل الطعام والمياه النظيفة والأدوية والصابون وسط حصار عقابي".

ودعت منظمة أطباء بلا حدود الدول، لا سيما حلفاء الاحتلال الإسرائيلي، "إلى إنهاء دعمها غير المشروط لإسرائيل والوفاء بالتزامها بمنع الإبادة الجماعية في غزة"، مذكرة بالأمر الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في يناير/كانون الثاني 2023 لإسرائيل بتنفيذ "تدابير فورية وفعالة لتمكين توفير الخدمات الأساسية المطلوبة بشكل عاجل، والمساعدات الإنسانية لمعالجة الظروف المعيشية المتردية التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة"، مشيرة إلى أن إسرائيل لم تتخذ أي إجراء ذي مغزى للامتثال لأمر المحكمة. وبدلاً من ذلك، "تواصل السلطات الإسرائيلية منع منظمة أطباء بلا حدود وغيرها من المنظمات الإنسانية من تقديم المساعدة المنقذة للحياة للأشخاص المحاصرين تحت الحصار والقصف".

وكررت المنظمة دعوتها إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار، وقالت: "يجب أن يتوقف التدمير الكامل للحياة الفلسطينية في غزة. كما تدعو منظمة أطباء بلا حدود إلى الوصول الفوري والآمن إلى شمال غزة للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية إلى المستشفيات. وبينما تواصل منظمة أطباء بلا حدود تقديم الرعاية المنقذة للحياة في وسط وجنوب غزة، فإننا ندعو إسرائيل إلى إنهاء حصارها على الأرض وفتح الحدود البرية الحيوية، بما في ذلك معبر رفح، لتمكين تعزيز نطاق المساعدات الإنسانية والطبية بشكل كبير".

ويشير تقرير أطباء بلا حدود إلى أنه حتى لو انتهت العملية العسكرية الإسرائيلية على غزة اليوم، فإن "آثارها طويلة الأجل ستكون غير مسبوقة، بالنظر إلى حجم الدمار والتحديات الاستثنائية المتمثلة في توفير الرعاية الصحية في جميع أنحاء القطاع". مشيراً إلى أن عدداً "هائلاً" من جرحى الحرب معرض لخطر العدوى والبتر والإعاقة الدائمة، وسيحتاج العديد منهم إلى سنوات من الرعاية التأهيلية، إنّ "الخسائر الجسدية المتراكمة والصدمات النفسية الناجمة عن العنف الشديد وفقدان أفراد الأسرة والمنازل والنزوح القسري المتكرر والظروف المعيشية اللاإنسانية سيبقى أثرها على مدى أجيال".

المساهمون